عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 13-02-2003, 06:16 PM
القحطاني القحطاني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 104
إفتراضي التحليل كامل للرد على اصحاب القلوب الكارهه للانسانية


اسمع ماذا يقول الاستاذ الشيخ كمال المصري :

وبالنظر في الأمر وجدت أنَّ الحديث حوله يدور في أربعة جوانب:
الجانب الأوَّل: في دعاء نوحٍ عليه السلام.
الجانب الثاني: في منطق العدل.
الجانب الثالث: في هدي ديننا في الدعاء.
الجانب الرابع: في الإسلام بين الهداية واللعن.

الجانب الأوَّل: في دعاء نوحٍ عليه السلام:
هذا الجانب ذو شقَّين:
الشقُّ الأوَّل: هل شرع من قبلنا شرعٌ لنا؟
وهذه مسألةٌ أصوليَّةٌ معروفةٌ ومشهورة، وغالب الظنِّ على أنَّ الراجح فيها هو أنَّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالف ذلك، فهل في شرعنا ما يخالف الدعوة العامَّة لنوحٍ عليه السلام؟ هذا ما سيجيب عنه الجانب الثالث الذي سيأتي ذكره.

الشقُّ الثاني: في سبب دعاء نوحٍ عليه السلام:
يقول الإمام القرطبيّ: "قوله تعالى: "وقال نوحٍ ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين" دعا عليهم حين يئس من اتِّباعهم إيَّاه، وقال قتادة: دعا عليهم بعد أن أوحى الله إليه: "أنَّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن" فأجاب الله دعوته وأغرق أمَّته".
وأوضح المسألة أكثر حين تحدَّث عن قوله تعالى: "وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم"، فقال رحمه الله تعالى: "وقد استشكل بعض الناس هذه الآية فقال: كيف دعا عليهم، وحُكْم الرسل استدعاء إيمان قومهم؟ فالجواب أنَّه لا يجوز أن يدعو نبيٌّ على قومه إلا بإذنٍ من الله، وإعلامٌ أنَّه ليس فيهم من يؤمن ولا يخرج من أصلابهم من يؤمن؛ دليله قوله لنوحٍ عليه السلام: "أنَّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن"، وعند ذلك قال: "ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارا"".

فالدعاء إذن لم يكن عامّا، وإنَّما على قومٍ آذوه وكفَّروه، وعلم أن لن يؤمن منهم أحد، كما أنَّه وحيٌ من الله تعالى وليس اجتهاداً من أحد.

الجانب الثاني: في منطق العدل:
ما كان الله تعالى يوماً بظالم، حاشاه جلَّ شأنه، ولم يكن يوماً ليقبل بالظلم، قال الله تعالى في الحديث القدسيّ: "يا عبادي، إنِّي حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّما، فلا تظالموا"رواه مسلم.
إنَّ ما علَّمنا إيَّاه ديننا، وأمرنا به ربُّنا هو: "يا أيُّها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتَّقوا الله إنَّ الله خبيرٌ بما تعملون"، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحبُّ المعتدين"، وحتى مَنْ آذونا فقد نهانا الله عن التعدِّي عليهم: "ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ أن صدُّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا"، وفي القصاص والعقاب أمرنا ربُّنا سبحانه بالعدل: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين".
يقول الإمام القرطبيُّ في "ولا يجرمنَّكم شنآن قوم.."الآية: "ودلَّت الآية أيضاً على أنَّ كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه، وأن يقتصر بهم على المستحقِّ من القتال والاسترقاق، وأنَّ المثلة بهم غير جائزةٍ وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وغمُّونا بذلك؛ فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصداً لإيصال الغمِّ والحزن إليهم".

العدل هو منطق ديننا وأساسه، ولا يقوم ديننا بغيره، ولا نكون مسلمين إن لم نعدل.

الجانب الثالث: في هدي ديننا في الدعاء:
- أوَّل ما يطالعنا في شروط الدعاء: حديث: "ما من مسلمٍ يدعو الله عزَّ وجلَّ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إمَّا أن يعجِّل له دعوته، وإمَّا أن يدَّخرها له في الآخرة، وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا: إذن نكثر؟ قال: "الله أكثر"رواه الإمام أحمد بسندٍ صحيح.
فلا يجوز الدعاء بإثم.

- كان هدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم الهداية، لذلك كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ اهدِ قومي فإنَّهم لا يعلمون" فدعا لهم بالهداية ولم يدع عليهم.
وروى البخاريُّ ومسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رفض أن يدعو على المشركين يوم العقبة، بل رفض ما عرضه عليه ملَك الجبال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشبين –جبلين-؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا".
وروى البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله، إنَّ "دوسا" قد كفرت وأبت، فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، فقال: "اللهمَّ اهدِ دوساً وائت بهم" فدعا لهم بالهداية ولم يدع عليهم.
وروي عن جابر رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، أحرقَتْنا نبال ثقيفٍ فادع الله عليهم، فقال: "اللهمَّ اهد ثقيفا"رواه أحمد والترمذيُّ بسندٍ صحيح.
لذلك قال العلماء: لا يجوز الدعاء على شخصٍ بعينه أو لعنه إلا إذا بدر منه الإيذاء الخاصُّ بالمسلمين، والأولى أن يدعو له بالهداية.

- قال شيخ الأزهر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود: "والدعاء على "الغير" لا يُقبَل إلا إذا كان صادراً عن إحساسٍ بظلمٍ صادرٍ منه، لأنَّ الله تعالى عَدْلٌ لا يَقبل الظلم".

الجانب الرابع: في الإسلام بين الهداية واللعن:
وهذه النقطة هي ما ذكرتُ في النقطة السابقة في هدي الدعاء، غير أنَّني أعيدها شرحاً وتفصيلاً وتأكيدا، لأنَّها مناط الحديث ومحور الدعاء:
لقد ثبت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا على المشركين ودعا لهم‏،‏ وأحاديث الدعاء للمشركين قد تقدَّمت.
أمَّا أحاديث الدعاء عليهم، فأشهرها:
- ما رواه عليُّ بن أبي طالب قال‏:‏ لمَّا كان يوم الأحزاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا‏،‏ شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس"رواه البخاريُّ ومسلم.
- ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: "اللهمَّ أنجِ عيَّاش بن أبي ربيعة، اللهمَّ أنجِ سلمة بن هشام، اللهمَّ أنجِ الوليد بن الوليد، اللهمَّ أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهمَّ اشدد وطأتك على مضر –أي قريش-، اللهمَّ اجعلها سنين كسنيِّ يوسف"رواه البخاريُّ ومسلم.

بما أنَّه ورد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم الدعاء للمشركين وعليهم، فهل في هذا تعارض؟؟
قال العلماء أنَّ الدعاء للمشركين بالهداية هو الأساس، أمَّا الدعاء عليهم فلا يكون دعاءً عامًّا وإنَّما على من أضرَّ بالمسلمين وحاربهم، ويتَّضح هذا من خلال دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، فهم قومٌ محارِبون محاصِرون للمسلمين يريدون القضاء عليهم، فغدا الدعاء على المحاربين نوعاً من الحفاظ على المسلمين.
ولكن تبقى مشكلة عموم دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم على مُضَر –قريش- كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق ذكره، فهنا دعاء عامٌّ دون تخصيص!!
لبيان الأمر وجدت روايتين لهذا الحديث عند الإمام مسلمٍ تحلاَّن المسألة:
الأولى: قال أبو هريرة رضي الله عنه بعد إيراده الحديث: ثمَّ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد.
الثانية: قال رضي الله عنه: ثمَّ بَلَغَنَا أنَّه ترك ذلك لمَّا أُنْزِل: "ليس لك مِن الأمرِ شيءٌ أو يتوبَ عليهم أو يعذِّبَهم فإنَّهم ظالمون".

