عرض مشاركة مفردة
  #37  
قديم 03-10-2005, 12:36 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

صــــراع الحـــــــــق والباطــــــــل



في أحد الأيام جاء أخوه الذي يدرس في المرحلة الإعدادية وعلامات الحيرة والشك تبدو على محياه !!
لفتني منظره وارتباكه ..
كانت الأم تجلس بجانب جهاز التسجيل تستمع إلى أحد أولياء الصوفية وقد خفضت الصوت ..
بينما جلس الزوج وأخته يُطالعان بعض الصحف والمجلات ..
أما أنا فأخذتُ أسرّح شعر الطفلة الصغرى وأداعبها ..
ألقى الصبيّ بحقيبته على الأرض بصورةٍ أثارتْ دهشتنا جميعاً !!!

فبادرتْ الأم بسؤاله :
- ما بك يا بني؟ لِمَ أنت مستاء ؟! هل حدث لك مكروه ؟
تأفف الصبيُّ وألقى بجسده على الأريكة ..
بينما ترك الزوج الصحيفة ونظر إلى أخيه باستغراب فسأله :
- ماذا حدث ؟! ما بك ؟!! هل تشاجرت مع أحد رفاقك ؟!
تركزتْ أنظارنا عليه ..
فقال أخيراً بنفاد صبر وحيرة :
- أشعر بأني أعيش في تناقض تامٍ مع نفسي ..
وفي صراعٍ دائمٍ معكم ومع دراستي للمواد الدينية !!!!
هناك اختلاف كُلّي بين كل منكما !! أنا في حيرة !! ماذا أفعل ؟!
لم أعد أستطع الاستيعاب !!!

نهض الزوج بسرعة وجلس بجانب أخيه واحتضنه بقوة ثم قال :
- وما الذي جعلك في حيرة من أمرك يا صغيري ؟ أخبرني ..
هزّ كتفيه ... ثم قال بشرود :
- هل والد الرسول صلى الله عليه وسلم مات كافراً ؟ وهل هو في النار ؟!
ثار الزوج وزمجرت الأم وصُعقتْ الأخت !! ما هذه الأسئلة ؟!!!
أجاب الزوج غاضباً :
- ماذا تقول ؟!! تباً لهؤلاء الكفرة الوهّابيين !! هؤلاء الضالين !
قاموا بتكفير والد الرسول أيضاً ؟! عليهم اللعنة !!!
أردفت الأم بسرعة :
- قاتلهم الله ! .. إنهم لا يحبون الرسول الكريم فيتقوّلون عليه الأقاويل !
كل هذا هراء وأباطيل يا بني فلا تصدقهم لا تصدقهم ... تباً لهم !!

قال الصبيُّ ببراءة :
- ولكنّ المعلم حدثنا عن ذلك بقوله : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أين أبي ؟ قال له :
" في النار " فلمّا ولّى الرجل قال له صلى الله عليه وسلم :
" يا هذا أقبل أبي وأبوك في النار " ..
فما مدى صحة هذا الحديث إذاً ؟!!
وقفت الأم بتثاقل تحمل جسدها الثقيل وهي تحتضن ولدها :
- كل هذا هراء يا بنيّ فلا تصدق ! إنما مات مؤمناً !
ولكنّ هؤلاء الكفّار الوهّابيين يشوّهون دائماً صورة النبي صلى الله عليه وسلم في أعين الناس !!
فعلينا الحذر منهم دائماً ومحاربتهم بل ومقاطعتهم !!!
وفجأة ! تذكروا وجودي بينهم فحدّقوا فيّ بنظراتهم الحاقدة .. وكادوا يلتهمونني !!!

فسألني الصبيّ رأيي فيما قيل فوقفتُ أبتلعُ ريقي وشعرتُ بنظرات الزوج المتوعّدة فاستحثني الصبيّ على الإجابة ..
لا بد إذاً أن أقول الحقيقة .. لن أكذب !!
فقلتُ وأنا أسترجعُ أنفاسي :
- لا .. لا أعلم .. ولكن .. ولكن أعتقد أعتقد أن هذا الحديث ...
صحيح رواه مسلم !!! .... و .....
أمسك الزوج حينها بتلابيبي وألقى بي على الأريكة وهو يزمجر :
- صمتاً .. صمتاً .. لا تُفسدي أفكار الصبيّ !!
إنك تكذبين ! لا أريد سماع ذلك مرة أخرى !
إنك تتبعين ذلك الوهابيّ الكافر .. سيرديكِ في جهنم أنتِ وزمرته !!

تدارك الصبيُّ الموقف فسأل الزوج تغييراً للموضوع:
- لماذا يقول المعلّم أن الرسول بشرٌ خُلِق من طين ؟!!
ألم يُخلق من نور وجه الله ؟!
لقد قلتَ لي يا أخي إنه خُلِق من نور الله وأن هذا الحديث صحيح !!!
ولكن المعلم يؤكّد أن هذا الحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولا أصل له في كتب الحديث المعتبرة !!!
آه ما أسعدني !! لقد أشفى هذا الصبيُّ غليلي !
انبسطتْ ملامح وجهي بعد العاصفة الهوجاء !!

ولكن الزوج زجر أخاه بعنفٍ :
- لا تستمع لكلامهم ! فأحاديثهم هي المكذوبة .. ومذهبهم هو الزائف ! وحياتهم حياة كفر وضلال وفسق !!
وثِقْ دائماً بصحة ما تتعلمه منّا نحن ، لا تكن كسواك !!
فنظر إليّ حاقداً غاضباً .. وأخذ الصبيّ معه إلى الحجرة التالية !!!
تبعته أمه وأخته بسرعة ..
يريدون إغراق هذا البريء فيما هم فيه غارقون !! وثملون !!

وقفتُ .. ذهبتُ إلى الحديقة و عينايّ تشّعان حبوراً وسروراً ...
لا بُدّ للحقّ يوماً أن ينجلي ولو على يد هذا الصبيّ الصغير !! عُدْتُ إلى الصالة وقد عادوا إليها قبلي !
الكل قد لفّه الصمت والوجوم .. وهم يفكّرون في الحقائق القوية القادمة إليهم من .. الوهّابيين !!!




وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس