عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 13-12-2003, 12:35 PM
sary111 sary111 غير متصل
كاتب قدير ومحترم
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: بلاد المخبرين
المشاركات: 239
إفتراضي

بعد ذلك دخلت إلى قصره نورية اسمها " عديلة " عاشرها أيضا معاشرة الأزواج وانجب منها أولاده زيد وفاطمة وسرة ... أما زيد فقد عمل سفيرا للعراق في برلين وهو زوج الأميرة التركية فخر النساء التي تولت مناصب هامة في الأردن رغم أنها لم تكن تتحدث العربية وقد سرقها زيد من زوجها وهو أديب تركي معروف وانجبت لزيد ابنه رعد وزير البلاط الأردني الذي يطالب هذه الأيام له ولابنه فراس وحفيده مرعد بعرش العراق .

عاد حسين بن علي في مكة إلى سيرة جده " عون " أو " جدعون " من قطع الطرق والإغارة على قوافل الحجيج ... وكان حسين بن علي يهدف من هذه الأعمال إلى إحراج والي الحجاز المسئول عن الأمن المشير كاظم باشا واقناع السلطان أن الأمن في الحجاز لن ينصلح حاله إلا إذا جمع حسين بن علي بين المنصبين ... الديني والعسكري لكن المشير كاظم الذي ألقى القبض على بعض قطاع الطرق وقام بتسفيرهم إلى السلطان استطاع أن يثبت للسلطان أن حسين بن علي وأولاده هم الذين يديرون عمليات الإغارة والقتل والسرقة التي تتعرض لها قوافل الحجيج .

كانت القوات العسكرية في الحجاز تتبع الوالي المشير كاظم باشا ولم يكن لحسين بن علي سيطرة إلا على مفرزة حراسة تتبعه وتقبض مرتباتها من الوالي ... لكن حسين بن علي نجح في إنشاء ميليشيا أو مافيا من البدو كان يقوم بتقاسم غنائم السرقة وقطع الطرق معها ... وقد وسعت مافيا حسين بن علي من غزواتها التي لم تعد تقتصر على قوافل الحجيج وانما امتدت لتشمل قبائل عربية تعيش قرب مكة والمدينة حيث هاجمت هذه العصابات وبإشراف وقيادة عبدالله وفيصل مضارب عشائر بني الحارث قرب الطائف ... ثم اعتدى على عشيرة مطير فقتل رجالها وسبى نسائها وصادر ماشيتها وحرق خيمها فلجأت فلول هذه القبيلة وتلك إلى مضارب أمير نجد عبد العزيز آل سعود طالبة النجدة .

كان لامير نجد نفوذ كبير بين القبائل وكان يحظى باحترام كبير لانه كان ضد الغرباء مهما كانت جنساتهم وله الفضل في حماية الحجاز من الغزوات الأجنبية ... كما كان لامير نجد تحفظاته على الوجود التركي في الحجاز ممثلا بضباط الاتحاد والترقي المشتبه انهم من اليهود وممثلهم حسين بن علي ... لذا بدأ الطرفان يحشدان قواتهما لحسم الصراع .

بدأ حسين بن علي يستميل العشائر المحيطة بنجد من خلال الرشوة فانضمت إليه قبيلة عتبة ... بينما اقنع ضباط الاتحاد والترقي السلطان عبد الحميد بتحريك قوات تركية نظامية لاحتلال نجد ... والتقى الجيشان على مشارف قبيلة الدواسر حيث دارت معركة غير متكافئة وقع على أثرها سعد شقيق عبد العزيز آل سعود أسيرا في يد الأتراك .

