عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-05-2006, 08:07 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الزهرة ربة الحب و الحرب :

عندما ظهر الآشوريون على صفحة التاريخ ، وكونوا دولتهم وإمبراطوريتهم فيما بعد ، فلم تعد ( الزهرة ) إلهة الحب واللذة فحسب ، بل أصبحت أيضا ربة الحرب و الهلاك .. وكونها تظهر في الصباح ( حيث خروج المحاربين للقتال ) وكونها تظهر بالمساء ( حيث خلود الناس لفراشهم ) .. وهنا الدلالات الخاصة .

و يؤكد د . فاضل عبد الواحد (ان فترة سيادة الآشوريين كانت من دون شك ، من أشهر الفترات التي بلغت فيها الآلهة عشتار منزلة عظيمة باعتبارها آلهة الحرب ) .. كما يضيف د . نجيب ميخائيل أنها عبدت ( .. كإله ذكر في الصباح يشرف على الحروب و المذابح ، و أنثى في المساء ترعى الحب والشهوة ، فهي ربة هلوك تسعى وراء اللذة و الإغواء ) والحب الجسدي هبة عشتار ، هي (ربة العشق ) * وهي (ملكة اللذة ) وترتبط عبادتها بالعاهرات المقدسات المعروفات باسم ( عشتاريتو) أي العشتاريات .. ولا يخضع البشر لنزواتها بل الحيوانات كذلك .. ولقد استطاعت أن تطغى على اختصاصات غيرها من المعبودات في سومر وأكد و آشور وهي زوجة لكبار الآلهة )*


ويفسر د . ميخائيل مسألة العهر المقدس التي رافقت عبادة الزهرة ، بأن الزهرة كانت تحتاج الى نساء حولها ليقمن بما تطلبه منهن لزيادة الإخصاب ، فكان كثير من السادة وحتى الأهالي ينذرون نذرا بتقديم فتاة للزهرة للقيام بما تطلبه .. وكان ينظر لتك المسألة نظرة مقدسة غير ما ينظر لها الناس اليوم .

ونجد لدى الباحث المعروف (فراس السواح ) تفسيرا أكثر وضوحا لتلك المسألة .. حيث يرى أن عبادة آلهة الجنس قد عرفت عند معظم شعوب الأرض القدماء .. ففي الميثولوجيا اليونانية ، تنجب الإلهة الأرض (جيا ) إلها جديرا بها هو ( أورانوس السماء) الذي غطاها تماما من جميع جهاتها ، أو أنها بحاجة لقرين يساعدها على الإنجاب وهذا الدور يلعبه إله السماء نفسه .

ولا زال كثير من شعوب الأرض يقلدون ذلك .. فعند بعض طوائف الهندوس ، يهمس العريس بأذن عروسه ليلة الزفاف ( أنا السماء و أنتي الأرض )

وبالرغم كل هذا الشبق الذي قيل عن الزهرة .. من حيث تعدد عشاقها وفتكها المستمر بهم كما حدث مع (تموز) .. كما يحدث مع بعض الكائنات الحية بعد التزاوج ( كذكر النحل الذي يموت بعد التلقيح ) .. فإنه كان يطلق عليها (العذراء) .. والعذراء كما يصف ذلك (فراس السواح) لقبها وجوهرها .. يعني صفة الإخصاب الأبدي ..

ويقدم ( جون . م . اليكارو) تفسيرا لهذا التناقض الغريب في شخصية الزهرة بقوله إن ( خلق الجنين في الرحم في اعتقاد القدماء ، يعتمد على ثلاثة عناصر : الروح ودم الحيض ومني الرجل . ولما كان دم الحيض عند العذراوات أغزر منه بكثير لدى المتزوجات .. فقد اعتقد الأقدمون أن مقدرة العذراء الإخصابية أكثر بكثير من غيرها .. ومن هنا عشتار رمز الخصوبة اعتبرت عذراء .*

ومن الجدير بالذكر أن العذراء كلمة سامية مشتركة في مختلف اللغات السامية ، فمنطوقها الأكدي في الرافدين هو (بتلت) وفي الأوجاريتية (كنعان) بتلت أيضا ، وفي الآرامية (بتولتا) وفي العبرية (بتولا) وفي العربية (بتول ) ..

ـــــــــــ
المراجع :
• السومريون تاريخهم وخصائصهم : صموئيل نوح كريمر ، ترجمة د فيصل الوائلي ، وكالة المطبوعات ، الكويت ص 178
• فراس السواح : مغامرة العقل الأولى ، دار الكلمة ، بيروت 1980 ص 221
• ملحمة جلجامش .. في أكثر من دار نشر .. وممكن العودة لها في نسخة نجيب ميخائيل ص 364
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس