عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-06-2007, 08:35 PM
redhadjemai redhadjemai غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 1,036
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى redhadjemai
إفتراضي

تابع....
إن المسلم البسيط غير الأزهري المتفيقه لا شك سيسأل نفسه هنا : هل تجب السنة القرآن الكريم وتلغى آياته الفصيحة لواضحة وهي تقول "من شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر" أو وهي تؤكد أنه "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (2/256) ، فهل على هذا المؤمن البسيط الذي هو مادة الإسلام الحقيقية وهو من يشكل جمهور المسلمين أن يصدق الحديث الواحد الأوحد؟! أو يصدق القرآن الكريم؟ أم عليه أن يصدق كليهما فيصاب بالحول في الرؤية في أخص ما يعتقد؟! خاصة عندما يروي له الدكتور "بيومي" رواية أخرى هي على النقيض من منطوق الحديث ، وهي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضاً إبان صلح الحديبية بين النبي ومشركي مكة ، عندما قال له ممثل مكة في الصلح "سهيل بن عمرو" شرطاً : "من يسلم من عندنا ويأتي إليك ترده إلينا ، ومن يرتد عنك ويأتي إلينا لا نرده إليك" فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : "من يرتد لا رده الله".
هنا لا أرى المؤمن الطيب الذي لا يجيد ألوان الخطاب الخداعي المعتمد لدى سدنة الفقه إلا مصاباً بالبلبلة التامة ، فالنبي في البخاري يأمر بقتل من بدل دينة وفي الحديبية لا يهتم بالمرتد ، بل يدعو الله بعدم عودته والآيات تؤكد أنه لا إكراه في الدين ، والصديق يحارب المرتدين..
فأين يجب على المسلم الصالح أن يقف؟! وماذا يصدق فيما يلقى إليه؟! إن صدق بعضه وترك بعضه فإن بعض علماء الأزهر سيتهمونه فوراً بأنه "أنكر معلوماً من الدين بالضرورة" ويكون بهذا المعنى مرتداً وعليه أن يستعد للاستتابة المؤبدة أو القتل ، ولا يبقى عليه إلا أن يلغي عقله نعمة الله عليه ويقبل كل هذه المتناقضات معاً وهو صامت قانع بالسلامة ، أو أن يتابع معنا محاولة الفهم..

2 - تحريم أن تفكر!
• عندما خاض الخليفة أبو بكر حروب الردة لم يستند إلى الحديث الذي يستند إليه بعض رجال الدين
• كتب الإسناد اعتمدت على بشر غير معصومين بأخطائهم وسهوهم ونزواتهم وأطماعهم
كلا لن نقف مع حديث "ألاوزاعي" بشأن حد الردة الذي دونه بعده "مسلم" بحوالي قرنين من الزمان في صحيحه ، دون أن يشير إلى "الأوزاعي" نفسه كأحد رجال إسناد الحديث (5 / 106) ، نظراً لأن لجنة العقيدة والفلسفة التي اجتمعت ورفعت توصية بمجمع البحوث الإسلامية لتمديد مهلة استتابة المرتد مدى الحياة بدلاً من ثلاثة أيام لإثبات أن الإسلام ليس ضد الحريات ، وأنه ليس دين إرهاب كما يزعم الممترون ، لم تشر إلى حديث "الأوزاعي" ربما لما لحق الأوزاعي نفسه من منكرات معلومة مشهورة ، وأختار المجتمعون الوقوف عند حديث واحد بهذا الشأن ورد بصحيح البخاري ونصه "من بدل دينه فاقتلوه" ، وذلك حسبما ورد في تحقيق روزاليوسف بالعدد (3871) ، رغم ما يعتور هذا الحديث بدوره من مآخذ واضحة بعد هربهم إليه فراراً من "الأوزاعي" ومناكيره.
والملحظ الأول الذي لابد أن يلفت نظر أبسط العقول سذاجة هو صياغة "الحديث الحجة" الذي اعتمدوه واعتمده من عارض اجتهادهم أيضاً ، فصياغة الحديث لا تنم عن دقة نص قانوني وفقه تشريعي ، فمن غير المقبول ولا المتصور أن يلقى نبي الأمة كلامه هكذا على عواهنه في أمر يتعلق بحياة العباد ، لأن معنى الحديث سينطبق على كل من بدل دينه أيا كان هذا الدين ولا يخص الإسلام وحده ، وهو ما ينقض دعوة الإسلام إلى الإسلام من أساسها. إضافة إلى كونه من أحاديث الآحاد الواجب التزام الحذر في قبولها إذا تعلقت بحقوق العباد فما بالك بسفك دمائهم.