وخلال توغل حسن بن علي في أراضى نجد اصطدم بمحمد علي الادريسي أمير عسير الذي أعلن العصيان على الدولة العثمانية ... واجتاحت القوات العثمانية وقوات البادية وميليشيا حسين بن علي أراضى عسير وارتكبوا فيها مذابح جماعية حيث استباحوا مدينة ابها فقتلوا كل الرجال فيها وسبوا النساء والأطفال ودفنوا المسلحين أحياء في آبار المدينة ... وقد وفر له أخوه " ناصر " الذي كان آنذاك يقيم في اسطمبول بصفته عضو مجلس الأعيان وكان مقربا من كبار ضباط الاتحاد والترقي الغطاء السياسي لدى السلطان ... وكلف حسين بن علي رسميا بالقضاء على الأمراء العرب في المنطق وبسط النفوذ التركي على الجزيرة العربية كلها وكان هذا يقتضي القضاء على إمارة اليمن التي يتزعمها الإمام يحي حميد الدين ... وامارة عسير التي يتزعمها السيد الادريسي ... وامارة نجد بزعامة الأمير عبد العزيز ال سعود وامارة شمر بزعامة الأمير سعود بن الرشيد .

هذه الإغارات والاعتداءات التي قامت بها القوات التركية بإشراف حسين بن علي على القبائل العربية والتي انتهت بقتل الرجال واغتصاب النساء وسبيهم واسر الأطفال حولت قصور حسين بن علي واولاده إلى معتقلات كبيرة للنساء و " الاغوات " ... والاغوات هم الأسرى الذين يتم خصيهم وتشغيلهم في قصور الحكام ... ووفقا لما ذكرته الأميرة بديعة ابنة الملك علي ابن الشريف حسين بن علي في مذكراتها التي نشرتها مؤخرا في لندن فان قصور جده حسين بن عليا واعمامها كانت تغص بالاغوات " الخصيان " وكانت مهمتهم رعاية النساء !!

عمالة حسين بن علي واولاده للأتراك وبالتحديد للضباط اليهود في حزب الاتحاد والترقي تمخضت عن مذابح كبيرة ارتكبها الشريف واولاده في الحجاز وهي المذابح التي ولدت عداء كبيرا للشريف واولاده في أوساط الحجازيين وانتهت بتوحد الحجازيين وراء أميرهم عبد العزيز آل سعود الذي تمكن من طرد الشريف واولاده من الحجاز وتوحيد القبائل تحت إمرته واعلان قيام الدولة السعودية .

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى انضم الأتراك ومعهم حسين بن علي واولاده لألمانيا ... ووجه حسين بن علي ابنه البكر علي على رأس قوة هدفها دخول فلسطين للانضمام إلى القوات التركية فيها التي تخطط لمهاجمة الإنجليز في مصر ... وفتح حسين بن علي خلال هذه الفترة خطا سريا مع الإنجليز وبدأ يلعب على الحبلين ... فهو ظاهريا مع الأتراك ممثلا بفرقة يقودها ابنه البكر ... وهو عمليا مع الإنجليز بناء على اتفاق سري أجراه حسين بن علي مع ممثل بريطانيا في مصر السير هنري مكماهون ... وتمخضت هذه الاتصالات السرية على تخصيص رشاوى نقدية لحسين بن علي كان يتسلمها من الإنجليز ابنه الأصغر زيد ووعد من الإنجليز بتعيين الشريف حسين ملكا على كل العرب إن هو غدر بتركيا وساعد في إسقاط دولة الخلافة .

هذه الاتفاقات أو الاتصالات السرية مع الإنجليز هي التي تمخضت عنها فيما بعد الحدود المصطنعة للدول العربية وطارت بموجبها ولايات اضنة واسكندرون التي اعترف حسين بن علي بأنها ولايات تركية وليست سورية ... وكان الشريف الغبي يعتقد أن بريطانيا ستفي بوعودها في الوقت الذي كانت فيه وزارة المستعمرات البريطانية تنجر خوازيق لحسين بن علي ... وللعرب كافة بالاتفاق مع فرنسا .

