عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-09-2006, 05:15 PM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

و لو تأملت أقوالهم و غصت فيها لوجدت أنهم وافقوا أهل السنة لكن من طريق آخر غير الذي سلكه الصحابة و السلف الصالح. فمثلاً في يقولون بكفر من سب الله لكن لأنه جاحد. و هذا مخالف للمنطق و الحقيقة لكنهم في النهاية يوافقون أهل السلف بالنتيجة. حتى في قضية القرآن فالأحكام التي يبنونها على استنتاجاتهم –الغير صحيحة- لا تخالف عقيدة السلف. و لذلك لا تجد لهم شذوذات فقهية كما للمعتزلة و الأباضية و الشيعة و باقي الفرق الضالة. و هم ملتزمون بفقه المذاهب السنية الأربعة. و خلافنا معهم على المسميات فحسب. و يعتمدون على الكتاب و السنة و لو أنهم أخطؤوا في فهم بعض النصوص إنهم بشر غير معصومين. و كلنا يعرف علو قدر الباقلاني، الإسفراييني، إمام الحرمين الجويني، أبو حامد الغزالي، الفخر الرازي، البيضاوي، الآمدي، الشهرستاني، البغدادي، ابن عبدالسلام، ابن دقيق العيد، ابن سيد الناس، البلقيني، العراقي، النووي، الرافعي، ابن حجر العسقلاني، السيوطي، الطرطوشي والمازري والباجي وابن رشد "الجد" وابن العربي والقاضي عياض والقرطبي والقرافي والشاطبي و الكرخي والجصاص والدبوسي والسرخسي والسمرقندي والكاساني وابن الهمام وابن نجيم والتفتازاني والبزدوي وغيرهم.

و من هذا الكلام نخلص إلى أنه:

1) لا شك بأن متبع مذهب السلف هو أصح و أحسن عقيدة ممن يتبع مذهب الخلف.

2) لا يوجد تعريف دقيق للأشاعرة و كثير منهم لا يقول بكل ما يقوله غيره. و كثير ممن يسمون بالأشاعرة يوافقون السلف في شيء و يوافقون الخلف في شيء آخر. كالقرطبي رحمه الله خالف في عقيدة العلو والاستواء وكالنووي وابن حجر في مسائل كثيرة كالاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة.

3) كون عالم من العلماء الربانيين يقع في زلة وضلالة لا يعني بالضرورة هو ضال مبتدع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران فإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد ) . وهذا في الأصول كما هو في الفروع و فيه بحث طويل أطال ابن تيمية فيه النفس. فمن ذكرت من الأئمة والعلماء الذين وقع لهم القبول لا يخلون من الأجر والأجرين فكونهم وافقوا الأشاعرة لا يستلزم ضلالاهم وتبديعهم.

4) لا أعرف أحداً من العلماء كفر الأشاعرة لا قديماً و لا حديثاً. حتى الذين جعلوهم من الفرق الضالة لم يكفروهم.

و الغريب أن كثيرا من الذين يهاجمون الأشاعرة يدافعون عن يزيد بن معاوية و الحجاج بن يوسف الثقفي. و هذان الرجلان لم يكونا على صلة بالعلم و لا بالعلماء لا من قريب و لا بعيد، فلا يمكن أن نقول أن ( عقيدتهم صحيحة و سليمة و موافقة لاعتقاد السلف) حيث أن العلم وما يرتبط به لم يكونا على بالهما بحال. بالمقابل، العلماء الصالحين ممن لا يطرأ الشك على عدالتهم و صلاحهم ترى بعض الناس ينسبونهم إلى الضلال و انهم من الفرق التي كلها في النار إلا واحدة...لماذا؟ لأنهم اختاروا مسلكا معينا في قضايا عقدية ظنوا انهم بذلك على مسلك أهل السنة والجماعة. وهم من المحدثين ممن حفظ الله تعالى بهم – وبغيرهم – السنة، لا من أمثال المعتزلة الذين ردوا الحديث لعدم موافقته العقل بغض النظر عن صحة إسناده أو عدمها. أما العلماء الذين اعنيهم، فالسنة اعظم في أعينهم مقاما من أن ترد إن لم يدركوا معناها أو أشكل ظاهرها. لكنهم اختاروا أن الظاهر يؤول إن خالف ما قدروا أن العقل حكم بمنعه. وهم بصنيعهم هذا، خالفوا مسلك كثير من المحدثين.