والأكثر إفصاحاً بهذا الشأن أن الخليفة "أبا بكر الصديق" عندما قرر شن حربه المعروفة بحروب الردة ، وعارضه "عمر بن الخطاب" وفريق من الصحابة ، لم يحتج عليهم بحديث من هذا النوع ، كان وحده كفيلاً بحسم أي خلاف ، ولو كان هذا الحديث – حتى ذلك الوقت – لم يكن قد تم اختراعه بعد.
وما لا يفوت مدقق هو الأسس الفقهية التي أسست عليها لجنة العقيدة والفلسفة في المجمع توصيتها بتمديد مدة الاستتابة ، فقد بنت اجتهادها على أسس تجب الحكاية برمتها من جذورها ، من هذه الأسس أنه ليس هناك حكم قاطع قام عليه الإجماع بالنسبة للمرتد ، ومنها أيضاً أن النصوص التي جاءت بشأن الارتداد قابلة للتأويل والترجيح. فإذا كان الأمر كذلك فلا تدري السر العجيب في تاريخية هذا النص الأعجب ، ولا السر في هذه الرغبة الحميمية في سفك الدماء بموجبه عبر التاريخ.
هذا ناهيك عن كون الدكتور "رأفت عثمان" وهو يقف وراء حد قتل المرتد منافحاً رافضاً أي تأجيل لمشهد الدماء الجميل ، يدعم موقفه الشديد القسوة دعماً شديداً بقوله: "إن هذا حديث غير ضعيف ، ويكفينا أنه قد ورد في صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن.. هكذا ؟!". متصوراً أن ألقم الجميع حجراً ليخرسوا ولا ينسبوا ببنت شفة ، وأنهم مما قال سيرتجفون فرقاً وهلعاً !
أليس غريباً أن تسمع كل هذا الضجيج والطنين بين مؤجل للقتل وبين مؤيد للعكس ، مع المآخذ الجسام على السنة القولية / الحديث سواء وردت في صحيح البخاري أو صحيح غيره ، وما جرى حولها جرحاً وتعديلاً وإسناداً منعا لها من السقوط. ومدى تنازع الفقهاء والدارسين عبر التاريخ حولها على اختلاف فرقهم من سنة إلى شيعة وفروعهما إلى علماء كلام وفلاسفة ، وكيف تنوعت درجاتها بين حسن وضعيف وغريب. ومع المعرفة المؤكدة أن كتب الإسناد قد اعتمدت على بشر غير معصومين بأخطائهم وسهوهم ونزواتهم وأطماعهم وأهوائهم ومنافعهم ، انتقلت الرواية عبرهم وجرت عبر زمن متغير تغيرت فيه سياسات أصحاب السلطان ومطالبهم من الرواة ، في سلسلة من العنعنات عبرت سنين طوالاً انقضت بين زمن الرواية المفترض وزمن جمعها في الصحاح.
وثقة في علم سادتها المشايخ عجب أن يصروا مع كل هذا على إقامة بعضها حجة لتشريعات قاتلة مرعبة مرهبة ، ونعجب للدكتور "رأفت عثمان" ، الذي يبلغ كمال الحجة في كون الحديث قد ورد في حديث البخاري؟ ، وهو العارف عن البخاري قد جمع 600 ألف حديث ألقي منها في غياهب التاريخ 596 ألف حديث واصطفى فقط أربعة آلاف ، واعتمد في اختياره لم أبقاه على كان ينشرح له صدره بعد الصلاة والاستخارة فيما رد به علينا يوماً الدكتور "المطعني" ، وهو الأمر الذي لا يمكن وصفه بالعلمية ، كما لم يكن للبخاري علاقة بالسماء ولم يكن يتلقى وحياً حتى نعتمد استخارته واختباره وحده دون عقل الأمة كلها ، لنذبح الناس ونرهبهم بموجب هذه الانشراحات المزاجية ولمجرد مأثور جرى مجرى الحقائق الربانية ، هو "أن صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله" ، حتى كاد البخاري "الشخص" يقف بين مقدسات المسلمين العليا تصديقاً لما دونه وفق حالاته الانشراحية.
وقد سبق وأفضنا في مناقشة حجية السنة القولية على صفحات روزاليوسف "الأعداد من 3695 : 3700" ، تكفي هنا الإشارة للرجوع إليها منعاً للإطالة والتكرار مع إشارة واجبة "لها سببها" إلى تأثر الدكتور مصطفى محمود بشدة بما كتبنا حتى تبنى المسألة ونقل عنا بالنص ما نشرناه حتى بأخطائه المطبعية ، وما سقط منه دون أن يراجعه على أصوله ، وبالطبع دون أن يشير إلينا فمن سيلتفت والمساقة فارقه بين النجوم والباحثين في بلادنا ، وربط ما قلنا بما أثرناه حول مسألة الشفاعة وذلك بدءاً من موضوعه "ليس إنكاراً للسنة 12 / 6 / 1999 الأهرام" ، فأثار زوبعة لم تهدأ حتى الآن ، أما سبب هذه الإشارة فهو أن زوبعة الدكتور مصطفى أدت إلى ظهور تهمة جديدة في قاموس الإرهاب الديني ، وهي أننا ومن هو مثلنا من "القرآنيين" أي من يعتمدون القرآن وينكرون السنة ، ولوجه الحق فإن صاحب هذا القلم لا يتعامل مع المأثور من منطق الإنكار أو عكسه ، لأن السنة القولية أو التاريخ الإسلامي أو كتب السير والأخبار هي بالنسبة لنا مادة للمعرفة والبحث نطالع من خلالها على أصول ذلك الزمان وأساليب التفكير فيه وأحواله المجتمعية والسياسية وتفاصيل ومنمنمات كل ما يتعلق بالبحث العلمي ، فهي مادة للمعرفة وليست وسيلة للمعرفة يمكن التشاجر حول أحقية من يملكها أو ينكرها أو يصدقها. والمقصود هو بيان الألوان المختلفة الممكن اختراعها دوماً لتلفيق التهم التي تستتبع حد الردة ، لأن "القرآني" بإنكاره السنة ستطاله فوراً تهمة "إنكار معلوم من الدين بالضرورة " وهو ما يفصح عن كون حد الردة وحكاية إنكار المعلوم بالضرورة ، قد أصبحت سلاحاً بأيدي أصحاب المعالي من مشايخنا عند أي مخالفة لما استقر عليه السلق منذ آلف عام مضت ، لأنهم حراس هذا المستقر الذي حوله يستقرون وينافحون ليس لوجه الله ولا الدين ولا الحق ولا الناس ولا الوطن ، ولكن لإسكات أي صوت مخالف ينتقص من وحدانية حقهم في امتلاك الدين.
وهكذا لم يعد معنى الردة قاصراً على إعلان المسلم خلع نفسه عن الإسلام والدخول في دين غيره "رغم أني لا أرى أن هناك ديناً يستحق أن تترك ديناً آخر لأجله" ، بل أصبحت الردة أن تطرح من داخل الإسلام جديداً مخالفاً لما جمدت عنده عقول اكتفت بوظيفة الحراسة دون وظيفة العقل ، مع احتمال مرجح أن يكون هذا الجديد عن نية خالصة تقصد وجه الوطن والناس والدين ، رغبة في اللحاق بحداثة الزمن لتلحق أمتنا بأمم تجاوزنا وبزمن أبعد من زماننا القروسطي. وأصبحت أية طروحات جديدة تعني التعدي على مساحة التقديس التي استولى عليها مشايخنا وتصوروها مناطق محرمة حلالاً عليهم حراماً على غيرهم ، كما أصبحت تعني التعدي على ما تصوره مناطق نفوذ سلطوية يستمدون منها وظائفهم وتحقيق ذواتهم ووجهاتهم الاجتماعية ، وأحياناً السيادية ، أو تصوروه ممتلكات خاصة ممنوعاً الاقتراب منها أو التصوير لأنها وحدهم من بيدهم الإسلام ، أو هم الإسلام ذاته.
ومن ثم تجاوزت مسألة الردة تجريم حرية الاعتقاد وعقابها بالدم ، إلى تجريم وتحريم أن تفكر ، "ثم يتساءل البعض مندهشاً عن سر تخلفنا بين الأمم"؟!!
تحريم أن تعمل عقلك فيما يخص روحك وقلبك ، وهو أخص الخصوصيات ، وعلينا أن نقبل كل ما يلقى إلينا ونحن كالخشب المسندة حتى لو احتوى كل المتناقضات ، وحتى لو كانت تقف وراءه حسابات مصالح لا حسابات إسلام ، وأن تلغي تفكيرك لأنك إن أعملته استلوا عليك إنكار المعلوم من الدين بالضرورة ويتلوه الاتهام بالردة.. أو ليس هذا هو الإرهاب بعينه وبذاته؟ هذا رغم ما يتم التعتيم عليه من اجتهادات فقهاء عظام أدركوا معنى حركة الزمن وضرورة تحديث ما بأيديهم فقالوا : "لا يكفر المسلم بقول يحتمل الكفر من تسع وتسعين وجهة ، ويحتمل الإيمان من وجهة واحدة / ابن عابدين / بد المحتار / 292".
وللتأكد من الاستثمار الانتهازي لهذا الحد من جانب فقهاء الدم لإسكات صوت العقل في الأزمة ، أضرب هنا الأمثلة الثلاثة الآتية :
1
__________________