عرض مشاركة مفردة
  #89  
قديم 30-08-2004, 12:15 PM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

الأخ ابو جاسم
هذا مقال جيد للكاتب الدكتور ابراهيم علوش


دفاعاً عن الاستراتيجية الميدانية للمقاومة العراقية



برزت أصواتٌ على السطح السياسي والإعلامي مؤخراً تقول أنها تؤيد المقاومة العراقية واستهداف الاحتلال، ولكنها تعارض استهداف "المدنيين" من العراقيين والعرب والمسلمين، وضرب مراكز الشرطة العراقية ومنشآت الدولة الحيوية.

وحيث أن بعض هذه الأصوات يفترض أنه محسوبٌ على الإسلاميين أو القوميين أو اليساريين، فإن مقدار التشويش والخلط الذي يمكن أن تحدثه في الصف الوطني والإسلامي لا يقل خطورةً عن التشويش والاختلاط الذي أحدثته دعوات "المقاومة السلمية" و"المقاومة بلا عمليات استشهادية ضد المدنيين" في فلسطين!
>ولكن استراتيجية المقاومة الميدانية نفسها أبعد ما تكون عن التشوش والاختلاط، بل أنها تتميز بفعالية عالية ووضوح في الرؤيا على الأرض، وضعا الاحتلال فعلياً في عنق الزجاجة، ولا ينقصهما إلا أداء إعلامي بالمستوى عينه يمكن أن يشل تذبذب المشككين بالمقاومة، تحت ذريعة تسديد خطاها.
فيما يلي محاولة لإلقاء الضوء على تماسك عناصر الاستراتيجية الميدانية للمقاومة العراقية في وحدة كلية تهدف بمجملها لخنق الاحتلال ومؤسساته العراقية، ورفع كلفتها إلى حد لا يطاق، إلى أن يجثم العملاق الأمريكي مهزوماً على وجهه:

1) بالنسبة لاستهداف الشاحنات والقوافل المحملة بالمؤن، توجد ثلاثة خطوط إمداد برية رئيسية للاحتلال وأعوانه في العراق. وقد تمكنت المقاومة حتى الآن من إغلاق خط تركيا بشكل شبه كامل، ومن إغلاق خط "إسرائيل"، عبر الأردن، إلى حد كبير، ويبقى بعدها خط الكويت-البصرة، الذي ما زال يعصى على المقاومة بسبب قصره، مقارنة بالخطين الآخرين، وبسبب نفوذ السافاك الإيراني في منطقة البصرة. وبالرغم من ذلك، فإن بعض خطوط التموين والإمداد الفرعية من البصرة إلى المدن العراقية الأخرى تعترض وتعرقل باستمرار

ومن المعروف في علم الحرب أن قطع خطوط الإمداد والتموين عن العدو قد يكون أكثر أهمية على المدى البعيد من استهداف عنصره البشري، وهو ما يتجاهله على ما يبدو "مؤيدو" المقاومة المعارضون لاستهداف قوافل الإمداد المتجهة شطر العراق!

2) بالنسبة لاستهداف الشرطة العراقية ومراكزها، لا بد من التفريق ما بين المحافظات والمدن العراقية المختلفة. ففي ديالى مثلاً، دخلت الشرطةَ أفواجٌ من عناصر قوات بدر وحزب الدعوة والمليشيات الكردية الآتية مع دبابات الاحتلال، وكذلك في الموصل دخلت الميليشيات الكردية تحت عنوان الشرطة، ولذا تجد هناك عملية استهداف منهجية لها، مشروعة بالضرورة، لأنها تشكل قصقصة لأدوات الاحتلال المحلية. ولكن في مدن كثيرة في الأنبار غرب العراق، لا تجد استهدافاً للشرطة، بل تجد المقاوم والشرطي يغضان النظر عن بعضهما.
والخلاصة بالنسبة للشرطة والدفاع المدني وغيرها أنها ليست موجودة فوق المجتمع، فبوجود الاحتلال، يصبح الموقف منه مقياس الموقف منها. فكلما اقترب طرف أو فئة من الاحتلال، ليصير أداة من أدواته، حق "تلحيمه" غير مأسوفٍ عليه، وهو ما لا يختلف بشيء عن استهداف عناصر جيش لبنان الجنوبي المتعاون مع الاحتلال الصهيوني بالمناسبة.

3) بالنسبة لاستهداف رموز الحكومة "المؤقتة" ومنشآت الدولة الحيوية، من الطبيعي أن يكون الهدف الاستراتيجي للمقاومة هنا هو زعزعة استقرار كيان الاحتلال وأذنابه ومنعه من التوطد ومن أداء مهامه بشكل طبيعي وصولاً لاستنزافه بالكامل ودفعه للانهيار الشامل. ومن هنا، فإن تفجير أنابيب النفط، وتصفية الكوادر الأساسية، وتعطيل عمل الدوائر الرسمية، وفرض حواجز نفسية لمجرد الاقتراب من، ناهيك عن التعاطي مع، مراكز التطوع، واستهداف المنشآت الحيوية بشكلٍ عام، يصبح كله جهاداً مقدساً على طريق تحرير العراق.
وإذا كان المواطن العراقي متعباً من عقود العدوان والحصار عليه، فإن العلاج لا يكون بالسماح للدولة صنيعة الاحتلال بمزاولة عملها بشكل طبيعي، لأن الثمن الذي سيدفعه العراقيون عندها سيكون أكبر بكثير على المدى البعيد إذا سمح للاحتلال أن يستقر.

4) بالنسبة للعرب والمسلمين في العراق، الأولى بهم أن يتطوعوا بالمقاومة، فإن أسهموا عوضاً عن ذلك بتموين وتأسيس البنى الأساسية للاحتلال، فإن ذنبهم يكون أعظم من سيدهم الأمريكي القادم من خلف البحار. وليفهم الداعون إلى قوات عربية وإسلامية في العراق...
نعم، بعد ذلك يوجد في العراق اليوم، غير المقاومة، جريمة وعصابات، وأعوانٌ للموساد يصفون العلماء، ومخابرات إيرانية تصفي الحسابات مع الخارجين عليها من أعوانها ومع رموز الحكم السابق، ولكن من يتحمل مسؤولية هذا الانفلات الأمني الكبير إلا الغزو والاحتلال؟!
__________________