عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 20-04-2006, 07:44 AM
sash_necoly sash_necoly غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 1
Exclamation ماذا نفعل وسط الوحوش النووية‏!‏

ماذا نفعل وسط الوحوش النووية‏!‏

قرأت يوم الجمعة الماضي‏,‏ تصريحا لافتا لمعالي السيد أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر‏,‏ حول الأزمة النووية الإيرانية‏,‏ وردود الأفعال حولها عربيا ودوليا‏.‏


باختصار قال أبو الغيط ـ وهو دبلوماسي محنك ـ إن مصر لن تقبل بوجود قوة نووية عسكرية في المنطقة ‏(‏ الأهرام ‏2006/4/14).‏


والكلام موجه لإيران بالطبع‏,‏ التي فاجأت العالم كله‏,‏ خصوصا أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية‏,‏ بأنها نجحت بالفعل في تخصيب اليورانيوم‏,‏ وأنها بدأت الطريق الذي لن تتراجع عنه‏,‏ وأنها أصبحت بالفعل قوة نووية عظمي‏,‏ تشكل العضو الثامن في النادي النووي الدولي‏,‏ كما أعلن رئيسها محمود أحمدي نجاد‏.‏

ولقد فهمت من تصريح الوزير أبو الغيط الهدف‏,‏ لكني لم أفهم المغزي بعد‏,‏ فالهدف هو ببساطة التعبير عن القلق المصري والعربي الرسمي الشديد‏,‏ من تحول إيران إلي قوة نووية‏,‏ تطل عبر الخليج علي دول مجلس التعاون الست‏,‏ صاحبة المخزون البترولي الأعلي في العالم‏,‏ وتجاور العراق بحدود طويلة‏,‏ وتلتحم بجمهوريات آسيا الوسطي‏,‏ وبعضها نووي مثل كازاخستان‏,‏ وتصبح لاعبا رئيسيا في الساحة العربية كلها‏.‏


وربما تكون الحكومات العربية هي الأكثر توجسا وقلقا من التحولات الإيرانية هذه‏,‏ وهو توجس وقلق بعضه حقيقي وطبيعي‏,‏ وبعضه الآخر مستورد من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي‏,‏ اللذين يخوضان حربا إعلامية سياسية نفسية‏,‏ لعرقلة المشروع النووي الإيراني‏,‏ حتي لا يصبح منافسا لهما أو لغيرهما‏..‏ غير أن كثيرين يعتقدون أن هذا القلق المتعاظم لا وجود له عند الشعوب العربية والإسلامية‏,‏ التي تحلم بأن يكون السلاح النووي الإيراني معادلا ورادعا‏,‏ علي الأقل للسلاح الإسرائيلي‏!‏


أما الذي لم أفهمه من مغزي هذا التصريح الآن‏,‏ فهو لمن يوجه التحذير‏,‏ أو الإنذار المانع القاطع‏,‏ وما هو السلاح الباتر الذي تستطيع به مصر ألا تسمح أو لا تقبل بوجود قوة نووية في المنطقة‏,‏ ولماذا لا يقال الشيء نفسه عن الترسانة النووية الإسرائيلية‏,‏ التي يقع أهم مفاعل نووي فيها ديمونة علي بعد كيلومترات قليلة جدا من الحدود الشرقية المصرية‏,‏ وماذا فعلت مصر لمجابهة هذه الترسانة الأكثر خطورة علي أمنها‏,‏ طوال العقود الماضية‏,‏ بعد أن أوقفت برامجها النووية‏,‏ وخضعت للتفتيش الدولي‏,‏ والتزمت بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية‏!!‏


بصراحة شديدة‏,‏ إن مصر والدول العربية الأخري‏,‏ لا تملك في هذه اللحظة ما يمكن أن تسهم فيه بجدية في الأزمة النووية الإيرانية‏,‏ حلا أو تعقيدا‏,‏ اللهم إلا الانحياز لهذا الطرف علي حساب ذاك‏,‏ وهو انحياز سياسي إعلامي في نهاية الأمر‏,‏ أمام معركة تكسير العظام واختبار القوي الدائرة الآن‏,‏ بين إيران من ناحية‏,‏ والقوي الغربية صاحبة مجلس الأمن والمهيمنة علي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ناحية أخري‏.‏

واختبار القوي هذا له عدة سيناريوهات‏,‏ بعد أن نجحت إيران في التخصيب‏,‏ والمرور من عنق الزجاجة بقدرات ذاتية أو بمساعدات خارجية‏,‏ وبعد أن مارست سياسة الغموض النووي‏,‏ التي ابتدعتها إسرائيل‏,‏ ومارستها كل من باكستان والهند‏,‏ حتي تم الإنجاز المفاجئ للعالم‏!‏

أبرز السيناريوهات‏,‏ هو أن تندفع أمريكا بحماقة القوة‏,‏ وتشن قصفا جويا مدمرا ومستمرا علي الأهداف النووية الإيرانية‏,‏ لإجهاض ما تم‏,‏ كما سبق أن فعلت إسرائيل بالمفاعل النووي العراقي في مطلع الثمانينيات‏,‏ وهناك تقارير استخباراتية نشرت أخيرا في الصحف الأمريكية‏,‏ تقول إن أمريكا تستطيع أن تشن هجوما مفاجئا بنحو‏600‏ صاروخ كروز في المرحلة الأولي‏,‏ ترتفع إلي‏2500‏ صاروخ في المرحلة الثانية‏,‏


إضافة إلي استخدام صواريخ بعيدة المدي عابرة للقارات‏,‏ وطائرات مسلحة بقذائف نووية تنطلق من قواعد وتسهيلات وسفن في منطقة الخليج‏,‏ ومن الدول الأخري القريبة أو الملاصقة لإيران‏,‏ والمؤكد ـ كما تقول التقارير ـ إن إسرائيل ستلعب دورا رئيسيا في هذه الهجمات‏,‏ بواسطة طيرانها الحديث القادر علي اختراق الأجواء العربية وصولا لإيران‏,‏ والعودة سالما غانما‏!!‏


وأظن أن هذا هو السيناريو الأسوأ والأسخن‏,‏ لأن إيران لن تتلقي الهجمات وهي مستسلمة‏,‏ لكنها سترد‏,‏ وردودها متعددة الأشكال والأساليب‏,‏ يعرفها القاصي والداني‏,‏ فأذرعها ستطول حتما المصالح الحيوية والاستراتيجية الأمريكية‏,‏ في دول الخليج العربي‏,‏ مثلما ستطول العراق‏,‏ حيث ستستهدف نحو‏150‏ ألف جندي أمريكي وبريطاني‏,‏ قد يصبحون رهائن لها‏..‏ وفي كل الظروف‏,‏ فإنه سيناريو لحرب غير تقليدية‏,‏ بل لحرب نووية خطيرة‏,‏ تنعكس آثارها أول ما تنعكس علي الأوضاع العربية الهشة المسالمة والمستسلمة‏!‏


أما السيناريو الثاني‏,‏ فهو يرمي إلي تطبيق سياسة الحصار والاحتواء‏,‏ التي كثيرا ما مارستها أمريكا خلال العقود الأخيرة‏,‏ تبدأ بزيادة ضغط الحملة السياسية النفسية حول إيران إقليميا ودوليا‏,‏ وفرض الحصار الاقتصادي والتجاري عليها‏,‏ وإجبار الدول المجاورة علي قطع الروابط والعلاقات معها كما فعلت مع العراق خلال سنوات الحصار‏,‏ واستصدار قرارات من مجلس الأمن والمنظمات الدولية الأخري‏,‏ لعزل إيران‏,‏ ووضعها تحت التهديد الدائم‏,‏ حتي تخضع أو علي الأقل تلين علي المدي البعيد‏,‏ فتقبل بما هو مطلوب‏!!‏


وهنا يبدأ السيناريو الثالث‏,‏ ومعه تبدأ مفاوضات جدية مباشرة‏,‏ أو غير مباشرة‏,‏ تضمن عبرها إيران الاحتفاظ ببرنامج نووي سلمي تحت الرقابة والتفتيش الدولي‏,‏ وتكسر بها أمريكا والغرب الطموح الإيراني بامتلاك أسلحة نووية‏,‏ توازن بها القوي مع القدرات النووية والعسكرية الأخري‏,‏ ولقد جربت أمريكا طوال الأعوام الماضية‏,‏ هذا السيناريو مع كوريا الشمالية‏,‏ لكنها تعثرت ومازالت‏,‏ لأسباب عديدة‏,‏ أهمها أن كوريا الشمالية أصبحت تمتلك السلاح النووي بالفعل‏,‏ وثانيا أنها تجد لها حليفا قويا علي الحدود‏,‏ هو الصين‏,‏ يحميها من الجموح الأمريكي‏,‏ علي عكس الوضع الإيراني‏!‏


ويبقي السيناريو الرابع‏,‏ وهو الذي كان قد بدئ الحديث عنه بالفعل من قبل‏,‏ ونعني فتح باب التفاوض والنقاش المباشر والعلني‏,‏ بين أمريكا الموروطة في العراق‏,‏ وبين إيران صاحبة النفوذ والتأثير هناك‏,‏ والهدف واضح بالطبع وهو محاولة استعانة أمريكا بإيران عضو محور الشر لمساعدتها في الخروج الآمن من المستنقع الدموي العراقي‏.‏


وأظن أن مقايضة يمكن أن تحدث بين الطرفين‏,‏ ربما تساعد علي تليين المواقف الهجومية ووقف التصعيد‏,‏ بعد إعلان إيران نجاحها في عملية التخصيب‏,‏ وهي مقايضة إن نجحت فإنها تمثل اعترافا أمريكيا وأوروبيا بالدور الإقليمي لإيران‏,‏ وفي الوقت نفسه‏,‏ تمثل إقصاء للدور العربي في العراق‏,‏ وهو إقصاء قائم من الناحية العملية‏,‏ بصرف النظر عن التصريحات الدبلوماسية والرومانسية‏.‏


الآن‏..‏ أعود إلي ما بدأت به‏,‏ وهو التصريح القائل‏:‏ إن مصر لن تقبل بوجود قوة نووية عسكرية في المنطقة‏,‏ وبرغم عدم فهمي لمغزاه‏,‏ فإنني أتصور أن مصر ومجموعة الدول العربية الرئيسية‏,‏ تستطيع أن تلعب دورا حقيقيا في التركيز علي الترسانة النووية الإسرائيلية‏,‏ جنبا إلي جنب مع الإيرانية‏,‏ فليس من المنطقي أن نتقزم أمام إسرائيل وهي مصدرالخطر الاستراتيجي‏,‏ علي الأمن القومي العربي‏,‏ ونتعملق أمام إيران‏,‏ لأنها بدأت الآن‏,‏ بينما الأخري بدأت منذ خمسة عقود‏,‏ وأنتجت وراكمت‏,‏ وصارت أسلحتها النووية مصوبة لكل عاصمة عربية‏..‏ دون صوت أو حتي صدي‏.‏


بقيت نقطة أخيرة‏,‏ أعرف أنها شائكة في هذه الظروف بالذات‏,‏ إذ أن نجاح إيران بهذا الإنجاز النووي‏,‏ يفتح باب السباق النووي‏,‏ أمام دول المنطقة‏,‏ خصوصا الدول العربية الكبيرة والقادرة‏,‏ فالأسلحة النووية تتراكم من حولنا‏,‏ الترسانة النووية لحلف الأطلنطي في شمالنا‏,‏ وإسرائيل في أعماق عمقنا‏,‏ وها هي إيران علي حدودنا‏,‏ بينما تطل القوتان النوويتان الباكستانية والهندية‏,‏ علينا من الشرق‏,‏ عبر بحر العرب‏.‏


كنا قد قرأنا في الماضي‏,‏ عن مبدأ الردع النووي أو الردع بالتخويف‏,‏ فماذا سنفعل في هذا المجال‏,‏ لحماية أمننا ومستقبل أوطاننا‏,‏ بعد أن تكالبت علينا الوحوش النووية من كل حدب وصوب‏!!‏ هل لم تفكر مصر تحديدا‏,‏ يوم إغلاقها الملف النووي في السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ أن وضعا حرجا كالذي نحن فيه الآن‏,‏ يمكن أن يطرأ‏,‏ فيضغط عليها وعلي كل العرب ضغطا شديدا‏,‏ دون قدرة لا علي الرد‏,‏ ولا علي قبول التحدي‏!‏



‏**‏ خير الكلام‏:‏ قال المتنبي‏:‏

بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد