عرض مشاركة مفردة
  #34  
قديم 01-04-2007, 12:02 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي


مقدمة..
الحمد لله رب العالمين، حمداً يليق
بجلاله وكماله ؛ حمداً كما ينبغي
لجلال وجهه وعظيم سلطانه، حمداً يوازي
رحمته وعفوه وكرمه ونِعَمِه
العظيمة ؛ حمداً على قدر حبه لعباده
المؤمنين .
والصلاة والسلام على أكمل خلقه ، وعلى
آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد.


فهذا كتيب موجه إلى الآباء والأمهات ،
وكل من يلي أمر طفل من المسلمين ؛
وقد استعانت كاتبة هذه السطور في إعداده
بالله العليم الحكيم ، الذي
يحتاج إليه كل عليم؛ فما كان فيه من
توفيق ، فهو منه سبحانه ، وما كان
فيه من تقصير فمن نفسها والشيطان.


إن أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، وإن
كانوا يولدون على الفطرة، إلا أن
الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «
فأبَواه يُهوِّدانه وُينَصِّرانه
ويُمَجِّسانه... «
وإذا كان أبواه مؤمنَين، فإن البيئة
المحيطة ، والمجتمع قادرين على أن
يسلبوا الأبوين أو المربين السلطة
والسيطرة على تربيته، لذا فإننا نستطيع
أن نقول أن المجتمع يمكن أن يهوِّده أو
ينصِّره أو يمجِّسه إن لم يتخذ
الوالدان الإجراءات والاحتياطيات
اللازمة قبل فوات الأوان!!!


وإذا أردنا أن نبدأ من البداية ، فإن رأس
الأمر وذروة سنام الدين ،
وعماده هو الصلاة؛ فبها يقام الدين،
وبدونها يُهدم والعياذ بالله.
وفي هذا الكتيب نرى العديد من الأسئلة،
مع إجاباتها العملية؛ منعاً
للتطويل، ولتحويل عملية تدريب الطفل على
الصلاة إلى متعة للوالدين
والأبناء معاً، بدلاً من أن تكون عبئا
ثقيلاً ، وواجباً كريهاً ، وحربا
مضنية.


والحق أن كاتبة هذه السطور قد عانت من
هذا الأمر كثيراً مع ابنها ، ولم
تدرك خطورة الأمر إلا عندما قارب على
إتمام العشر سنوات الأولى من عمره ؛
أي العمر التي يجب أن يُضرب فيها على ترك
الصلاة ، كما جاء في الحديث
الصحيح ؛ فظلت تبحث هنا وتسأل هناك
وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، إلا
أنها لاحظت أن الضرب والعقاب ربما
يؤديان معه إلى نتيجة عكسية ، فرأت أن
تحاول بالترغيب عسى الله تعالى أن
يوفقها.

ولما بحثت عن كتب أو دروس مسجلة ترغِّب
الأطفال ، لم تجد سوى كتيب لم
يروِ ظمأها ، ومطوية لم تعالج الموضوع من
شتى جوانبه ، فظلت تسأل الأمهات
عن تجاربهن ، وتبحث في المواقع
الإسلامية على شبكة الإنترنت حتى عثرت لدى
موقع "إسلام أون لاين" على استشارات
تربوية مختلفة في باب: ( معاً نربي
أبناءنا ) بالإضافة إلى مقالة عنوانها :
"فنون محبة الصلاة"، فأدركت أن
السائلة أمٌ حيرى مثلها، وأدركت أن
تدريب الطفل في هذا الزمان يحتاج إلى
فن وأسلوب مختلف عن الزمن الماضي، وقد
لاحظَت أن السائلة تتلهف لتدريب
أطفالها على الصلاة ؛ إلا أن كاتبة هذه
السطور تهدف إلى أكثر من ذلك -
وهو هدف الكتيب الذي بين أيدينا- وهو جعل
الأطفال يحبون الصلاة حتى لا
يستطيعون الاستغناء عنها بمرور الوقت ،
وحتى لا يتركونها في فترة
المراهقة- كما يحدث عادة- فيتحقق قول
الله عز جل { إنَّ الصلاةَ تَنهَى
عن الفحشاء والمنكر } .


وجدير بالذكر أن الحذر والحرص واجبان
عند تطبيق ما جاء بهذا الكتيب من
نصائح وإرشادات ؛ لأن هناك فروقاً فردية
بين الأشخاص ، كما أن لكل طفل
شخصيته وطبيعته التي تختلف عن غيره ،
وحتى عن إخوته الذين يعيشون معه نفس
الظروف ، وينشأون في نفس البيئة ، فما
يفيد مع هذا قد لا يجدي مع ذاك.


ويُترك ذلك إلى تقدير الوالدين أو أقرب
الأشخاص إلى الطفل؛ فلا يجب تطبيق
النصائح كما هي وإنما بعد التفكير في مدى
جدواها للطفل ، بما يتفق مع
شخصيته.
واللهَ تعالى أرجو أن ينفع بهذا المقال ،
وأن يتقبله خالصاًً لوجهه
الكريم.


***********


لماذا يجب علينا أن نسعى؟

أولاً: لأنه أمرٌ من الله تعالى، وطاعة
أوامره هي خلاصة إسلامنا، ولعل
هذه الخلاصة هي : الاستسلام التام
لأوامره ، واجتناب نواهيه سبحانه؛
ألم يقُل عز وجل { يا أيها الذين آمنوا
قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً
وقودُها الناس والحجارة } ؟
ثم ألَم يقل جل شأنه: : { وَأْمُر أهلَك
بالصلاة واصْطَبر عليها ، لا
نسألك رزقاً نحن نرزقُك } (2).