نعم، وللأسف هناك من أولئك العلماء من كان تمّكنه في علوم السنة و الحديث ضعيفا، ومع هذا فخاض في هذا المجال فجاء بعض القضايا ليعربها، فاعجمها. مثل ابن فُورَك و الغزالي و عدة من الفقهاء الأصوليين، هؤلاء رحمهم الله يقابلهم أمثال البيهقي و الخطابي و ابن الجوزي و ابن حجر و التاج السبكي من المتمكنين في علوم السنة، فجاءت أقوال من ذكرت أخيرا اقرب إلى الاعتدال، وان كانت فيها تأويلات غير قليلة.

لست أشك أن ابن فورك أو الغزالي أو البغدادي حينما كانوا يكتبون و يقررون ما سطروه في كتبهم، لم يخطر في بالهم أن سيأتي يوم يرميهم أقوام بأنهم ليسوا من أهل السنة و الجماعة لأنهم يؤولون أو يقولون بالكسب أو بان أول واجب هي المعرفة أو النظر..مما تعرفون بالإشارة ما اضمرت. أما لو سالت المعتزلي عن السنة و الحديث لما ألقى لها بالا إن خالفت ما يعتقده، بل حاولوا تحريف القرآن، كما تعلم في آية ( و كلم الله موسى) فأرادوا جعل موسى عليه السلام متكلما و اسم الجلالة منصوبا. ولم يكن شيء مثل ذلك على أيدي الغزالي أو غيره. ولو فرضنا انه وقع مثل ذلك في تعامله مع الحديث- لا القرآن طبعا-، فلعدم تمكنه من السنة، لا جرأة عليها..و شتان بينهما. ولو علِم ثبوت الحديث، لما تجرأ ولسلم للنص.

كانت المعتزلة تبث فتنها في كل مكان و تشكك الناس في بعض النصوص متذرعة بتحكيم العقل ظاهرا، طاعنة في الحديث و السنة أهلها باطنا. فلم يكن السكوت والتسليم دواءً و لا دفاعا بنظر البعض، فلجئوا إلى معارضة المعتزلة بمناظرات عقلية لإثبات حجية السنة و أولوا شيئا منها محاربة للاعتزال. فإن الظروف التي واجهتهم هي التي دفعت بهم إلى سلوك هذا المسلك، دفاعا عن السنة لا إهدارا لها. فبعد انطفاء الاعتزال، بقيت تلك المجادلات العلمية في الكتب و لم ينظر اليها على أنها دواء لحالة خاصة لم يعد لها حاجة، بل عوملت على أنها أصول العقائد و درست و تلاشى مع الوقت ذكر الأمور الأساسية من كتب العقائد وهي الأمور التي قامت لها الأديان ألا وهي توحيد التوجه إلى الله في العبادة و التشريع.

إن هؤلاء الذين يكفرون الأشاعرة إنما ينفذون مخططاً أميركياً لضرب المسلمين بعضهم ببعض. وأكثرُ الأمة على عقيدة الأشاعرة والماتريدية بعد الإمام أحمد وحتى ظهور ابن تيمية لو يعلمون .. أفيريدُون منا أن نلفظُ من تاريخِنا الإسلامى الزاخر ما يقتربُ من الخمسةِ قرون لأن أهلها كانوا على مذهب الأشعرى !!

فإن قالو نعم، نقول لهم، تعالو و اسمعو أسماء أعلام الأمة وعلمائها ممن ذبَّ عن الإسلام و نافح عن سنة الحبيب محمدٍ صلى الله عليه و آله سلم. ممن سمَّيتَهموهم بالمبتدعة ! و هم قممُ أهل السنة و الجماعة .. شئتم أم أبيتم.