عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 04-05-2007, 06:46 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

فكرت كيف كان من السهل أن أنهى عذابى ، بينما الرجال والنساء من عمرى يعيشون طول الوقت فى عذاب دائم بلا حل فى الأفق أمامهم ، ويون أطفالهم أمامهم عراة ضامرة بطونهم منتفخة ، مليئة بالقروح يرفسون الأرض المتربة بضربات ضعيفة . ربما شعرت فى هذه اللحظة بما أنعم الله على ، ولكنى رأيت معاناتهم التى لم أنجح فى واحدة منها .
لقد غيرت فريضة الحج إلى مكة حياة كثير من المسلمين . وربما يكون أكثر الأيام تأثيرا ، هو يوم عرفة حيث يجتمع كل الحجيج فى صعيد واحد بوادى عرفة . يلبسون زيا واحدا لا يفرق بينهم ، يتكلمون بمئات اللغات المختلفة ، مكرسين أنفسهم لدينهم وللإنسانية . يوم يذكر بيوم القيامة يوم الحساب ، حينما تبعث كل البشرية قديمها وحديثها ليوم الفصل ليروا أعمالهم فى هذه الدنيا حسنها وقبيحها . ولقد كان الحج نقطة تحول عظيمة لـ "مالكولم إكس" ، والتى عبر عنها فى الكلمات التالية :::
"فى الأسبوع الماضى ، أصبحت فى ذهول لا أتكلم وانعقد لسانى ، من الحفاوة والمظهر الذى أراه حولى ومن البشر من جميع الألوان .... ربما تصاب بالدهشة مما يصدر منى من كلام ، ولكن ما رأيته فى هذا الحج وما خبرته ، قد أجبرنى على إعادة تقييم استنتاجاتى السابقة .... ربما لو أن الرجل الأمريكى الأبيض قد تقبل وحدانية الله ، ربما كان يتقبل أيضا حقيقة وحدة البشرية ، وكان يتوقف عن القياس وعرقلة وإيذاء الآخرين نتيجة "الإختلافات فى اللون" ... كل ساعة أمضيتها فى الأرض المقدسة "العربية" أعطتنى نظرة روحية داخلية ، أقارن بها ما يحدث بأمريكا بين البيض والسود" .
العمود المتبقى من أعمدة الإسلام الخمسة هو الصلاة . وبالرغم من أن الصلاة الفردية مقبولة ، إلا أن صلاة الجماعة تفضلها ولها الأسبقية . وبالطبع فالصلاة المشتركة كما قرر يسوع فى الإنجيل ، يمكن أن تؤدى للتظاهر بالتقوى ويمكن أن تؤدى بلتقوى فعلا . وقد حذر القرآن الكريم من النفاق كما جاء بالآية "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً {142} سورة النساء" ، وكما جاء بسورة الماعون ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أتباعه بأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرون مرة من صلاة الفرد ، وهذا تقرير يؤكد على قيمة الترابط فى المجتمع .
يقف المصلون فى جماعة فى صفوف منتظمة ، مترابطين الكتف بالكتف والقدم بالقدم وذلك فى بداية الصلاة ، وتتكون الصلاة على أمور رتيبة تتكرر فى دورات من الوقوف والركوع والسجود والجلوس على الأرض بشكل معين . وفى الركعتين الأول فى صلاة الفجر والمغرب والعشاء ، يقرأ الإمام قراءة جهرية ، أما فى صلاة الظهر والعصر فتكون القرآن للقرآن سرية ينفرد بها كل مصل لنفسه .
وعادة ما تكون حركات المصلين فى الركعة الألى غير متزامنة ، ولكنها تأخذ فى التزامن بعد ذلك فى الركعات التالية ويحدث انسياب فى الحركة ويظهر المصلون كأنهم منقادون لأوامر الإمام ، وبذلك تظهر وحدةتهم فى التوجه والهدف والعمل . الخبرة تشبه التنويم المغناطيسى للتوحد . وينهى المصلون صلاتهم بالتحية عن اليمن وعن الشمال . لهذا فالصلاة الإسلامية ، هى تمجيد وإجلال وحشد وترتيل جميل ، وتعليمات ، وحركات ، وإيقاعات حركية ، وطقوس ، كلها تشد المؤمن فى البداية إلى المظهر الخارجى ، ثم تنقله إلى إلى داخله ومناجاة الله سبحانه وتعالى ، ثم الخروج من الصلاة لتحية من عن يمينه ومن عن شماله . فى الحقيقة ، فإن هذا الإيقاع الغير صوفى "mystical converse" والذى يعتمد على ترابط الجماعة يتحقق من هذه الحركات المتزامنة .
أحد الطلاب المسلمين الذين أعرفهم بسان فرانسيسكو ، وجد أن هذه الطريقة فى الصلاة تؤدى إلى التشويش . قائلا لى "لماذا نصلى بهذه الطريقة متلاصقين بعضنا ببعض ؟ ها أنا أريد التركيز فى صلاتى مع الله ولكنى أنشغل دائما عن ذلك بحركات من هم جوارى عن اليمين والشمال" .
قلت له ، بأنك ها قد وصلت إلى ملاحظة هامة تكشف هدف الإسلام من ذلك : فأنت حتى فى الإنغماس الكامل فى عبادتك لا تنسى مجتمعك ولا تنسى جارك عن اليمين والشمال . وبعبارة أخرى ، فإن حياتك الشخصية وحياتك الروحية لا تنفصمان وفى هذا خلاصك فى الدنيا والآخرة .
حاليا هناك أبحاث كثيرة نشرت فى الغرب ، عن أسباب "الصحوة" الإسلامية الجديدة ، محاولين التوصل لأسبابها .
تأثير الحداثة ، والإستعمار ، والإستعمار الحديث ، والإنهزامية وتفكك الإمبراطورية العثمانية ، وسخط المسلمين فى العالم الثالث ، هى عوامل فى بعث هذه الصحوة . لاشك أن لها دخل فى ذلك . وهذه الصحوة الإسلامية العالمية قد أججت معظم الشباب المسلم ، الذين كان الممارسات التاريخية أعلاه هى جزء من تجارب الماضى البعيد فى بلادهم . ولكى نفهم هذه النداءات بإقامة دولة إسلامية ، فيجب أن نعرف بأن المراكز والمساجد والمؤسسات الإسلامية فى الولايات المتحدة وأوروبا تحضضن هذه الدعوة وتغذيها .
وإذا استمعنا إلى خطب الجمعة ، نجد فى صلبها النظرة القرآنية لوحدة البشرية تحت وحدانية الله سبحانه وتعالى . المؤمنون فى هذه المجتمعات الإسلامية ، من بقاع شتى وثقافات مختلفة ، يتعاونون لبناء الحياة الإسلامية فى الغرب . وقد تنشأ توترات لاختلاف الرؤى فى تنفيذ هذا ، ويظهر على السطح أثار ذلك من حين لآخر . ولكن مازال الترابط موجود والأخوة الإسلامية قائمة ، وأقوى من كل هذه التوترات والقوميات والعوائق الثقافية . وجميع المسلمين يون أن الوحدة الإسلامية من الممكن أن تتحقق ، وأن الفرصة مواتية لذلك أقوى من عدة قرون مضت .
وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {10} سورة الحشر