عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 15-05-2007, 06:38 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

أفق الحوار القومي ـ الاسلامي مغاربيا

هناك ملمح جديد في الوضع المغاربي سيساهم بشكل بالغ في اعادة تشكل الواقع السياسي: قاعدة الجهاد في بلاد المغرب . فمنذ البيعة الرسمية مؤخرا لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال تجاه تنظيم القاعدة وحسم مسألة القيادة التي سيتم احالة أمر بلاد المغرب اليها من قبل الامارة القاعدية والتقارير الصحافية عن تدريب عدد من المواطنين المغاربيين من قبل التنظيم الجزائري بهدف تحقيق هدف امتداد الصراع الأهلي الي بقية الأقطار المغاربية فان مسألة بروز تهديد التنظيمات القاعدية للسلم الأهلي مغاربيا سيصبح مجرد مسألة وقت. ان ذلك سيدفع الي الواجهة الحاجة التاريخية لعقد اجتماعي جديد يجب العقد الاجتماعي المرتجل لما بعد مرحلة الاستقلال ويحظي بالقبول والاقناع وهو ما لم يتحقق حتي الآن. وليس العقد الاجتماعي في هذه الحالة وبالتعابير السياسية الراهنة سوي مشروع المصالحة الوطنية.

ان مسار المصالحة الوطنية مغاربيا هو المسألة الجوهرية في المستقبل السياسي المنظور. لا يتعلق ذلك بمجرد تمنيات بل هو ما سيشكل جوهر الصراع السياسي بالذات وحوله سيتم حسم طبيعة المرحلة المقبلة. وليست مسألة الدمقرطة بمعزل عن هذا المسار. ان التفاعلات والتجاذبات المتصاعدة مغاربيا تبين أن الدمقرطة لا يمكن أن تتم بمعزل عن واقع معقد فيه الكثير من التوازنات المحلية والاقليمية والدولية. ومثلما كان الحال دائما، بما في ذلك في النماذج الغربية، فان الدمقرطة ستتحدد مسارا وتوقيتا وسرعة حسب توافقات موضوعية معقدة. والتوافقات وحدها وليس عقلية الفرض والاملاء أو التوتر والصراخ هي التي ستحل المعضلات القائمة. ومن هذا المنظور يجب النظر لمسألة المصالحة الوطنية. فهي، بمعني آخر، البعد الواقعي والعملي الذي سيشكل القاعدة التوافقية الممكنة لارساء مسار دمقرطة حقيقي ومن ثمة تحقيق المثال الديمقراطي. ان مسار المصالحة الوطنية الذي هو في وضع تشكل في بعض الأقطار وفي حالة ما قبل الولادة في أقطار أخري سيصبح مسارا حتميا للبقاء بمجرد أن يسترجع التهديد القاعدي للسلم الأهلي حيويته (في المثال الجزائري) أو يصبح أمرا واقعا (في بقية الأقطار)، وهذا للأسف وكما أشرت ليس الا مسألة وقت. ان استمرار البعض في انكار هذه الآفاق بدعوي نجاح ما هو قائم لن يغير في الأمر شيئا الا في اتجاه تعقيد الحلول وتأجيل التوافق. ان لمعادلة المصالحة الوطنية مغاربيا علاقة قوية بل مشروطة بطبيعة العلاقة بين الأطراف القومية والاسلامية. ومن الضروري التأكيد هنا علي الطبيعة الخاصة للمحيط المغاربي. حيث يبدو التواجد المهيمن للاسلام مغاربيا وبمدرسته السنية المغاربية العريقة (المالكية) عاملا أساسيا شكل ويشكل قاعدة للتوافق يجمع الغالبية العربية مع الأقليات البربرية. أكثر من ذلك فان الخصوصية العربية البديهية للاسلام جعلت من مفهوم العروبة مفهوما متضمنا حتي ضمن الظرفية البربرية. ومن ثمة فان التماهي بين الظاهرتين الاسلامية والقومية في الواقع المادي والثقافي المغاربي جعل من الصعوبة بمكان استقطابا سياسيا متبادلا بين التيارات السياسية التي تتصدر الدفاع عن الظاهرتين مثلما حدث بشكل مبكر وبارز في المشرق العربي. وهكذا كانت الحركات الوطنية المغاربية التي قادت مسيرة الاستقلال هي حركات قومية-اسلامية بالفطرة (حزب الاستقلال، جبهة التحرير، حزبا الدستور القديم والجديد).

وبالرغم من السلبيات المرتبطة بتقاليد استبدادية لم يكن سهلا تجاوزها فان من المثير أن مختلف هذه الحركات الوطنية قد احتوت الي هذه الدرجة أو تلك نزعات عملية وفكرية نحو الانتماء القومي الاسلامي. وربما من العثرات التي يمكن حسابها علي التيارات القومية والاسلامية المغاربية المشابهة للحالة الحركية المشرقية بشكل متفاوت عدم ادراكها الكافي لأهمية الكتل القومية والاسلامية في البني القطرية المغاربية بما في ذلك داخل الأحزاب المهيمنة. وربما من عوامل اللخبطة تصرفات هذه الكتل نفسها والتي تذهب في أحيان كثيرة الي تصور غير دقيق يقول بضرورة تمييز الأمة القطرية ( الأمة المغربية ، الامة الجزائرية ، الأمة التونسية ) والتأكيد عليها بشكل يستفز الأطراف الحركية القومية والاسلامية.

وبشكل عام يبدو الوضع المغاربي كالتالي: أولا، أطراف محلية لا ترغب في المصالحة الوطنية لتداعيات الدمقرطة المتماهية معها ومن المفارقة أن هذه الأطراف تبدو متناقضة: من جهة أولي جزء من النخب الحاكمة الآتية اثر العقد الاجتماعي المرتجل والضمانات الدولية الأمريكية لعالم ما بعد الاستقلال وغير المستعدة لادراك المتغيرات القطرية والقومية، ومن جهة ثانية التنظيمات القاعدية التي ترفض الجميع وتري في الديمقراطية والمصالحة مع المرتدين و الكفر ضلالا مبينا. ثانيا، أطراف اسلامية وقومية ووطنية اعتدالها يكمن في تفهم الواقع القطري والقومي والاستعداد للدفاع عن الأمن القومي في اطار جغراسياسي مغاربي يشكل جناحا هاما للأمن القومي العربي.

ان أي حوار منظور بين التيارات القومية ونظيرتها الاسلامية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الملامح العامة للوضع الراهن والتي يمكن حصرها في النقاط التالية:
ـ الطرح القومي بوصفه توصيفا لواقع أكثر منه مشروعا بديلا.
ـ الاسلام القاعدي هو نتيجة للفراغات في الأمن القومي وعامل مقوض لهذا الامن في نفس الوقت.
ـ الاسلام المعتدل سينتهي الي الاقرار بأن الطرح القومي هو الطرح الأكثر واقعية.
ـ هناك قوميون واسلاميون بالفطرة في الواقع الخصوصي للمغرب العربي.

انتهى.