ثانياً: لأن الرسول صلى الله تعالى عليه
وسلم أمرنا بهذا أيضاً في حديث
واضح وصريح ؛ يقول فيه ( مُروا أولادكم
بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها
لعشر )(2) .


ثالثا: لتبرأ ذمم الآباء أمام الله عز
وجل ويخرجون من دائرة الإثم ، فقد
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "من كان
عنده صغير مملوك أو يتيم ، أو
ولد ؛ فلم يأمُره بالصلاة ، فإنه يعاقب
الكبير إذا لم يأمر الصغير،
ويُعَــزَّر الكبير على ذلك تعزيراً
بليغا، لأنه عصى اللهَ ورسول " (1) .


رابعاً :لأن الصلاة هي الصِّلة بين العبد
وربه، وإذا كنا نخاف على
أولادنا بعد مماتنا من الشرور والأمراض
المختلفة ؛ ونسعى لتأمين حياتهم
من شتى الجوانب ، فكيف نأمن عليهم وهم
غير موصولين بالله عز وجل ؟! بل
كيف تكون راحة قلوبنا وقُرَّة
عيوننا إذا رأيناهم موصولين به تعالى ،
متكلين عليه ، معتزين به؟!(1)


خامساً: وإذا كنا نشفق عليهم من مصائب
الدنيا ، فكيف لا نشفق عليهم من
نار جهنم؟!! أم كيف نتركهم
ليكونوا-والعياذ بالله- من أهل سَقَر التي لا
تُبقي ولا تَذَر؟!!(1)


سادساً: لأن الصلاة نور ، ولنستمع
بقلوبنا قبل آذاننا إلى قول النبي صلى
الله تعالى عليه وسلم : ( وجُعلت قرة عيني
في الصلاة) ، وقوله: ( رأس
الأمر الإسلام و عموده الصلاة ) ، وأنها
أول ما يحاسب عليه العبد يوم
القيامة من عمله (2).


سابعاً:لأن أولادنا أمانة وهبنا الله
تعالى إياها وكم نتمنى جميعا أن
يكونوا صالحين ، وأن يوفقهم الله تعالى
في حياتهم دينياً ، ودنيوياً(2) .


ثامناً: لأن أولادنا هم الرعية التي
استرعانا الله تعالى ، لقوله صلى
الله تعالى عليه وسلم: ( كُلُّكم راعٍ
وكلكم مسئول عن رعيته ) ولأننا سوف
نُسأل عنهم حين نقف بين يدي الله عز وجل.
(2)


تاسعاً: لأن الصلاة تُخرج أولادنا إذا
شبّْوا وكبروا عن دائرة الكفار و
المنافقين ، كما قال صلى الله عليه وسلم:
( العهد الذي بيننا وبينهم
الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) (1)



كيف نتحمل مشقة هذا السعي؟


إن هذا الأمر ليس بالهين، لأنك تتعامل مع
نفس بشرية ، وليس مع عجينة -كما
يقال- أو صلصال ؛ والمثل الإنجليزي يقول
"إذا استطعت أن تُجبر الفرس على
أن يصل إلى النهر، فلن تستطيع أبداً أن
ترغمه على أن يشرب!"
فالأمر فيه مشقة ، ونصب ، وتعب ، بل هو
جهاد في الحقيقة.


أ- ولعل فيما يلي ما يعين على تحمل هذه
المشقة ، ومواصلة ذلك الجهاد :
-كلما بدأنا مبكِّرين ، كان هذا الأمر
أسهل.


ب- يعد الاهتمام جيداً بالطفل الأول
استثماراً لما بعد ذلك، لأن إخوته
الصغار يعتبرونه قدوتهم ، وهو أقرب
إليهم من الأبوين ، لذا فإنهم يقلدونه
تماماً كالببغاء !

ج- احتساب الأجر والثواب من الله تعالى ،
لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من
دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من
تبعه ، لا ينقص من أجورهم
شيئا) . (1)

د- لتكن نيتنا الرئيسية هي ابتغاء مرضاة
الله تعالى حيث قال: { والذين
جاهَدُوا فينا لَنَهْدِينَّهُم
سُبُلَنا } ؛ فكلما فترت العزائم عُدنا
فاستبشرنا وابتهجنا لأننا في خير طريق .
(1)


ه- الصبر والمصابرة امتثالاً لأمر الله
تعالى ، { وأْمُر أهلك بالصلاة
واصطبِر عليها، لا نسألُك رزقاً، نحن
نرزقُك } ؛ فلا يكون شغلنا الشاغل
هو توفير القوت والرزق ، ولتكن الأولوية
للدعوة إلى الصلاة ، وعبادة الله
عز وجل، فهو المدبر للأرزاق وهو { الرزاق
ذو القوة المتين} ؛ ولنتذكر أن
ابن آدم لا يموت قبل أن يستوفي أجله
ورزقه ، ولتطمئن نفوسنا لأن الرزق
يجري وراء ابن آدم - كالموت تماماً-ولو
هرب منه لطارده الرزق ؛ بعكس ما
نتصور!!

و
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس