عرض مشاركة مفردة
  #51  
قديم 26-04-2007, 02:22 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} سورة البقرة

ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} سورة البقرة



هذه الآية وكلمة (لا ريب فيه) جعلت أحد الغربيين يُسلم بمجرد أن سمعها كيف؟
قال أنه مهما بلغت فصاحة وتمكّن أي من البشر في اللغة والكتابة فهو إذا كتب كتاباً أو رسالة ثم أعاد قراءتها فلا بد له من أن يُغيّر حرفاً أو كلمة أو جملة وهذا في كل مرة يعيد قراءة ما كتب أما قوله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه) فهذا دليل واضح جليّ لا يقبل الشك أنه من عند الله تعالى لذا جاءت كلمة (لا ريب) فمهما تكررت القرآءة لا نجد فيه ما قد يحتاجه أي كتاب آخر من تنقيح أو تعديل وهذا من إعجازه، ودليل آخر على دلائل القدرة لله العلي العظيم الحكيم الذي أحكم آيات القرآن بقوله تعالى (كتاب أُحكمت آياته).

ثم إن هذا الكتاب هو هدى ولكن ليس لأي إنسان يقرأ القرآن إنما الهداية للمتقين فمن هم المتقون؟ وما معنى كلمة التقوى؟ التقوى هي أن يحفظ الإنسان نفسه بشيء ويحمي نفسه من خطر يهدده بوضع حائل بينه وبين الخطر. والقرآن وقاية بدليل قوله تعالى (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً) وهذه الوقاية تكون بالأعمال الصالحة التي تقي المؤمن من النار.
وكذلك جاء في القرآن الكريم (يا أيها الناس اتقوا ربكم) وهذا لا يعني اجعل بينك وبين الله وقاية وإنما المعنى المقصود هو أن نجعل بيننا وبين غضب الله تعالى وعذابه وقاية.
ونحن نتّقي بصفات كمال الله (غافر الذنب، الرحمن، الرحيم، الغفور..) صفات جلال الله (المنتقم، الجبّار، المتكبر). وقد قال الحسن البصري في تعريف التقوى: التقوى هي الخوف من الجليل والرضى بالقليل والعمل بالتنزيل والإستعداد ليوم الرحيل. وقال غيره التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك. وجاء في القرآن الكريم الكثير من الآيات عن التقوى والمتقين منها قوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) (ومن يتق الله يكفّر عنه سيئاته ويُعظم له أجرا) (اتقوا الله ويعلمكم الله) (إنما يتقبل الله من المتقين).

و(هدى للمتقين) هي الهداية التوفيقية من الله تعالى لأهل الطاعة حتى يستمروا في الطاعة.

ويقول سيد قطب في ظلال القرآن في تفسير " هدى للمتقين "
الهدى حقيقته, والهدى طبيعته, والهدى كيانه, والهدى ماهيته . . ولكن لمن؟ .. لمن يكون ذلك الكتاب هدى ونورا ودليلا ناصحا مبينا؟ . . للمتقين . . فالتقوى في القلب هي التي تؤهله للانتفاع بهذا الكتاب. هي التي تفتح مغاليق القلب له فيدخل ويؤدي دوره هناك . هي التي تهيء لهذا القلب أن يلتقط وأن يتلقى وأن يستجيب .
لا بد لمن يريد أن يجد الهدى في القرآن أن يجيء إليه بقلب سليم . بقلب خالص . ثم أن يجيء إليه بقلب يخشى ويتوقى, ويحذر أن يكون على ضلالة, أو أن تستهويه ضلالة . . وعندئذ يتفتح القرآن عن أسراره وأنواره, ويسكبها في هذا القلب الذي جاء إليه متقيا, خائفا, حساسا, مهيأ للتلقي .

وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع آية أخرى من كتاب الله بإذن الله تعالى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
__________________