عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 12-11-2006, 04:20 AM
Orkida Orkida غير متصل
رنـا
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 4,254
إفتراضي

.. وأتابع الموضوع بنقلي لكم الارهاب كما يصفه الدين الاسلامي..


الإرهاب كما يصفه الإسلام



من المشاكل الأساسية التي يعاني منها الفكر السياسي والعقائدي بصورة خاصة هي مشكلة المصطلحات ، وتزداد المشكلة تعقيداً عندما يتحول الفهم إلى قانون يعبر عن وجهة نظر معيّنة ..
إنّ المصطلح في مجال المعارف الانسانية يجب أن يكون صياغة علمية للفكر والمفهوم ، كما هو في العلوم الطبيعية والرياضية ، فتعريف الكتلة والسرعة والدائرة والهرمون مسألة محددة وواضحة علمياً .. وهكذا يجب أن يكون تعريف الحرية والارهاب والعنف والسلام والمقاومة المشروعة ..
ويهمنا أن ندرس هنا تعريف الارهاب من وجهة النظر الاسلامية ، ونوضح دلالته ، ونفرِّق بينه ، وبين الجهاد ومقاومة الظلم والطغيان من جهة أخرى .. ولعلنا قد أوضحنا جانباً من الفكرة بعد أن عرّفنا الجهاد وموجباته في الاسلام .
والمعنى اللغوي للارهاب كما يقول اللغويون هو الآتي : «الرَّهبة والرَّهب : مخافة مع تحرُّز واضطراب ، والارهاب : فزع الابل» .

المعنى الاصطلاحي :
وهكذا يتضح من خلال فهم معنى كلمة الرهبة والرهب في اللغة انّها تعني : الخوف والاضطراب والفزع .. وبذا يكون معنى الارهاب هو كل عمل عدواني يؤدي إلى إخافة الآخرين ، وتكوين الفزع والاضطراب عندهم ، بغض النظر عن وسائل تنفيذه ونوعية الفاعل ..
ويثور الجدل الآن في مختلف أنحاء العالم حول تعريف الارهاب .. وكل يريد تعريفه من وجهة نظره الخاصة ، وبالشكل الذي يمكنه من توظيفه لصالحه ..
ولكي يكون التعريف علمياً لا بدّ من أن يعتمد على أسس موضوعية وهي :
1 ـ إن معنى الارهاب هو إيجاد الخوف والفزع والرعب والاضطراب لدى الآخرين .
2 ـ أن يقع الخوف والفزع والرعب والاضطراب على بريء لم يرتكب جرماً يستوجب إيقاع فعل مادي أو نفسي يثير عنده الحالات الآنف ذكرها .
وبذا يكون الارهاب فعلاً يصدر من معتد على بريء يحدث له الخوف والرعب والفزع ، سواء عن طريق تنفيذ أعمال العنف كالقتل والتخريب أو التهديد ، ولأي سبب كان ، سياسياً أو مالياً أو دينياً أو جنسياً ، أو عدواناً شخصياً لأسباب نفسية واجتماعية .. وهذا الارهاب قد يصدر عن سلطة ظالمة ، أو دولة محتلة لشعب ، أو يصدر عن جماعة أو فرد ، إنّما هو فعل موصوف معرّف ومحدد ، لذا فكل فعل ينطبق عليه هذا الوصف والتعريف فهو ارهاب ، بغض النظر عن القائم به ، فرداً كان أو دولة أو جماعة ..
والارهابي هو عنصر عدواني مصنف قانونياً في صنف المجرمين ، وهو حسب مصطلح علم النفس شخص سادي يتلذذ بآلام الآخرين ، وإثارة الرعب والفزع ، وبالتالي فهو شخص غير سوي من الناحية السلوكية ، ويتسع مصطلح الارهاب ليشمل القتل العدواني والتهديد والتخريب والاغتصاب الجنسي والممارسات المثيرة للرعب والاحتلال الأجنبي ، وتسلط الأقوياء على الضعفاء بتهديد وجودهم وأمنهم ، وقطع الطرق والاختطاف .. الخ .
ولكي يتضح معنى الارهاب يجب تعريفه بعد تشخيص ماهيته ، ووصف مفرداته دونما خلط أو استغلال ، لا سيما بعد أن أصبح مصطلح الارهاب ، من المصطلحات الشائعة ، ويتحدث به عامة الناس ، كما يتحدث به رجال السياسة والقانون والأمن ، بل ويستعمله الممارس للارهاب سلاحاً يشهره بوجه المظلوم والمضطهد وضحية الارهاب لتهديده واخضاعه وابتزازه ، كما يشهر بوجه الارهابيين الحقيقيين ..
بل والأنكى من ذلك يسمى الدفاع عن النفس والوطن والحقوق المشروعة ضدّ المعتدي والحاكم الظالم ارهاباً ، كما يسمى العمل الارهابي الذي يمارسه الأقوياء والمحتلون ضدّ الضعفاء حماية للأمن ومكافحة للارهاب .. فيتحول الضحية مجرماً وارهابياً .. ويوصف مَن يمارس الارهاب من الأقوياء حامياً للأمن والسلام . .
ولوضوح مفهوم الارهاب في الشريعة الاسلامية فإن لديها التمييز الكامل بين مصاديق الارهاب وبين الممارسات الأخرى التي قد تختلط مفاهيمها مع مفهوم الارهاب .. إنّ الشريعة الاسلامية حرَّمت الارهاب .. ارهاب السلطة للمواطنين ، وارهاب الأقوياء للضعفاء ، وسمتهم طواغيت ومفسدين ومستعلين في الأرض .. قال تعالى : (وفرعون ذي الأوتاد * الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربّك سوط عذاب ) (الفجر / 10 ـ 13) .
وفي آية أخرى نجد القرآن يشخص معنى الطغيان والاستعلاء في الأرض بقوله : (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنّه كان من المفسدين ) (القصص / 44) .
وحرمت ارهاب الأفراد والجماعات ، وشرعت أشدّ العقوبات لمن ينشر الخوف والرعب في الأرض ، وسمته مفسداً في الأرض ومحارباً .
وقبل أن نغادر الحديث في هذا الموضوع ينبغي أن نوضح معنى الارهاب الذي احتوته الآيات الكريمة ، ونفرق بينه وبين الارهاب الجرمي والعدوان ، قال تعالى :
(لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأ نّهم قوم لا يفقهون * لا يقاتلونكم جميعاً إلاّ في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأ نّهم قوم لا يعقلون )(الحشر / 13 ـ 14) .
(ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون * وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون * وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنّه هو السميع العليم * وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيّدك بنصره والمؤمنين ) (الأنفال / 59 ـ 62) .
ان دراسة وتحليل معنى الآيات يوضح لنا انّ القرآن الكريم استعمل (الرهبة) .. (وترهبون) في هذه الآية ، لزرع الخوف والرعب في نفس العدو واشعاره بقوة الآخر ، لئلا يقدم على العدوان .. وهذا اللون من الارهاب هو عمل وقائي ذو دلالات إيجابية .. وهو من وسائل الردع العسكري وأدوات الحرب الباردة ، ولا دلالة له على الارهاب بمعناه المتداول المعرّف في القانون الجنائي ، بل هو خطوة نحو السلام ، لأنه يمنع العدو من ممارسة عدوانه ..
إنّ القرآن استعمل كلمة (الرهبة) حينما وصف موقف الطغاة وأعداء الله والانسان بأنهم لا يخشون الحق سبحانه ، ولا يفهمون حقيقة الايمان ، لذا فهم يخشون القوة البشرية ، والاحساس بوجودها .. يرتدعون عن ممارسة العدوان إذا ما رأوا قوة مادية تردعهم عن عدوانهم ، ولا يحترمون الحق وقيم الايمان ، لذا يدعو المسلمين لإيجاد هذه القوة ، ويحثهم على توفيرها لردع العدوان بقوله : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) .
ومن مواصلة قراءة الآية التي تليها يتضح المعنى بشكل أكثر تحديداً ; فالآية تدعو المسلمين إلى قبول السلام إذا مال الطرف الآخر إلى السلم وتقبله .. يتضح ذلك من قوله تعالى : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) .
وهكذا يتضح انّ الارهاب الذي ينتجه اعداد القوة العسكرية هدفه الدفاع والردع بايجاد الرعب والخوف في نفس العدو ، لئلاّ يقدم على الحرب والعدوان ، ولتحقيق الهزيمة المعنوية في صفوفه ، فهو اعلام حربي ، وجزء من الحرب النفسية التي تلجأ إليها الدول والجيوش ، وليس معناه الجريمة التي يمارسها الأفراد والدول والجماعات للقتل والسلب والاغتصاب والتخريب وإثارة الخوف لدى الآمنين الأبرياء ، كما أوضحنا في الحديث عن مفهوم الارهاب ومصاديقه آنفاً ..
وسيتّضح الفارق جلياً عند استعراض آراء فقهاء الاسلام في جريمة الارهاب عند دراستهم للآية الكريمة : (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتّلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم ) (المائدة / 33) .
ونستكشف الموقف الاسلامي من أولئك الارهابيين والمفسدين في الأرض من دراسات وتحليلات الفقهاء لهذه الآية .. فقد فسّر العلماء معنى (المحارب) في هذه الآية : (ويسعون في الأرض فساداً ) بما يتطابق ومفهوم الارهاب .. فلنقرأ جملة من تلك الآراء .. جاء في كتاب مسالك الافهام إلى آيات الاحكام ما نصه : « .. وأصل الحرب السلب ، والمراد بهم كل من شهر السلاح في البر أو البحر ، ليلاً أو نهاراً ، في المصر أو خارجها ، لإخافة الناس ، ولا يكفي مطلق الاخافة ، بل الاخافة من القتل بقصد أخذ المال غلية وجهراً بحيث لو لم يخفه ، ويترك المال له لقتله وأخذ ماله» .




يتبع إن شاءالله..
__________________

لا تُجادل الأحمـق..فقد يُخطـئ الناس في التفريـق بينكمـا