عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 14-11-2006, 09:58 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(9) الكذب عمره قصير

يعد الكذب سلوكا اجتماعيا غير سوي، ينشأ عنه العديد من المشكلات الاجتماعية، ويلجأ المرء للكذب ليستر زلاته أو ليتجنب عقابا محتملا، وهو جبن لأنه فرار من شر إلى مثله. و أشجع الناس من يستطيع مواجهة نفسه و الاعتراف بخطئه فيكفل لنفسه الطمأنينة و قد يحضى بالصفح و المغفرة.
قال تعالى:" وجاءوا على قميصه بدم كذب" فبالرغم من كونهم عصبة إلا أنه فاتهم أمر هام ذكره بعض أصحاب التفسير من أن يعقوب عليه السلام قال: ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا، أكل ابني ولم يمزق قميصه، فذلك من تظرفات القصص.

ولتحقيق العدل والذود عن الحقيقة، لا بد من الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين. يقول تعالى: "قال هي راودتني عن نفسي و شهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين. وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن، إن كيدكن عظيم" 26-28.
يرى ابن عاشور أن سبب تسمية قوله بالشهادة يؤول إلى إظهار الحق في إثبات اعتداء يوسف عليه السلام على سيدته أو دحضه، وهذا من القضاء بالبينة. ولا شك أن الاستدلال بكيفية تمزيق القميص نشأ عن ذكر امرأة العزيز وقوع تمزيق القميص.... ولولا ذلك ما خطر ببال الشاهد أن تمزيقا قد وقع. والظاهر أن الشاهد كان يظن صدقها فأراد أن يقيم دليلا على صدقها فوقع العكس كرامة ليوسف عليه والسلام.

إن النفوس إذا شبت على شيء شابت عليه، لذا حرص الإسلام على غرس الفضائل في نفوس الأطفال وأكد على ضرورة القدوة الصالحة. عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وأنا صبي صغير فذهبت لألعب فقالت أمي: يا عبد الله، تعال أعطك، فقال صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه" قالت تمرا فقال: "أما أنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة"
على أنه يجدر التنبيه إلى أنه من الصعوبة بمكان أن نصف الطفل الذي لم يبلغ السادسة بالكذب نظرا لخلطه الواقع بالخيال وضعف قدرته على الإدراك، لكن بعد ذلك السن يكسب الطفل القيم التي تصبح جزءا من حياته

وقد يلجأ البعض إلى استخدام ألوان متنوعة من الكذب بقصد التمويه وحماية النفس :"وجاءوا أباهم عشاء يبكون" فالأجدر بالمتلقي أن لا يعطي فرصة لمهاجمة قلبه عن طريق الاستفزاز أو الاستعطاف بالبكاء كما يجب أن يكون حريصا على أن لا يكون سببا في دفع الأبناء إلى الكذب من غير قصد: فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الناس فلقنهم أبوهم الجواب.

ولعل غياب القدوة أو قسوة الوالدين أو الشعور بالنقص قد تعتبر أسبابا في اللجوء إلى الكذب. إلا أن هذا السلوك يمكن علاجه بأساليب نذكر منها:
1- تجنب الضرب أو التشهير في العلاج
2- تشجيع من يعترف بخطئه و غرس الثقة في نفسه
3- ذكر مخاطر الكذب وعقوبة الكاذب في الدنيا والآخرة
4- تجنب التفرقة بين الأولاد و احتقارهم

يتبع
الرد مع إقتباس