عرض مشاركة مفردة
  #31  
قديم 19-06-2006, 07:19 PM
بايعها بحوريه بايعها بحوريه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
الإقامة: جزيرة العرب
المشاركات: 98
إفتراضي عبر وعظات في موت أسد الفرات

بسم الله الرحمن الرحيم

عبر وعظات في موت أسد الفرات



يولد في اليوم آلاف الناس ويموت آلاف لا يدري عنهم أحد إلا أقرب الناس إليهم ، وقد أصبح الناس اليوم في شغل عن الأهل والجيران والأقرباء الخلان فيموت الرجل ولا يسمع أهل الحي به فضلاً عن أهل المدينة أو القطر !!

لقد كان لموت العظماء أثر بالغ على الناس ، وأعظم وأبلغ أثر كان في موت الإمام القائد القدوة النبي الرسول خليل الرحمن ابا القاسم محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام ، ولم ولن تُفجع الأمة بأحد قبله أو بعده مثله صلى الله عليه وسلم ، وانقضى عهد الصحابة والتابعين فمات من ثُلم الإسلام بموته وبكى على فراقه المسلمون ، وكان السلف يقولون للملوك : بننا وبينكم الجنائز ، فترى الملك يموت ولا يمشي في جنازته إلا من يريد أن يتزلف لمن بعده من أهله ، وإن كان عدوا للذي بعده هجره الناس وتركوا جنازته ، بينما يمشي في جنازة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ألف ألف مسلم يبكون ويدعون الله له الرحمة وقد اقفلت المحال وتوقفت جميع مظاهر الحياة في بغداد ..

كم رأينا من ملك ورئيس أتبع المسلمون تراب قبره لعنات ودعوات بكل عذاب وعقاب ، وكان أخف الناس عليه من ترحم على موتى المسلمين يوري بكلماته ويتجنب بلعنه والدعاء عليه : ذكر ميت بسوء خوف المسائلة ..

إن بيننا وبينهم الجنائز .. بيننا وبينهم المراثي .. بيننا وبينهم دعوات العجائز في الأسحار .. بيننا وبينهم إخلاص الدعاء على المنابر في الأقطار .. بيننا وبينهم دموع المسلمين .. بيننا وبينهم موقف الكفار والمنافقين .. بيينا وبينهم ما بعد الموت من لوعة وشوق وحنين .. بيننا وبينهم دعوات الصالحين عند تعفير الجبين ..

إن في موت العظماء عبر وعظات ، وقلما يموت عظيم إلا وترك للناس ما يجعلهم يعيدون حساباتهم ويغيرون بعض تراتيبهم ، ويترك بعده فراغا ربما لا يسده إلا الجماعة ، وقلما يموت عظيم في التاريخ ويخلفه مثله ..

لقد سقت بعض العبر والعظات في موت أسد الفرات الأمير المعتز بدينة قائد قاعدة الجهاد في أرض الرافدين عضو مجلس شورى المجاهدين قائد المهاجرين وسيد المرابطين أحمد بن فضيل الخلايلة الملقب بأبي مصعب الزرقاوي رحمه الله وطيّب ثراه ..


العبرة الأولى:

قال تعالى { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح : 29)، قال ابن كثير رحمه الله "ومن هذه الاَية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه , في رواية عنه , بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال : لأنهم يغيظونهم ومن غاظَ الصحابةُ رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الاَية , ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك" (تفسير ابن كثير) ، ويرى المرء التطابق العجيب بين موقف الكفار والروافض من الصحابة وموقفهم من خبر مقتل الأمير أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله ، فأهل البدع لا يكونون أشداء على الكفار رحماء مع المسلمين ، وإنما هذا شأن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، وروافض لبنان والعراق والجزيرة وفارس رقصوا طربا مع الصليبيين واليهود لمقتل هذا القائد الفذ الذي كان شديدا على الكفار رحيما بالمؤمنين على جبينه أثر السجود ، أُعجب به المسلمون وأبغضه الكافرون :

حمَّـالُ ألويـةِ الجهـادِ مظـفـرُ ... خـرَّتْ لـه الشـمُّ الكمـاة تحطُّـمـا
أسد هصور فـي الوقيعـةِ باسـلٌ ... لـغـةُ السـيـوفِ إذا أراد تكـلّـمـا
بردٌ على الأدنـى يريـقُ دموعَـه ... سـحَّ الثكالـى الراجـفـاتِ ترحُّـمـا
وإذا الأيامـا النازفـات ندبـنـه ... جنّـا رأيـتَ علـى الجيـاد مُحمحِمـا
فيذيقهـم طعـم المنـون بفتكـه ... لتخـرَّ أسقفُـهُـم لـظـىً متفحـمـا

رحم الله من أحيا بحياته آيات في كتاب الله كانت معانيها غائبة عن الناس ، وأزاح بموته الستار عن معاني في كتاب الله كانت نسيا منسيا ، وبمثل هذا تُحيى السنن ..


العبرة الثانية:

عندما أعلن الإعلام العالمي عن التخصيب الإيراني لليورانيوم ارتفع سعر النفط نصف دولار للبرميل في اليوم التالي ، وعندما أعلنت أجهزة الإعلام خبر مقتل القائد الأمير أبو مصعب الزرقاوي – رحمه الله وتقبله في الشهداء - انخفض سعر النفط دولارا واحدا للبرميل في اليوم التالي ، أي أن خطر الأمير أبو مصعب الزرقاوي أعظم مرتين من خطر سلاح إيران النووي بشهادة العالم .. ثم بعدها بيومين ارتفع سعر النفط دولارا للبرميل اثر هجمات شنها المجاهدون في العراق ، مما ينبئ بعدم يأس أهل الجهاد وحضورهم في الساحة وإن غاب عنهم أمثال أسد الفرات أبو مصعب ، وأن الكفار يخشون إخوان أبا مصعب كما كانوا يخشونه رحمه الله وتقبله في الشهداء ..


العبرة الثالثة:

الملاحظ لتعقيبات ومشاركات وكتابات المسلمين بعد مقتل أسد الرافدين المعتز بدينه الأمير الزرقاوي رحمه الله وتقبله في الشهداء يرى غياب الجزم بالشهادة له واكتفاء الكتّاب بالترحم عليه وسؤال الله الشهادة له ، وكأنه بموته رحمه الله أمات هذه البدعة ، فهذا هو الصحيح الذي ينبغي للمسلمين معرفته ، فالمقتول في ساحات الجهات لا يُجزم له بالشهادة ، والجزم لا ينفعه ، والذي ينفع الميت هو الدعاء له بالرحمة والشهادة ، وهذا أفضل من الجزم الذي لا طائل منه والذي هو من الرجم بالغيب . خطب عمر رضي الله عنه بالناس فقال "تقولون في مغازيكم : فلان شهيد ومات فلان شهيداً ، ولعله قد أوقر راحلته ، لا تقولوا ذلك ، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "من مات في سبيل الله أو قُتل فهو شهيد" (حسن : رواه أحمد) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "الله أعلم بمن يجاهد في سبيله ، والله أعلم بمن يُكلم في سبيله" (البخاري) ، والعتب على من يطلق - هذا اللقب الذي هو من أعظم الألقاب بعد النبوة والصديقية - على من شاء ، وكثير من الناس يقول : الشهيد سيد قطب والشهيد أحمد ياسين ، والشهيد عزام ، والشهيد خطاب (رحم الله الجميع) ، وهذا جزم من القائل بالجنة لهؤلاء ، بل بمنزلة عالية في الجنة لأناس لم ينزل فيهم قرآن أو يأتي فيهم خبر من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لو قيل "سيد قطب رحمه الله وتقبله في الشهداء" لكان أسلم للمرء وأنفع لسيّد وإخوانه رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته ..


العبرة الرابعة :

لقد حاول الكفار الأمريكان ومواليهم الإستفادة من مقتل الأمير رحمه الله ، فخرجوا بأخبار وأكاذيب وقصص عن موته ليرفعوا معنويات جنودهم المنهارة وليغيظوا المسلمين ، والواقع وخبر مجلس شورى المجاهدين يكذّب ما ذهبوا إليه من ادعاءات ، فالأمير قُتل في البيت قبل وصول الأمريكان ، ولم يكن الكفار يعرفون بوجوده قبل موته ، فالأمر قدر من الله واختيار ، وهذا ما يجب أن يؤمن به المسلمون ، فعلينا الرضى بقضاء الله وقدره واختياره .. لم تلمس أيدي الكفار القذرة جسَدَ الأمير الطاهر إلا بعد موته رحمه الله ، ولو كان به رمق لما اقترب منه كافر واحد جبنا وخورا ، فقد كان رحمه الله يستنكف أن يلمس الأنجاس إلا ذابحا .. رحم الله أمير الإرهابيين حيا وميتا ..

أمجندلا تُخشى وسيفك مغمدا ... والروح قد عادت إلى الرحمن
أيصول جثمان الهزبر بسيفه ... ام أرهبوا من مدرج الأكفان
أرعبتهم حيا وميتا سيدي ... عجبا لذاك السيف والجثمان


العبرة الخامسة :

لقد أشعل الأمير بموته - رحمه الله - جذوة الهمة والشجاعة في قلوب البقية الباقية من العلماء والمصلحين فخرج بعضهم ينعى الأمير للمسلمين ويترحم عليه علنا في وقت يسجن فيه المسلم لمجرد تفكيره في مخالفة هوى الكفار ، فكانت حياة الأمير قمة وموته للمسلمين همّة ، رحمه الله تعالى وتقبله في الشهداء ..

العبرة السادسة :

بعد مقتل الأمير رحمه الله ، خرج الكفار من جحورهم في عمليات وهمية واستعراض للعضلات ، فأخذوا يكذبون ويبالغون في أرقام خسائر المسلمين بكل وقاحة ، فزعموا أسر المئات وقتل المئات من المجاهدين وكأن المجاهدين اصطفوا بعد موت أميرهم في وادٍ مكشوف ليقتلهم هؤلاء !! فسبحان الله كيف لم يجرؤ الكفار حتى على مثل هذا الكذب والأمير حي رحمه الله وتقبله في الشهداء ..

__________________