عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 18-07-2005, 05:45 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي تدرج الشيطان في الإغواء :


تدرج الشيطان في الإغواء

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

إن الله -جل وعلا- حذرنا في كتابه الكريم ونهانا عن اتباع خطوات الشيطان، وذلك بقوله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر"(النور/21).

وبقوله -جل وعلا-:"ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"(البقرة/168).

وقال -جل وعلا-: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا" (فاطر/6).

فبهذه الآيات يبين الله -جل وعلا- عداوة إبليس لبني آدم، ويأمرنا سبحانه أن نجتنب خطوات الشيطان، وأن نجتنب مسالكه ومدارجه، بل ويأمرنا سبحانه وتعالى بأن نعاديه أشد العداوة، لأنه يسعى لأن يجعلنا معه من أصحاب السعير والعياذ بالله.

والشيطان لا يأتي للمسلم ويأمره بالمعصية مباشرة، كأن يأمره بالزنى، وشرب الخمر، والسرقة، والقتل، وغيرها من الذنوب، وإنما يبدأ معه بتزيين المعصية له، كأن يقول له مثلاً: انظر إلى هذه المرأة وإلى جمالها، وذلك لا يضرك لأنك تخاف الله ولا يمكن أن تُقْدِم على الزنى، بل يقول له انظر إلى هذه الممثلة في التلفاز وإلى جسمها العاري، وذلك لا يضرك إذ كيف ستصل إليها، ولا يزال به حتى يجعله من الملاحقين للفتيات بالأسواق والمنتزهات وغيرها من الأماكن، بل ويجعله من الباحثين عن دور الزنى والخنا، وهل يكتفي بذلك؟ لا والله لا يكتفي حتى يجرّه إلى ترك الصلاة، ويجعل منه إنساناً يبحث عن شهوته في نهار رمضان وفي غيره من الأوقات والأزمنة المفضلة فيبعده بذلك عن العبادات، ويجعله غارقاً في المحرمات، بل ويجعل منه إنساناً لا أخلاق له، ولا غيرة عنده، بل ويجعله كافراً بالله العظيم، وذلك بتركه للصلاة، وباعتراضه على أمر الله، إذ يجعل منه إنساناً رافضاً لأحكام الله الشرعية، كرجم الزاني المحصن مثلاً، وذلك إذا كان من الزناة المحصنين، وغيرها من الأمور والأحكام، بل إن الشيطان لا يهنأ ولا يهدأ له بال حتى يوصل الإنسان إلى الكفر بالله وبدينه ولقائه، وبأسمائه وصفاته، وبما أخبرت به رسله عنه، فإن حصل له ذلك وظفر به في هذه العقبة التي هي عقبة الكفر، والتي هي أول عقبة من العقبات الستة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" بردت نار عداوته واستراح، إذ أن في هذه العقبة ضياع الدنيا والآخرة، فإن اقتحم الإنسان المسلم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان طلبه على العقبة الثانية:وهي عقبة البدعة، وهذه العقبة ذكرها ابن القيم -رحمه الله- بعد عقبة الكفر وذلك لأنها من أخطر العقبات، إذ تجعل الإنسان يتعبَّد لله تعالى بما لم يشرعه الله، بل يتعبَّد لله بما يخالف هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن للعبادة شروط يجب أن تتوافر وهي:


أن تكون هذه العبادة خالصة لوجه الله.

أن تكون على هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام.
والرسول صلى الله عليه وسلم حذر أمته من البدع ونهاهم عنها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد"(متفق عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته" (رواه الطبراني وصححه الألباني/صحيح الترغيب والترهيب).

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياكم والمحدثات، فإن كل محدثة ضلالة"(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني/صحيح الترغيب والترهيب).

والأحاديث في النهي عن البدعة والتحذير منها كثيرة جداً، وهذا للأسف ما ابتلت به الأمة الإسلامية، فنرى في أمتنا الإسلامية من البدع ما يعجز الإنسان عن حصرها، بل إن أعداء الإسلام أغرقوا البلاد الإسلامية بأعياد مبتدعة، كعيد الأم، وأعياد الميلاد وإطفاء الشمعة، والأعياد الوطنية وغيرها من الأعياد، بل وتلاعب الشيطان ببعض المسلمين حتى جعل عندهم بدعة الاحتفال بالمولد النبوي وبالإسراء والمعراج وغيرها، وفي ذلك ضياع للأمة الإسلامية، فمتى ابتعدت الأمة الإسلامية عن السنة واتبعت البدع والأهواء ضلَّت وهلكت ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والبدعة تعمل على تفريق الأمة الإسلامية، وعلى قطع أواصر المودة بين أفرادها، إذ يقول الذي يحتفل بالمولد النبوي مثلاً أنه أكثر حبّاً للرسول صلى الله عليه وسلم من الذي لا يحتفل بذلك، والحقيقة خلاف ذلك إذ أن الذي لا يحتفل بذلك أقرب للسنة من الذي يحتفل به، وذلك لأنه لو كان ذلك مشروعاً لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، فلما لم يفعلوه نعلم أنه مخالفاً لهديه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال ابن القيم-رحمه الله- في مدارج السالكين عندما تكلم عن البدعة بأنها تكون إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله: من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئاً، والبدعتان في الغالب متلازمتان، وفي ذلك قال ابن القيم رحمه الله:"تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال. فاشتغل الزوجان بالعرس. فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام. تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى".

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه:"تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة، فتولَّد بينهما خسران الدنيا والآخرة".

يتبــــع
__________________