الموضوع: ايفا براون
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 04-05-2006, 05:12 AM
إيفا براون إيفا براون غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 18
إفتراضي

واجتماعيا بين تيارين متصارعين في حلبة مصارعة صنعها النظام ذاته. احد هذه التيارات يسمي بالليبرالي الا ان ليبراليته لها خصوصية سعودية ربما. حيث انها تقلص ذاتها وتحد نشاطها في موضوع الانفتاح الاجتماعي فقط لا غير. فوزراء البلاط ومثقفوه يرفعون شعارات خلابة مثل الاعتراف بالآخر و فقه الاختلاف و حرية المرأة ومنها قيادة السيارة وغيره دون ان يتجاوزوا محدودية هذا الطرح. فلم يخرج منهم طيف يحدثنا عن الليبرالية السياسية مثلاً ولم يناضل هؤلاء من أجل صياغة تركيبة سياسية تناسب الوضع القائم الا حفنة صغيرة منهم ناضلت ودخلت السجن. ولكن الأكثرية منهم ينتقلون من وزارة الي اخري. منهم من يرسل الي الخارج ليعود الي الداخل ومن ثم ينصب علي كراس اخري من باب رد الجميل والدين الذي تراكم خلال السنوات الاولي لبداية المشروع السعودي.
اما اقتصاديو البلاط: من الليبراليين فهم ايضا مشغولون ببيع الوطن من باب جلب الاستثمارات الخارجية من سكك حديدية الي مرافق عامة مرورا بالنفط. اذ رفع هؤلاء شعار الاقتصاد هو الحل وكلهم ايمان بأن الريال هو افيون الشعوب عكس ما تصور ماركس عندما اعتبر الدين المخدر الاول والأخير للأمم. ومن ثم روجوا لأسهم صعدت ومن ثم انخفضت وجرفت معها اسماكاً صغيرة بينما بقيت الحيتان الكبيرة تصول وتجول في بحر مضطرب. اعتبر هؤلاء ان تجربة المارد الصيني الاقتصادية علي خلفية انعدام الحريات بل علي خلفية القمع ربما هي التجربة التي يجب ان تكون الهاما حقيقيا يطبق في بلد كالسعودية. ومشروع الاتجاه نحو الشرق من أجل اكتساب خبرات في تطبيق معادلة الثروة الاقتصادية مع الديكتاتورية اصبح اليوم هو الحل لم يناد هؤلاء بمشاركة وشفافية كل همهم ان يصلوا الي تلك الغرفة المغلقة ومن ثم يتم رصد الباب حتي لا يطرقه احد غيرهم. الطبقة الثرية التي اثرت ذاتها تعرف جيدا ان المشاركة السياسية والاقتصادية تقلص من صلاحياتها ومركزها المقرب من صنع القرار بل هي اليوم من يصنع القرار في بيئة قيادية ضعيفة غير قادرة او مؤهلة لاتخاذ قرارات مصيرية. لهذه المجموعة المسماة ليبرالية قنواتها الاعلامية وكتابها الذين يعتبرون كل من خالفهم او انتقد سياستهم الاجتماعية والاقتصادية ارهابياً متطرفا هم اليوم يتصارعون في حلبة الفتنة مع تيار الاسلام الحركي. يظل هذا التيار قلقا، بعض اعلامه ربما يطمح الي وزارة زراعة او عمل لكنه رغم قاعدته الشعبية يضطر الي العمل علي ازاحة ليس فقط اعلام الليبرالية السعودية بل ايضا السلفية التقليدية تلك الفئة التي تعتبر طاعة ولي الأمر عبادة. يضطر هذا التيار بين الحين والحين ان يعبر عن ذاته بأسلوب لا يعجب هذا الأمير او ذاك فيدخله احدهم الي السجن حيث تتم عملية التأديب علي الطريقة السعودية ومن ثم يخرجه آخر يعود بعدها ليمجد ويثني علي هذا الرمز او ذاك. حدد الحركي الاسلامي المعركة بإطار ضيق اذ اعتبر ان دولة الاسلام ستقوم علي رفس أو ركل امرأة او علي الاصرار علي هذا الفصل الديني في كتاب ما يعرف رموز هذا التيار انه لن يستطيع ان يكتب سطراً واحدا ينتقد فيه السياسة الجديدة اذ ان هذه السياسة واصحابها من المقدسات او التابو المحرم وقد امتدت مساحة هذا التابو لتشمل بطانة السياسة. لذلك نجد المفكرين من رموز هذا التيار قد صرفوا اهتمامهم لكتابة اطروحات الدكتوراة المعنية بالطهارة وليس السياسة. ولكن يبدو ان هؤلاء قد استنفدوا صبرهم فبعد ان جندوا كتاباتهم لتفنيد مزاعم وفتاوي الفئة الضالة وضحوا بسمعتهم الثورية ورصيدهم السابق لم يحصل ما كانوا يصبون اليه. وقد ايقن الكثير منهم انهم مجرد صنيعة يستغلها النظام ويستغل قدرتها الكتابية التي تدبج المقالات بالنصوص الدينية من باب إضفاء هالة القدسية علي الكلام والكلمة ضد كل من يهدد السلطة ويقوضها. مقابل هذا كله لم يحصل هؤلاء الا علي ساعات بث، في فضائيات تمزج ثقافة الانحلال بثقافة التنوير الديني. اعتقد هؤلاء انهم اصبحوا حليف السلطة ولكن هناك فرقا شاسعا بين الحليف والصنيعة. السلطة لا تتخلي عن الأول ولكنها تستغني عن الثاني ساعة تشاء وخاصة بعد اتمام المهمة. لم يبق لهؤلاء اليوم الا خوض مصارعة ضد من يعتقدون انه يقف في طريقهم الي الوصول النهائي اذ ان انتظارهم قد طال خاصة وانهم يؤمنون باعطاء الأجير اجره قبل ان يجف عرقه. ولكن الملاحظ اليوم ان السلطة قد آثرت التخلص من الأجير او علي الاقل تجاهله الي أجل غير مسمي.
ستظل فتنة جزيرة العرب مشتعلة. حتي هذه اللحظة الشرخ الفكري والاجتماعي تأصل بشكل واضح وعبر عن نفسه عن طريق ما يصح تسميته بحروب النت القائمة علي قدم وساق. سيظل النظام المحرك الاول والاخير لمعارك قادمة وباستطاعته دوما اللجوء الي تلك المؤسسة الدينية المعروف عنها انها الحليف الأول والأخير. فقضاتها يدينون الجميع خاصة اولئك الذين يتجاوزون الحدود من الطرفين الليبرالي والحركي الاسلامي عندما يذكرون ولي الأمر بالاسم دون الثناء عليه.
وبينما ينشغل الجميع بحروب النت هذه نجد السلطة مشغولة بصياغة الشعارات التي تضفي هالة قصوي علي الرمز الذي ينتقل بسرعة بين كونه رجل حوار و محارباً للفقر الي كونه صقر العروبة و فارس الاسطبل مؤخراً. يعتقد البعض ان مثل هذه الشعارات تستطيع ان تطغي علي الفتن القائمة حاليا والملاحظ ان الشعار يكبر وينتفخ كلما احتدت الفتن وانتفخت ويمكن الاعتقاد ان الشعارات ما هي الا المؤشر الحقيقي او النافذة التي نستطيع من خلالها قراءة حالة التأزم والمصارعة التي لن تنتهي دون ان تأخذ معها الكثير من المتصارعين والمتفرجين والمشرفين. المشكلة اليوم لا تكمن في كثرة المتصارعين والمتفرجين بل في تضخم عدد المشرفين الكبار اذ ان لكل منهم احزابه وفرقه التي تحتوي علي خليط من تياري المصارعة. ويبدو ان احد هؤلاء المشرفين الكبار قد تجاوزته الاضواء وتجاهلته في الاشهر الستة الماضية رغم خدماته الجليلة في مجال الأمن واستتبابه عندها اضطر الي توجيه لكمة خفيفة ظريفة تذكر الجميع انه موجود علي الساحة وله من الصنيع ما لا يعد ولا يحصي.
فتنة جزيرة العرب هذه ما هي الا امتداد لفتن سابقة دفع ثمنها طيف كبير من ابناء الجزيرة من شمالها الي جنوبها ـ شرقها وغربها ـ السلطة السياسية المبنية علي القهر وليس الاجماع تحتاج الي اثارة الفتن بين الحين والحين ليستتب لها المشروع الكبير. فهي من قسمت شعب الجزيرة الي مسلم وكافر ومبتدع وضال وفاسق وبنت علي هذه التقسيمات مشروعا سياسيا وليس دينيا. هي نفسها التي فصلت الجغرافيا الي اقاليم ومناطق لبعضها نفوذ وللبعض الآخر التهميش والقهر. هي نفسها من سيس الجغرافيا والفكر في خدمة مشروع الهيمنة الشاملة. تأتي هذه السلطة لتحدثنا عن الوطنية بعد ان اشعلت بؤرا تفرق ولا توحد. يختلف المتصارعون اليوم من حيث فكرهم ومنطلقاتهم لكنهم وفتنتهم معا ظاهرة قديمة قابلة للتجديد. فكما قسم شعب الجزيرة في مطلع القرن العشرين الي مسلمين وكفار ها هم اليوم يتمترسون خلف مسميات تحمل في طياتها نفس المعاني السابقة. الليبرالي يهاجم الاسلامي الذي يعتبره خليفة المكفراتي الاقصائي السابق. اما الاسلامي فيهاجم الليبرالي من منطلق كون هذا الاخير وريث المشركين السابقين والعابثين في الارض فسادا. يرابط كل علي ثغر ويتناسي الجميع دور المحرك الاول والمشرف العام. تدور رحي الحرب اليوم في الفنادق وقاعات الحوار والنت وربما تتطور الي ابعد من ذلك اذ ان الصراع اليوم ليس فقط صراعا علي المناصب والمصالح والترهات بل هو صراع علي هوية جزيرة العرب في القرن الواحد والعشرين.
__________________
( إيفا براون )

evabraun_1945@hotmail.com

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%...%D9%88% D9%86