عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 31-05-2007, 01:00 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Lightbulb


أخوتي الأفاضل ...
زميلي كريم ...

لقد أحببت أن أرد على موضوع الولاية والذي أنت طرحته في ردك (أرجو الرجوع إليه ثانية)...
أما مما سبق نرى أن حديث الثقلين التي صح سندها صح متنها، وأن الروايات الثمانية التي تأمر بالتمسك بالعترة إلى جانب الكتاب الكريم لم تخل واحدة منها من ضعف في السند، وفى متن هذه الروايات نجد الإخبار بأن الكتاب وأهل البيت لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أجل هذا وجب التمسك بهما . ولكن الواقع يخالف هذا الإخبار، فمن المتشيعين لأهل البيت من ضل وأضل، وأكثر الفرق التي كادت للإسلام وأهله وجدت من التشيع لآل البيت ستاراً يحميها، ووجدت من المنتسبين لآل البيت من يشجعها لمصالح دنيوية، كأخذ خمس ما يغنمه الأتباع، وفرق الشيعة التي زادت على السبعين كل فرقة ترى أنها على صواب، وأن غيرها قد ضل إن لم يكن قد كفر! ولسنا في حاجة إلى إثبات هذا القول، فالكتب التي تبحث في الفرق، وكتب الفرق ذاتها تبين هذا، والجعفرية مثلاً عندما يشترطون للإيمان عقيدتهم في الأئمة الاثنى عشر يخرجون الأمة كلها من الإيمان! وعقيدتهم هذه لا يسندها نص واحد من كتاب الله تعالى كما رأينا، فإذا أمرنا بالتمسك بأهل البيت فبمن نتمسك؟ أبكل من ينتسب لأهل البيت! وإن تركوا كتاب الله وسنة نبيه! بالطبع لا .
إذن عدم الضلال يأتي من التمسك بالكتاب والسنة، وإذا تمسك أهل البيت بهما كان لهم فضل الانتساب مع فضل التمسك واستحقوا أن يكونوا أئمة هدى يقتدي بهم كما قال تعالى:-
"وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" أي أئمة نقتدى بمن قبلنا، ويقتدي بنا من بعدنا، ولا يختص هذا بأهل البيت ولكن بكل من يعتصم بالكتاب والسنة .
فالروايات التي ضعف سندها لا يستقيم متنها كذلك، وهذا ضعف آخر، ومع هذا كله فلو صحت هذه الروايات فإنها لا تدل على وجوب إمامة الأئمة الاثنى عشر وأحقيتهم للخلافة .
قال العلامة المناوى في فيض القدير (3/14): " إن ائتمرتم بأوامر كتابه، وانتهيتم بنواهيه، واهتديتم بهدى عترتى، واقتديتم بسيرتهم، اهتديتم فلم تضلوا .
قال القرطبى : وهذه الوصية، وهذا التأكيد العظيم ، يقتضى وجوب احترام أهله، وإبرازهم وتوقيرهم ومحبتهم ، وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها " .
ثم قال المناوى بعد هذا (3/15): لن يفترقا : أي الكتاب والعترة، أي يستمرا متلازمين حتى يردا على الحوض : أي الكوثر يوم القيامة .
وقال ابن تيمية بعد أن بيَّن أن الحديث ضعيف لا يصح : "وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة . قالوا : ونحن نقول بذلك كما ذكر ذلك القاضى أبو يعلى وغيره" .
وقال أيضاً : "إجماع الأمة حجة بالكتاب والسنة والإجماع، والعترة بعض الأمة، فيلزم من ثبوت إجماع الأمة إجماع العترة" .
بالنظر في هذه الأقوال، وبتدبر متن الحديث ، نقول :
يجب ألا يغيب عن الذهن المراد بأهل البيت، فكثير من الفرق التي رزئ بها الإسلام والمسلمون ادعت أنها هي التابعة لأهل البيت .
أهل البيت الأطهار لا يجتمعوا على ضلالة، تلك حقيقة واقعة، ونلحظ هنا أنهم في تاريخ الإسلام لم يجتمعوا على شىء يخالف باقي الأمة، فالأخذ بإجماعهم أخذ بإجماع الأمة كما أشار ابن تيمية .
إذا نظرنا إلى أهل البيت كأفراد يتأسى بهم، فمن يتأسى به منهم، ونتمسك بسيرته، لابد أن يكون متمسكاً بالكتاب والسنة، فإن خالفهما فليس بمستحق أن يكون من أهل البيت .
وكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فعند الخلاف نطبق قول الله :-
"فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ "
فمن الذي نؤمر باتباعه في عصرنا هذا على سبيل المثال؟
أبإحدى الفرق التي تنتسبب آل؟ أم بجميع الفرق وكل فرقة ترى ضلال غيرها أو كفره؟ أم بنسل آل البيت من غير الفرق؟!
فرق كبير بين التذكير بأهل البيت والتمسك بهم، فالعطف على الصغير، ورعاية اليتيم، والأخذ بيد الجاهل، غير الأخذ عن العالم العابد العامل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

هذه الرواية سندها ضعيف، إلا أن متنها صحيح وهو : "من كنت مولاه فعلى مولاه"، والروايات الأخرى تؤيده، كما أنه روى بطرق مختلفة عن غير الإمام على، حتى عده بعض رجال الحديث من المتواتر أو المشهور.
وفى بعض الروايات نجد زيادة "اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه" . وغيرها "وانصر من نصره، واخذل من خذله" وفي غيرها "فزاد الناس بعد: وال من والاه، وعاد من عاداه" .
فهذه الرواية تنص على أن الزيادة ليست من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
والإشكال هنا أن هذه الروايات صحيحة السند، وفى المسند كذلك عن زيد بن أرقم عدة روايات في بعضها زيادة " اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "، وفى بعضها إنكار لهذه الزيادة، وهذا يجعلنا نتوقف فلا نستطيع الحكم بأن هذا قول النبي الكريم أو زيادة الناس بعد إلا بمزيد من البحث للترجيح .
والمهم هنا دلالة المتن مع الزيادة أو بدونها، أيعتبر هذا نصاً في أن الخلافة يجب أن تكون للإمام على؟
سبق بيان أن الولى بمعنى المتولى للأمور والمستحق للتصرف فيها، وبمعنى الناصر والخليل، والقرآن الكريم عندما أمر بمولاة أقوام، أو نهى عن موالاة آخرين جاءت الموالاة بمعنى النصرة والمحبة، ولم تأت حالة واحدة بمعنى الولاية العامة على المؤمنين، وهذه الروايات تأمر بموالاة الإمام على ونصرته وتنهى عن معاداته وخذلانه، وهذا لا يخرج عن الاستعمال القرآنى كما هو واضح، فإذا كان النهى عن المعاداة والخذلان، فالأمر بالمحبة وهى الموالاة والنصرة، ولا مكان للخلافة هنا، ولو أرادها الرسول صلى الله عليه وسلم لكان التعبير بنص صريح لا يحتمل تأويلاً يخرجه عن معناه، ولكانت القرائن كذلك تؤيده .
ومما يدل على أن المراد بالموالاة المحبة والنصرة لا الخلافة، أن الإمام نشد الناس في الكوفة بعد أن آلت الخلافة إليه، وأهل الكوفة - ومن ذهب معه إليها - بايعوه بلا خلاف، ولكن أكثرهم خذلوه ولم ينصروه كما هو معلوم مشهور، ولو كان المراد بالموالاة الخلافة لاحتج بهذا على الخلفاء الراشدين السابقين وعلى من بايعهم، وهذا لم يثبت على الإطلاق، ولم أجد في كتب السنة التي رجعت إليها رواية واحدة تذكر مثل هذا الاحتجاج .

ولقد بايع أبى الحسن للصديق، وليس فيها ذكر لشىء عن الغدير، ولم ينكر الإمام على أحقية الصديق ولا فضله، وسر المسلمون بذلك الموقف وقالوا لعلى: أصبت وأحسنت، وكانوا إليه قريباً حين راجع المعروف، أي حين بايع، ولو نشد المسلمين هنا لشهد المئات ممن حضر الغدير، ومنهم من شهد بعد ذلك بالفعل في الكوفة، ولكنه بين سبب تأخره عن البيعة بقوله لأبى بكر: "إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيباً " . وعند البيعة أمام المسلمين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر وتشهد، وعظم حق أبى بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر، ولا إنكاراً للذى فضله الله به، "ولكننا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً، فاستبد علنا، فوجدنا في أنفسنا" .
فالإمام على قد وجد في نفسه لأنه لم يشرك في أمر الخلافة واستبد به غيره، وله ما يؤيد وجهة نظره، فأمر خطير كهذا لا يُقضى دون مشورة أبى الحسنين ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة الزهراء، إلى جانب فضله وسبقه وعلمه . وعذر أبى بكر وعمر وسائر الصحابة كان واضحاً - كما يقول النووى - لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين، وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لأنها كانت أهم الأمور، كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله، أو الصلاة عليه أو غير ذلك، وليس لهم من يفصل الأمور، فرأوا تقديم البيعة أهم الأشياء .
فلو كانت الموالاة تعنى الخلافة لاحتج بها على الصديق ومن بايعه، ولما تمت البيعة أصلاً .
والشكوى التي من أجلها دافع الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبى الحسن توضح أن المراد بالموالاه شىء آخر غير الخلافة، أو على أقل تقدير لا ترجح أن الخلافة هي المراد .
وتبين الشكوى كذلك السبب في أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا في خطبته الجامعة يوم عرفة في حجة الوداع، فلو كان المراد الخلافة لكان من الأرجح - إن لم يكن من المؤكد - أن يقال هذا في تلك الخطبة لا أن يقال بعد الشكوى.
__________________