عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 31-07-2006, 07:27 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي الشبهة الرابعة :

الشبهة الرابعة :
طعنهم في الحكام بحجة أنهم أدخلوا المشركين جزيرة العرب !


والحديث الآمر بإخراجهم أخرجه :
البخاري ( 3053 ، 3168 ، 4431 ) ومسلم ( 4208 ) وغيرهما ؛ من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - .
ولفظه :
« أخرجوا المشركين من جزيرة العرب » .

أقول :
ويتّخذ البعض - من فهمه الخاطيء - لهذا الحديث سبيلاً لـ :
- الطعن في الحكام ؛
- أو لإسقاط أحقيتهم في الحكم ؛
- أو لنبذ بيعتهم ؛
- أو لتوهين أمر طاعتهم ؛
- أو للافتيات عليهم ومباشرة إخراج المشركين من جزيرة العرب بالطرق غير المشروعة ؛
ولأجل هذا كلّه يقال :


الرد على الشبهة

1. يجب إخراج المشركين من جزيرة العرب لدلالة الحديث النبوي على ذلك ؛ ولكن هذا الوجوب ليس على إطلاقه ؛ إذ هو محمولٌ على :
- ألاّ تكون لهم إقامة دائمة في جزيرة العرب .
- أو على منع قيام شعائر دينهم .
فلا يدخل في هذا الأُجراء ، ولا أصحاب العهد ، ولا من أُعطوا الأمان .

2. أنه لا يجوز الافتيات ولا التعدّي على صلاحيات وليّ الأمر ؛
إذ إن المخاطَب بإخراج المشركين من جزيرة العرب هو : وليّ الأمر ؛
ومن ثمّ فإنه إن قصّر في هذا وأدخلهم بلا حاجةٍ فإن السبيل هو نصحه وتوجيهه بالطرق الشرعية لا بأن يقوم من أرادَ إخراجهم بمباشرة هذا الإخراج .

ثم قد يقال :
إن آحاد المسلمين مخاطبون بهذا الإخراج ، ولكن في حدود ما يخصُّهم ؛ بحيث لا يستقدمون المشركين ما وجدوا إلى الاستغناء عنهم سبيلاً .

3. مع أنه وقع الخلاف في تحديد المراد بجزيرة العرب في الحديث ؛
إلا أن الفقهاء متّفقون على أنها ليست هي الجزيرة العربية التي في اصطلاح الجغرافيين - وهو ما وقع فيه المخالفون - ؛ قال النووي - رحمه الله - ( شرحه جزء 11 – 12 ص 95 تحت الحديث رقم : 4208 ) :
« لكنّ الشافعيَّ خصّ هذا الحكمَ ببعض جزيرة العرب ، وهو : الحجاز ، وهو(10) - عنده - :
مكة والمدينة واليمامة وأعمالها ، دون (11) اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب » انتهى .

بل قال ابن حجر عن قول الشافعي ( الفتح 6/198 تحت الحديث رقم : 3053 ) أنه :
« مذهب الجمهور » .

وفي اختيارات ابن تيمية - رحمه الله - ( البعلي ص 264 ) :
« ويُمنعون من المقام في الحجاز ، وهو : مكة والمدينة واليمامة والينبع وفدك وتبوك ونحوها وما دون المنحني . وهو عقبة الصوان من الشام كمعان » انتهى .

و قال ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 22/235 ) :
« . . . وهكذا إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي : الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد الذي لم يبلغه ملك فارس والروم من جزيرة العرب - . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 28/630 ) :
« وقد أمر النبي في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي الحجاز - فأخرجهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من المدينة وخيبر وينبع واليمامة ومخاليف هذه البلاد » انتهى .

ولقائلٍ أن يقول :
ما الدليل على بطلان حمل الحديث على جزيرة العرب التي في اصطلاح الجغرافيّين ؟

فالجواب :
ما حكاه ابن حجر - رحمه الله - من اتّفاق العلماء على إخراج اليمن من الحكم النبويّ ، مع أنها داخلة في جزيرة العرب عند الجغرافيين ؛ قال - رحمه الله - عن جزيرة العرب ( الفتح 6/198 تحت الحديث رقم : 3053 ) :
« . . . لكن الذي يُمنع المشركون من سُكناه منها : الحجاز خاصّة ؛ وهو : مكة والمدينة واليمامة وما والاها ، لا فيما سوى ذلك مما يُطلق عليه اسم جزيرة العرب ؛ لاتّفاق الجميع على أن اليمن لا يُمنعون منها مع أنها من جُملة جزيرة العرب » انتهى .

أقول :
فخروجها عن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - مع دخولها في حكم الجغرافيين ؛ دليل قاطع على تباين الحكمين وسقوط الاستناد على الاصطلاح الجغرافي في فهم المراد النبوي .
فاحفظ هذا فإنه مهم .

4. ويقال - على سبيل التنزُّل - :
لو فرضنا أن الحكام أدخلوا المشركين جزيرة العرب !
ولو فرضنا أن إدخال ولاة الأمور لهم ليس لحاجةٍ !
ولو فرضنا أنهم مخالفون للأمر النبوي في هذا الإدخال !
فإنه لا يعدو أن يكون عصياناً من وليّ الأمر ،
وليس بأمرٍ كفريّ يبيح لنا الخروج عليه ولا مباشرة ما من شأنه التمهيد للخروج !
وأنا لا أُهوّن من شأن المعصية ؛ ولكنني أتحدث عن الأمور المُكفّرة .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب ليس على إطلاقه
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 2/450 ) :
« . . . أما في الجزيرة العربية :
فالواجب أن يُمنعوا من دخولها ، وأن لا يُبقَوا فيها ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بقائهم فيها وأمر أن لا يبقى فيها إلا الإسلام وأن لا يجتمع فيها دينان وأمر بإخراج اليهود والنصارى وغيرهم من الجزيرة ؛ فلا يدخلوها إلا لحاجة عارضة ثم يخرجون ؛ كما أذن عمر للتجار أن يدخلوا في مُدد محدّدة ثم يرجعون إلى بلادهم ؛ وكما أقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود على العمل في خيبر لمّا احتيج إليهم ، ثم أجلاهم عمر .
فالحاصل :
أن الجزيرة العربية لا يجوز أن يُقرّ فيها دينان ؛ لأنها معقل الإسلام ومنبع الإسلام ؛ فلا يجوز أن يقرّ فيها المشركون إلا بصفة مؤقتة لحاجة يراها وليّ الأمر . . . » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 3/286 ) :
« . . . فعلى الحكام في السعودية وفي الخليج وفي جميع أجزاء الجزيرة ؛ عليهم جميعاً أن يجتهدوا كثيراً في إخراج النصارى والبوذيين والوثنيين والهندوس وغيرهم من الكفرة ، وألاّ يستقدموا إلا المسلمين . . . أما الكفار فلا يستخدمهم أبداً إلا عند الضرورة الشرعية ، أي : التي يقدرها ولاة الأمر ، وفق شرع الإسلام وحده » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن دخول الكفار المسجدَ النبويَّ بالمدينة ( الموقع الرسمي على الانترنت ، نور على الدرب ، الولاء والبراء ، دخول غير المسلمين المساجد ) :
« وأما بقية المساجد فلا بأس من دخولهم للحاجة والمصلحة ، ومن ذلك المدينة وإن كانت المدينة لها خصوصية ، لكنها في هذه المسألة كغيرها من المساجد ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها الكافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقرّ وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا ، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام ؛ فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك , وهكذا بقية المساجد من باب أولى إذا كان لحاجة ، إما لسؤال ، أو لحاجة أخرى ، أو لسماع درس ليستفيد ، أو ليسلم ويعلن إسلامه ، أو ما أشبه ذلك » انتهى .

وقال - رحمه الله - عن دخول الكفار جزيرة العرب للتجارة ( الموقع الرسمي على الانترنت ، نور على الدرب ، الولاء والبراء ، التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء ) :
« لكن إذا قدموا لتجارة ثم يعودون ، أو بيع حاجات على المسلمين ، أو قدموا إلى ولي الأمر برسالة من رؤسائهم ؛ فلا حرج في ذلك ؛ لأن رسل الكفار كانوا يقدمون على النبي في المدينة عليه الصلاة والسلام ، وكان بعض الكفار من أهل الشام يقدمون على المدينة لبيع بعض ما لديهم من طعام وغيره » انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( الباب المفتوح 2/368 لقاء 39 سؤال 1055 ) :
« أما قولـه - صلى الله عليه وسلم - ( لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ) ؛ فالمعنى :
لا تقام شعائر الكفر في جزيرة العرب . يعني - مثلاً - لا تُبنى الكنائس ولا يُنادى فيها بالناقوس وما أشبه ذلك . وليس المعنى أنه لا يتديّن أحدٌ من الناس في نفسه . بل المراد أنه لا يكون لهم كنائس أو معابد أو بـِيـَع كما للمسلمين مساجد .
وأما قوله ( لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) ؛ فالمراد منها : السكنى .
وأما الأُجراء وما أشبه ذلك فلا يدخلون في هذا ؛ لأنهم ليسوا قاطنين بل سيخرجون .
وأما إبقاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر فيها ؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يُبقهم إبقاءاً مطلقاً عامّاً ، بل قال : ( نقرّكم فيها ما شئنا ) ؛ يعني : إلى أمد . وهذا الأمد كان لانتهائه سببٌ وذلك في عهد عمر - رضي الله عنه - حيث اعتدوا على عبد الله بن عمر وعلى الرجل الذي بات عنده ولم يوفوا بما عليهم فطردهم عمر - رضي الله عنه - » انتهى .

وقال - رحمه الله - لمّا سئل عن حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية ( فتاوى أركان الإسلام ص 187 سؤال 98 ) :
« . . . لكن استقدامهم للحاجة إليهم بحيث لا نجد مسلماً يقوم بتلك الحاجة ؛ جائز بشرط أن لا يُمنحوا إقامة مطلقة . . . » انتهى .

بيان أن دور آحاد الناس في الإخراج يختصّ بما تحت أيديهم من الصلاحية
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 2/451 ) :
« . . . ويجب على الرعية في الجزيرة العربية أن يساعدوا ولي الأمر ،
وأن يجتهدوا مع ولي الأمر في :
- عدم جلب المشركين ،
- وعدم التعاقد معهم ،
- وعدم استعمالهم في أي عمل ،
- وأن يُستغنى عنهم بالعُمّال المسلمين ؛
فإن في ذلك كفاية » انتهى .

ولـه - رحمه الله - رسالة في تحذير المواطنين في الجزيرة العربية من استقدام غير المسلمين ختمها بقوله ( فتاواه 8/356 ) :
« فأوصي إخواني جميعاً في هذه الجزيرة بـ :
- الحذر من استقدام الكفار من النصارى والهندوس وغيرهم ،
- والتواصي بذلك ،
- وأن يعتاضوا عنهم بالمسلمين . . . » انتهى .

بيان المنع من الافتيات على ولي الأمر فيما هو من صلاحياته
قال ابن تيمية - رحمه الله - عن المحتسب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( الفتاوى 28/69 ) :
« . . . وأما المحتسب فله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان ونحوهم » انتهى .

وقال في موضعٍ آخر ( الفتاوى 28/109 ) :
« . . . فإن المحتسب ليس له القتلُ والقطعُ » انتهى .

أقول :
يقصد - رحمه الله - أن إقامة الحدود ليست من أعمال المحتسب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا هي من صلاحياته .

بيان أن المعاصي لا تبيح الخروج على وليّ الأمر
تقدم نقل كلام :
- النووي ،
- وابن حجر ،
- وابن باز ،
- وابن عثيمين - رحمهم الله - ؛
فراجعه في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية