[issam]

أخي السنونو المهاجر و أخي أبو طـــه

لم تكن هذه أحداثا عشوائية بل كانت مظاهرات و نضالات تؤطرها نقابات و أحزاب وطنية معترف بها و لكن عندما يصير الزمن رديئا الى درجة العفن ، لا تستغرب أن يدفع المواطن ضريبة العيش و الإنتماء الى وطن ، هنا أو في أي مكان أو زمن

نعود الى موضوعنا
في يوم الثامن عشر من شهر يونيو ،كان مرآب شركة النقل الحضري بالدار البيضاء مراقبا و محاصرا من طرف أعداد كثيرة من سلطات أمنية مختلفة ، الجيش ، الدرك ، قوات التدخل ، شرطة بزيهم الرسمي أو بدونه ...لقد كانت السلطات تعلم أن القوة الضاربة للنقابات تكمن في قطاع النقل الذي إن شل فإن المدينة الكبرى كلها ستشل ،مشاركة القطاع في الإضراب كانت حتما سترفع من نسبة نجاحه، مما سيعجل بتوترات و احتجاجات لا يمكن التحكم فيها، كان عليها إذن أن تضع النقل الحضري تحت مجهرها الأمني اليومي ، و هذا ما حدث
و بالفعل منعت السلطات الأمنية شركة النقل من العمل يوم 18 يونيو ، الا أنه بعد ذلك نفس السلطات أجبرت القطاع على العمل و أجبرت الحافلات على الخروج فماذا حدث؟
إن هذا الإضراب الذي دعت اليه النقابة و دعمه حزب الإتحاد الإشتراكي (خارج الحكومة) لم تتقبله الأجهزة الحكومية و الأمنية
لذلك قال وزير الداخلية آنذاك ادريس البصري أن صحيفة المحرر إنسلخت من صبغتها الصحفية لتتحول الى منشور ، و حمل ما نتج عن الإضراب للحزب الذي ـ حسبه ـ كان ينوي إسقاط الحكومة غير الشرعية في نظره ، و استاء حزب الإستقلال المشارك في الحكومة في تلك الظروف ، و غضب الملك الراحل بعد عودته من قمة نيروبي التي ناقشت موضوع الصحراء المغربية و قال في خطاب يوم 10 يوليوز التالي : أما و أن أراكم تفكرون لأن شردمة من الصعاليك لا تتعدى الألفين سيقدمون للمحكمة ، تسببوا في القتل و النهب فهذا أمر لا يدعو الى القلق، حتى لو كان الأمر يتعلق بخمسمائة ألف من الصعاليك . و لقد عشنا من قبل أحداثا مهولة لم تؤثر في مضي عزيمتنا، ما وقع سنة 1965 هل نسيتموه؟ فلمن بقيت الكلمة الأخيرة للشارع أم للمغرب ؟)ن ك
منذ أشهر قام بعض الحقوقيين و الناشطين في مجال حقوق الإنسان بتنظيم وقفة إحتجاجية أمام مقبرة الشهداء تخليدا لذكرى الضحايا لكن عامل الإقليم أبلغهم بالمنع الفوري لأسباب أوحيت له من فوق أهمها الإنفلاتات الأمنية التي قد تقع و احتمال ركوب بعض"المتزمتين"على الحدث
و لأن المنظمين لم يتمكنوا من إخبار المشاركين بالمنع فورا فإن العامل أخبرهم كخطوة أولية الإبتعاد عن المقبرة الى حيث سور مقر الوقاية المدنية حيث يوجد الملعب ، و هناك يمكن تفريق المتجمعين و إخبار القادمين بالمنع ، و هنا أدرك الناس أن العامل لا يعرف شيئا عن أسباب اختيار ذلك المكان و أنه سهل لهم الوقوف عشرة دقائق رمزية في مكان كانوا يبحثون عنه

ببلادي تمنع الوقفات الإحتجاجية و إن كانـت سلمية، و إن كان منظموها مسؤولون ، أو حتى من الحكومة ، مثلما تمتنع السلطات عن ولوج مغرب قيل إنه عهد جديد،و لأن وزارة الداخلية تعرف خلفيات الوقفة بساحة المقبرة ،فقد طوقت كل الأزقة و الشوارع المؤدية للمكان ، كما اعتقلت عضوين من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ... و كان شريط السبت الأسود يعاد الصيف الماضي ، و لكن بأقل الأضرار المادية و البشرية

و حسب الحقوقيين ، فإن حرية التعبير تبدأ و تنتهي عند الدولة في الحديث عن مختفين أو مجهولي مصير ...إلا الكلام عن شيء إسمه مجازر جماعية في المغرب

يؤكد كثير من المغاربة الشهود من الذين شاركوا في إضرابات 1981 ، و الذين ظهر عليهم بؤس إجتماعي إضافي لبؤس ذلك اليوم، أنهم رأوا أشخاصا يرمون بجثت في حفرة محادية للحائط الفاصل بين الملعب و الشارع، يقولون أنهم رأوا جثتا تدفن و أخرى كانت تتحرك ، كانت الروح ما تزال تسري بداخلها و كانت الأيدي و الأرجل تخبط خبط عشواء ..كانوا شبه أحياء ، أو يحتضرون،
إنها صفحة سوداء في تاريخ المغرب ، لم يطلع على حقيقتها إلا رجال دولة من الوزن الثقيل ، فإذا العمال اليوم الذين لا يفقهون شيئا في خبايا و دهاليز الحكم يتذكرون و يحكون لأبنائهم و بطلاقة
عن فاجعة إسمها مقبرة جماعية
و عن شاحنات رآها الناس تدخل الى مقر الوقاية المدنية حيث الملعب ، و أخرى تخرج ليلا، شاحنات محملة بأجساد نساء ،رجال، أطفال سقطوا بدروب و أحياء البيضاء بالرصاص و الضرب ، و آخرون ماتوا اختناقا في مقر المقاطعة
كما يؤكد الشهود أن العمل تواصل تلك الليلة و يقصدون الزيادة في علو الحائط ، كما أن الشوارع ضلت تلك الليالي تحت أعين السلطة التي لا تنام ، و أن حفاري المقبرة الحفرة استعملوا الكشافات الضوئية
و هذه الحفرة و المقبرة الجماعية التي بني فوقها ملعب موجودان لحدود اللحظة، مثلما يضيف بعض النشطاء الحقوقيون أن التحليل العلمي للعشب الذي نبت فوق أو بجوار الحفرة سيمكن من تأكيد الحقيقة المرة :أنه يوجد هنا مقبرة جماعية
........
يتبع