ويؤكِّد هذا ما رواه أحمد والترمذيُّ بسندٍ حسنٍ عن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهمَّ اهد قريشا، فإنَّ عالمها يملأ طباق الأرض علما، اللهمَّ كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالا".

فكأنَّ الأمر بالدعاء العامِّ على المشركين كان لفترةٍ ثمَّ توقَّف عنه صلى الله عليه وسلم.

ويؤيِّد هذا الفهم أنَّ الإسلام هو دينٌ للعالم كلِّه، والرسول صلى الله عليه وسلم أُرسِل للناس كافَّةً رحمةً وبشرا: "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالَمين"، "وما أرسلناك إلا كافَّةً للناس بشيراً ونذيرا"، كما أنَّه دين حياة، عبادةٍ ومعاملة، وليس من المعقول أو المقبول أن يكون دين العالم ودين الحياة هذا، لا يقبل غير المسلمين فيه، ولا يحفظ لغير المسلمين حقوقهم وأعراضهم وأموالهم، ويعطيهم الأمان والطمأنينة طالما لم يقوموا هم بأنفسهم بأعمالٍ تستوجب عقابهم، ولم يكن ديننا يوماً سوداويًّا ظالماً مهلِكا، إنَّه دين العدل والرحمة والهداية والنور.

إنَّ تعميم الدعاء وإطلاقه هو باب خسارةٍ واسعٌ يفتحه الدعاة بأيديهم، بل هو من الصدِّ عن سبيل الله تعالى الذي قد يُحاسَب عليه هؤلاء، إذ يُفسِدون وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا، ولنتذكَّر إخواننا الذين في الغرب، ولنتساءل: لو كان أحدنا مكان أخينا إمام المسجد في أحد نواحي نيويورك أو لوس أنجيلوس، أو في هايد بارك في بريطانيا، ترى بماذا كان سيدعو، وكيف سيقدر على تعميم وإطلاق الدعاء، ومَن مِن المصلِّين سيؤمِّن على مثل هذا الدعاء، وهم يعيشون وسط من يدعون بهلاكهم؟؟!!.

كثيراً من الحيطة والحذر أيُّها الدعاة، فخسائر التعميم أكبر كثيراً ممَّا تتخيَّلون.

قليلا من التفكير والهدوء أيُّها الدعاة، وليكن دعاؤنا على من ظلمنا فقط، مقتدين في ذلك بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم.

أمَّا غير الظالمين.. فليكن طريقنا إليهم عبر الدعوة بالتي هي أحسن، وعبر القلوب التي لا تعرف ظلماً ولا حقداً ولا سوادا.

هكذا ديننا لمن أراد أن يقتدي به.. وسأبقى عاجزاً معكم عن أن أقول "آمين".

ولمزيدٍ من الإفادة والتواصل بين الدعاة في هذه المسألة، وبالتحديد في الفوائد أو الأضرار الدعويَّة لهذا الدعاء، فأنا أفتح ساحةً للحوار نتناقش فيها ونتبادل الآراء والأفكار علَّنا نصل إلى ما يفيد ويُصلح، وعنوان الساحة هو:
الفوائد والأضرار الدعوية لتعميم الدعاء على غير المسلمين
http://216.239.53.100/search?q=cach...&hl=ar&ie=UTF-8
__________________
القحطاني = جان جاك روسو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
يقول فرانك أنلو :
(راقب أفكارك فإنها تصبح كلمات ، راقب كلماتك فإنها تصبح أفعال ، راقب أفعالك فإنها تصبح عادات ، راقب عاداتك فإنها تصبح طباع ، راقب طباعك فإنها ظلال مصيرك )

<embed width="440" height="150" src="http://mypage.ayna.com/fu2000mar/Movie2.swf">