عرض مشاركة مفردة
  #29  
قديم 07-02-2007, 07:19 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

استطاع صدام حسين أن يقرأ كتاب الخميني بقدرة فائقة:

أكثر ما حرص عليه صدام حسين منذ تسلم المسؤولية الأولى في الحزب والدولة، وقبل ذلك أيضا، أن يتجنب الحرب مع نظام خميني، ليس ضعفا أو خوفا بل حقنا للدماء ورغبة في التعايش السلمي مع الجيران ..

وكان الرئيس عندما يتحدث مع رفاقه، يتنبأ، بل يقرأ كتاب خميني المفتوح أمامه، حتى قبل أن ينطق خميني بكلمة .. ومع ذلك أرسل الرئيس إشارات تحمل التهنئة و المباركة بالثورة الإيرانية، ودعا في رسائله ومن خلال مبعوثيه الى تحسين العلاقات و تطويرها بين البلدين الجارين المسلمين ..

وكانت النتيجة أن سخر خميني من تلك الإشارات واعتبرها دلالة خوف وضعف من طرف العراق، فبادر لإزالة ما يظهر الحبر السري عن الكلمات التي قرأها صدام حسين قبل كتابتها.. فأخذ يهدد ويتوعد ويطالب بعودة مُلكية البصرة والبحرين وغيرها من مناطق الخليج العربي .. واعتبر أن البدء في التهام العراق الذي يعتبر الصخرة الصلبة في طريقه لالتهام ما يحيط به من بلاد العرب الخطوة الأولى والأساسية لتصدير ثورته والسيطرة على المنطقة، وفق أحلام غيره ممن سبقوه من الفُرس .. فتصاعدت كما أسلفنا الخطابات النارية والاعتداءات الفعلية .. وتم اتخاذ قرار بقتل صدام حسين من قبل عملاء خميني في العراق .. وكان القائد يقرأ لرفاقه منذ اليوم الأول لاتخاذ القرار الصعب كل ما يدور في رأس خميني, وظل يذكر رفاقه بمراهنات الخميني ونظامه حتى انتهت الحرب، فما كانت مراهنات خميني التي قرأها القائد؟ :
1ـ الرهان على دور عملائهم في الداخل ..
2ـ الرهان على الطائفية، وعلى الوحدة الوطنية، والجبهة الداخلية في العراق وعلى تماسك الجيش العراقي..
3ـ الرهان على ضعف وانهيار معنويات العراقيين والقوات المسلحة بإطالة أمد الحرب..
4ـ الرهان على انهيار الوضع الاقتصادي في العراق!
5ـ الرهان على أن نفوس إيران هي ثلاثة أضعاف نفوس العراق، مما يمكنهم من الغلبة!
6ـ الرهان على دور خطب خميني ونداءاته الموجهة للعراقيين، وعلى دور وسائل الإعلام بصورة عامة في إحداث خلخلة في المجتمع العراقي، تساعدهم على تحقيق الانتصار، واحتلال العراق والهيمنة عليه..

ماذا كانت النتيجة؟ .. نعلم أن كل نقطة من النقاط السابقة تحتاج لحديث مطول، إذا ما أردنا استعراضها والوقوف على تفاصيلها .. لكن أي مراقب متوسط الدراية يعرف جيدا أن كل محاولات خميني ونظامه قد باءت بالفشل.

من كان مسئولا عن إطالة أمد الحرب؟

وبعد أن تصاعدت وتيرة التصريحات، والتي تحولت الى عدوان فعلي، حيث كان هناك 249 خرقا جويا، و 244 اعتداء مسلح ،سجل العراق في الأمم المتحدة 293 شكوى ومذكرة احتجاج * 1 لاعتداءات الفرس في (بدرة، ومندلي، وزرباطية، والنفط خانة) واعتداءات أخرى وتفجيرات في جامعة المستنصرية أدت الى استشهاد العديد من الطالبات والطلبة ..

وكون العراق الذي يفهم من اسمه أنه (الأرض المنخفضة) تقع الكثير من مدنه وقصباته على مرمى المدفعية الإيرانية، وحيث كانت الجيوش الإيرانية قد تموضعت في وضعية قتال على الحدود، كان لا بد من نقل المعركة الى أرض المعتدين، حماية لمدنه وشعبه، فتوغل ما يقارب الثمانين كيلومترا في الأراضي الإيرانية .. ليفهم العدو بعبثية تحرشه بالعراق. وتأكيدا على هذا المفهوم فقد قبل العراق بقرار مجلس الأمن (598) الصادر في 28/9/1980، أي بعد اندلاع المعارك الفعلية بستة أيام .. في حين رفضه خميني واعتبر أن مراهناته سائرة في طريقها الصحيح ( وهي إطالة أمد الحرب وعدم قدرة العراق على الصمود).

وقد استطاع العراق بقبوله ذلك القرار أن يزيل الغشاوة عن عيون الكثير من الأشقاء والأصدقاء الذين رموه بتهمة الابتداء بالحرب جزافا. ولكن خميني الذي كان يضلل العرب والمسلمين بأن ثورته الإسلامية هي لنصرة المظلومين والمستضعفين من المسلمين، قد حاول أن يتذاكى فاشترط سحب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية. فكان القرار التاريخي من الرئيس صدام حسين بسحب قواته من الأراضي الإيرانية في صيف عام 1982، تأكيدا لرغبته في السلم والتعايش الكريم مع الجيران الفرس، لكن خميني استغل ذلك بنذالة غير مسبوقة عندما حاول تحسين موقفه العسكري (كمكر وخديعة عسكرية) في التقدم في بعض الجيوب العراقية، كما تسلل بعض عملائه لمنطقة (الدجيل) لاغتيال الرئيس في العملية التي حوكم من أجلها القادة الشرعيون في العراق، وسخر من زيفها كل شريف في العالم.

القائد يزهو بانتصار العراق ..

لم تكن حرب الثمانية سنوات اعتيادية، فهي من حيث طولها تعتبر ثاني أطول حرب في التاريخ .. وهي من حيث نتائجها التي تركت غصة ولوعة في نفوس الفرس، نشاهد اليوم مدى انحطاطهم في ترجمة غلهم وحقدهم في التنكيل من كل عراقي شريف تصل أيديهم إليه بخسة ودناءة، حيث مهدوا و عاونوا وساندوا عدوا خارجيا ليستقووا به هم ومن امتلأ صدره حقدا وغيظا ولم يرق له أن يرى أنموذجا عربيا وطنيا يسجل في سفره انتصارا تاريخيا، خلت صفحات التاريخ العربي الحديث من مثيله ..

وقد كان الرئيس الذي لم يقطع زياراته لجبهات القتال ولم يقطع زياراته للمواطنين في مدنهم وقراهم و قصباتهم و جبالهم .. يزهو في تحول العراق لدولة قوية بعلمائها وأطبائها و مهندسيها ونسائها و ضباطها وجنودها، ومخترعيها وجامعاتها .. ونظافة شوارعها، رغم طول عمر الحرب، وحسن هندام وانضباطية الجنود .. وقارن بسؤاله للصحافيين: هل رأيتم بحياتكم عن دولة خاضت حربا بمدة طويلة كهذه، شوارعها بتلك النظافة، وجامعاتها تزداد اتساعا وعمرانها يزداد شموخا ..

لقد سقطت رهانات خميني .. وازداد العراق قدرة وقوة، وطور صناعاته بكل ثقة بما فيها العسكرية .. وقد أقلق هذا الوضع الغرب كثيرا، فأصبح هذا النموذج خطرا لا يمكن السكوت عليه ..

المراجع:

*1ـ التآمر على العراق / زهير صادق الخالدي/ ط1/1988
__________________
ابن حوران