خلال مفاوضات واتصالات الشريف حسين مع الإنجليز نفذ ابنه فيصل والحاكم التركي لبلاد الشام جمال باشا مجزرة في أوساط الوطنيين العرب حين نصب لهم في دمشق وبيروت المشانق ... وكان حسين بن علي يهدف من خلال هذه المجازر القضاء على القيادات العربية والوطنية التي يمكن أن تعترض على طموحاته وطموحات واطماع أولاده ... فتم شنق الزعماء عبد الكريم خليل وصالح حيدر ومحمد المحمصاني وسليم عبد الهادي وعبد الحميد الزهراوي وشفيق مؤيد العظم وشكري العسلي وعبد الغني العريسي واحمد طبارة والعقيد سليم الجزائري والعقيد امين لطفي الحافظ ورفيق رزق سلوم وعارف الشهابي والدكتور علي النشاشيبي وغيرهم من الزعماء العرب .

الطريف أن عمالة الشريف حسين للإنجليز فرخت ثلاثة جيوش من البدو والمرتزقة يقودها ضباط إنجليز ... والجيوش الثلاثة تحولت فيما بعد إلى قوات غزو للأردن وسوريا والعراق ليس لمحاربة الإنجليز أو الأتراك أو الفرنسيين وانما لمحاربة الحكومات العربية المحلية والقيادات الوطنية في هذه البلاد ... فدخل عبدالله مدينة معان على رأس ما عرف باسم الجيش الشرقي واسس هناك بالتعاون مع الإنجليز إمارة شرق الأردن وارتكب مجزرة بحق قبيلة العدوان حين طلب من الإنجليز قصف مضارب القبيلة من الجو ردا على تهديدات زعيمها الشيخ ماجد العدوان بطرد عبدالله من الأردن .... ودخل فيصل على رأس قواته إلى العراق ليقيم مملكة فيها بزعامته بينما أعلن ابنه البكر علي نفسه ملكا على الحجاز .

والأطرف من هذا أن عبد العزيز بن سعود الذي احتل الحجاز وطرد حسين بن علي منها ووضع حدا للنفوذ الإنجليزي في المنطقة كان يتحسب لهجوم مضاد قد يشنه حسين بن علي من شرق الأردن بعد أن لجأ إلى هناك حيث يقيم ابنه عبدالله ... لكن عبد العزيز كان اكثر دهشة من حسين بن علي نفسه لان الابن " عبدالله " رفض استقبال والده " ملك العرب " في الأردن " خوفا من منافسته له في حكم الإمارة فقام بطرده إلى قبرص حيث مات فيها مقهورا من جحود أولاده ... ومن غدر الإنجليز به رغم الخدمات الجليلة التي قدمها لهم ورغم مساعدته لهم في إسقاط دولة الخلافة الإسلامية .

هذا ملخص تاريخي سريع لما يسمى بالثورة العربية الكبرى ورئيسها " الشريف حسين بن علي " ... ولقب " الشريف " لا علاقة له بالشرف وانما هو لقب كان يطلق على الشخص الذي يتولى إمارة الحجاز ... تماما مثل لقب مشير وباشا وبيك ... وقد رأينا كيف أن ممارسات هذا الرجل واولاده الأخلاقية والدينية عدا عن ممارساتهم في قصورهم التي تغص بالنساء والخصيان لا علاقة لها بالشرف ولا الشرفاء ... وهي بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي .

ولكن يبقى السؤال الأهم : لماذا قررت بريطانيا إقامة دولة شرق الأردن وتسليمها لعبدالله ابن حسين بن علي ... وكيف دخل عبدالله الأردن وكيف نصب نفسه أميرا ثم ملكا وما هو الدور الذي لعبه في اضطهاد الأردنيين ... ثم كيف تقاسم فلسطين مع اليهود ؟
__________________
وسعت أساطيل الغزاة بلاده
لـكنـهـا ضـاقت عـلى الآراء ..