عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 13-11-2006, 05:59 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(8) يوجه النقد للأشياء بعيدا عن الأشخاص

إن للكلمات اللطيفة الطيبة أثر مهم في الحفاظ على كرامة الإنسان خاصة إذا تم التركيز على سلوك الفرد لا على شخصيته. فالنقد الموجه للسلوك يدفع الاخر الى الثقة في نفسه وتعديل مساره .
لننظر إلى سيدنا يوسف عليه السلام كيف عزا عدم ارتياحه في ذهاب يوسف مع إخوته إلى الذئب ولم يصفهم باللامسؤولية أو التآمر عليه أو بغيرها من الأمور التي توجه إلى ذواتهم "إني ليحزنني أن تذهبوا به ويأكله الذئب وأنتم عنه غافلون" قيل: قال يعقوب هذا تخوفا عليه منهم ، فكنى عن ذلك بالذئب.

قال يعقوب عليه السلام: "قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" إنه التلطف في القول فلم يصف أولاده بالكذب وإنما قال "بل سولت لكم أنفسكم" ذات الوقع الأفضل والأقل ضررا على نفسية الأولاد. وقوله تعالى"على ما تصفون" فلم يقل على كذبكم، وكأنه عزا الكذب إلى قولهم لا إلى شخصهم. ويقول ابن عاشور وهذا في غاية البلاغة لأنه كان واثقا بأنهم كاذبون في الصفة.

وعندما فسر سيدنا يوسف رؤيا الملك وقال اتوني به قال:" فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم" فقد ذكر قطع الأيدي ولم يذكر مراودتهن له، تنزها منه عن نسبة ذلك إليهن، ولم ينسب المراودة إلى امرأة العزيز إلا حين رمته بدائها وانسلت. وقد اكتفى هنا بالإشارة الاجمالية "إن ربي بكيدهن عليم" فيجعل علم الله تعالى بما وقع عليه من الكيد مغنيا عن التصريح.

وعندما أجاب عن رؤيا الرجلين في السجن قال: "إني تركت ملة قوم لا يومنون بالله وبالآخرة هم كافرون" وفيها إشارة إلى العزيز وحاشية الملك والقوم الذين يتبعهم، والفتيان على دين القوم، ولكنه لا يواجههما بشخصيتهما، وإنما يواجه القوم عامة كي لا يحرجهما ولا ينفرهما، وهي كياسة ولطافة وحسن مدخل.

ومن حسن خلق يوسف عليه السلام أيضا أنه قال: "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" ولنقف على هذه الآية لنتأمل:
قال: أحسن بي ولم يقل أحسن بكم
ثم ذكر حاله في السجن ولم يذكر الذئب ولا حاله في الجب لتمام عفوه عليه السلام
ثم ذكر مجيئهم من البدو ولم يقل جاء بكم من الجوع والنصب
ثم قال من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ولم يقل نزغ الشيطان إخوتي
فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده

وحين نريد أن نركز على التواصل الفعال، لا باس من ذكر هذه القواعد الذهبية:
*لا تحكم على الشخص واحكم على أفعاله
*لا تقلل من قيمة محدثك بالتفكير أو اتخاذ القرار عنه، بل ادفعه للاعتماد على نفسه
*غير الفكرة التي تحملها عن الشخص قبل ان تفكر بتغييره
*تذكر أن قناعتك بالآخر واعتباره قادرا سيساعد على تطوير حسناته الكامنة فيه.


يتبع
الرد مع إقتباس