عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 10-09-2005, 06:15 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post أهداف جورج بوش الحقيقية ( 4 )

وعلى الأرجح ان عملية من النوع نفسه ضد العراق تستدعي نشر عشرات الألوف من الجنود في أماكن رئيسية من البلاد تؤازرها عمليات قصف مكثف. ويوضح أحد كبار الضباط لصحيفة “نيويورك تايمز” أنه بخلاف ما جرى في العام ١٩٩١ "لن يكون من الضروري أن نحتل الأراضي لنحمي جوانحنا، بل أن الأمر سيتم بمزيد من الحركة السريعة لقواتنا كي تركز على أهداف محددة” (10). وكما حدث في أفغانستان فإن الاجتياح سيعتمد على استخدام مكثف للوحدات الخاصة تقاتل الى جانب القوات المسلحة المنشقة.

باتت الحرب على الارهاب إذاً تساهم في الجهود الأميركية الهادفة الى تأمين الوصول الى منابع النفط وخصوصاً في منطقة الخليج وفي حوض بحر قزوين. وهكذا تبدو الحرب في أفغانستان وكأنها امتداد للحرب السرية في السعودية الدائرة بين معارضي النظام الملكي الحاكم والعائلة المالكة التي يدعمها الأميركيون.
فمنذ ان قرر الملك فهد إثر اجتياح العراق الكويت في العام 1990، السماح للأميركيين استخدام أراضي بلاده كقاعدة لهم لمهاجمة العراق، نهض بعض المتطرفين السعوديين بقيادة السيد أسامة بن لادن، بحركة نضال سرية تهدف الى اطاحة الملكية والى طرد الأميركيين من البلاد. وبناء عليه فإن الرغبة الأميركية في تدمير شبكة “القاعدة” في أفغانستان تبدو وكأن دوافعها هي ضرورة حماية العائلة المالكة السعودية من أجل ضمان حصول الأميركيين على نفط هذه البلاد (١١).

ويلاحظ تطور من النوع نفسه في المنطقة المحيطة ببحر قزوين. ففي عهد الرئيس كلينتون أقامت وزارة الدفاع علاقات لها مع القوات المسلحة في كل من أذربيجان وجورجيا وكازاقستان وقرغيزستان وأوزبكستان كما بدأت بتأمين السلاح والتدريب لها (12)، لكن منذ 11 أيلول/سبتمبر، تضاعفت هذه الجهود بقوة، فإذا القواعد الموقتة في أوزبكستان وقرغيزستان في طريقها لأن تصبح معسكرات نصف دائمة. كما ان الولايات المتحدة تساعد في "إعادة تأهيل قاعدة جوية ذات أهمية استراتيجية" في قازاقستان.

وبحسب وزارة الخارجية أن الهدف من هذه المبادرة هو " تطوير التعاون بين الولايات المتحدة وقازاقستان إضافة الى إقامة قاعدة عسكرية اميركية مشتركة التسليح في هذه المنطقة الغنية بالنفط” (13) كما أن الولايات المتحدة ستساعد أذربيجان في تكوين أسطول عسكري في بحر قزوين حيث وقعت أخيراً أحداث عدة بين بواخر أذربيجانية للتنقيب عن النفط وبعض البوارج العسكرية الإيرانية. وإذا ما كانت هذه المبادرات تبرر بضرورة تسهيل مشاركة هذه الدول في الحرب على الارهاب فإنها أيضاً تشكل جزءاً من الجهود الأميركية الهادفة الى تأمين محيط محمي لانتاج البترول ونقله.

فأياً تكن النيات الأساسية للزعماء الأميركيين فإن الأولويات الثلاث هذه لدى الحكومة في مجال الأمن الدولي، أي تطوير القدرات العسكرية والتفتيش عن مصادر جديدة للنفط والحرب على الارهاب، قد اندمجت لتشكل هدفاً استراتيجياً واحداً. وسيكون من الصعب أكثر فأكثر تحليل كل من هذه التوجهات على حدة. والطريقة الوحيدة لوصف هذه النزعة الشاملة بالتحديد في الاستراتيجيا الأميركية هي في القول بأنها تشكل هدفاً احادياً يمكن تلخيصه بأنه "الحرب من أجل فرض الهيمنة الأميركية". وإن بدا من المبكر الآن تقويم انعكاسات هذا الدمج في هدف واحد على المدى الطويل، الا أنه يبقى من الممكن القيام بجملة ملاحظات.

فأولاً بمجرد أن تدمج هذه التوجهات فإنها تولد دينامية أقوى مما هي عليه لو انها لم تلتقِ. وفي الواقع من الصعب جداً انتقاد استراتيجيا تتمتع بهذا القدر من الحيوية بالنسبة الى الأمن القومي. فلو أنها عُرضت كلاً على حدة لكان من الممكن أن تُفرض عليها بعض القيود الخاصة. فمثلاً يمكن المطالبة بالحد من الموازنات العسكرية أو بخفض عديد القوات المنتشرة في المناطق الغنية بالبترول. لكن عندما توضع هذه المظاهر جميعاً تحت راية مكافحة الارهاب يصبح من غير الوارد التفكير في مناقشتها، وعندها يصبح من المتوقع أن تلقى سياسة البيت الأبيض بعض الدعم في الكونغرس وفي أوساط الشعب الأميركي.
لكن وللأسباب نفسها تحمل هذه الاستراتيجيا خطراً لا يستهان به للمزيد من التصعيد والمغالاة والتورط. فهي في الواقع قد تفضي الى سلسلة من العمليات العسكرية لزمن لا يمكن تحديده لتصبح أكثر فأكثر معقدة وخطيرة وتتطلب عندها استخدام وسائل وقوات متزايدة دائماً. وهذا هو بالتحديد نوع الاستراتيجيا التي حذّر منها بوش أميركا قبل انتخابات العام 2000 لكن يبدو أنه عازم مذاك على اعتمادها. وعلى كل حال، يبدو أن هذا هو ما يحدث في الخليج وآسيا الوسطى وكولومبيا. ففي هذه الحالات الثلاث هو هذا الدمج بين التوجهات الثلاثة ما يزيد من صعوبة الحد من التورط الأميركي.

والاختبار الأكثر جدية للنموذج الذي يدافع عنه البيت الأبيض قد يتم في العراق. فالرئيس الأميركي لا يخفي عزمه على اطاحة الرئيس صدام حسين وتنصرف وزارة الدفاع الى وضع الخطط للاجتياح الأميركي. وقد حذرتها العديد من الدول العربية من أن هذا الاجتياح قد يوسّع رقعة الفوضى والعنف في مختلف أرجاء الشرق الأوسط. كما ان مسؤولين كباراً في البنتاغون قد أبدوا تحفظاتهم عن التكاليف والمخاطر التي يتطلبها ابقاء وجود أميركي مهم في العراق بعد اطاحة نظام بغداد، لكن لا يبدو أن هذه التحذيرات تلقى آذاناً صاغية في البيت الأبيض الذي يبدو أنه قرر، مهما حدث، مهاجمة العراق.

--------------------------------------------------------------------------------

* أستاذ في جامعة هامبشاير، ماساتشوستس، مؤلف كتاب:

Resource Wars : the New Landscape of Global Conflict, Metropolitan Books, New York, 2001



١ الوثيقة متوافرة على موقع:

www.georgewbush.com/speeches/defense/citadel.asp (2 décembre 1999) .



2 من كلمة ألقيت في قاعدة نورفوك البحرية في 13/2/ 2001. المرجع:

http://www.whitehouse.gov/news/relea...010213-1.html.



3 جامعة الدفاع الوطنية، واشنطن العاصمة، 31/1/2002 المرجع:

www.defenselink.mil/cgi-bin/dlprint.cgi



4 راجع:

National Energy Policy Development Group,Washington, DC, mai 2001, p. x et chap. 8, p. 3.



5 راجع:

U.S. Department of Energy, Energy Information Administration, International Energy Outlook 2002, Washington, DC, 2002, pp. 183, 242.

6 المرجع المذكور آنفاً:

National Energy Policy Development Group,op. cit. chap. 8, p. 41.

7 المرجع السابق، الفصل الثامن، ص 6 .

8 راجع:

U.S. Department of Defense, Quadrennial Defense Review Report, Washington, DC, 30 septembre 2001, p. 4.

9 المرجع السابق، ص:43



10 صحيفة “نيويورك تايمز” في 28/4/2002.

11 المرجع:

'The Geopolitics of War ', The Nation, 5 novembre 2001. Lire aussi ? Line in the Sand: Saudi Role in Alliance Fuels Religious Tension in Oil-Rich Kingdom ?, The Wall Street Journal , 4 octobre 2001.

12 راجع:

Michael Klare, Resource Wars: The New Landscape of Global Conflict, Metropolitan Books / Henry Holt, New York 2001.

13راجع:

U.S. Department of State, Congressional Budget Justification: Foreign Operations, Fiscal Year 2003, Washington, DC, 2002, p. 309.


**-**
تمت مقالة ميكايل كلاير ، أستاذ في جامعة هامبشاير، ماساتشوستس.

شكرا لكل من كتب حول الخارطة الأولى هذه : أهذاف جورج بوش الحقيقية -

و الآن إلى الخارطة عـــــدد 02

و بإنتظار تحاليلكم و وجهات آرائكم .



أخوكم : صلاح الدين القاسمي