الموضوع: قصيدة النثر
عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 07-06-2002, 02:00 PM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

مرحباً بكم مجدداً ..

أبدأ القول باعترافي أنني لا أعرف من أين بدأت الحكاية مع هذا المصطلح الهجين والذي لم يخضع للهندسة الوراثية أبداً ، فكما تشير كثير من الدلائل إلى نشأته الغربية إلا أن هناك من يزعم أن هنالك بوناً بين قصيدة النثر العربية الحديثة وبين أساليب الكتابة الشعرية الإنغليزية أو الفرنسية وأن المقصود منها هو أن تكون مولوداً عربياً خالصاً بحقوقه المحفوظة لا نسخةً جامدة عن لغات أخرى ..

وحقيقة المشكلة ليست في النشأة فالثقافات تتأثر ببعضها ولطالما أثَّرت العربية وتأثرت بالثقافات الفارسيةوالرومية والهندية والتركية وغيرها لكن حقيقة المشكلة من وجهة نظري تكمن في أمرين :

أولاً : القالب الفني ..

إن إصرار من يتبنون قصيدة النثر على الاعتقاد بأنها ضرب من ضروب الشعر هو دعوى باطلة وما أراه أنه لا يحق لهم هذا الزعم مطلقاً لأن للشعر بنيته الخاصة والتي لا يشترط أن ترتبط بأوزان الخليل فقط - فهناك أوزان متداولة لم يذكرها الخليل وهنالك أنماط على بحوره لكن بتطور يخرجها عن الشعر العمودي - فالرجز كان ومازال يسمى رجزاً ويسمى ناظمه راجزاً وليس شاعراً وهذا ليس بعيب وهكذا الموشحات لم يُطلق عليها قصائد وليس في وصفنا كاتبَ المنثورة - قصيدة النثر - بأنه ليس بشاعر ما يعيبه فمن يبدع منثورته إنما هو أديب بارع وكاتب محسن لكنه ليس بشاعر إلا أنْ ينظم شعراً ..

يقول أبو تمام : -

إن القوافي والمساعي لم تزلْ
........................... مثل النظام إذا أصاب فريدا

هي جوهرٌ نثرٌ فإنْ ألَّفته
.......................... بالشعر صار قلائداً وعقوداً

في كل معتَركٍ وكل مقامةٍ
.......................... يأخذْنَ منه ذمَّةً وعهودا

فإذا القصائد لم تكن خفراءَها
......................... لم ترضَ منها مشهداً

من أجل ذلك كانت العرب الألى
....................... يدعون هذا سؤدداً محدودا

وتندُّ عندهم العُلا إلا علاً
.......................... جعلتْ لها مَرَرُ القصيد قيودا


ثانياً / المضمون

وهنا دعوني أتذكر كلمةً للدكتور طه حسين يقول فيها : " إن في الشعر جمالاً فنياً خالصاً يأتيه أحياناً من قبل المعنى وأحياناً قبلهما جميعاً " .

وقريبٌ من ذلك ما قاله ديورانت في ( قصة الحضارة ) عن المصريين القدماء إنهم كانوا ( يعرفون أن النغمة الموسيقية والعاطفة القلبية هما جوهر الشعر وقوامه . فإذا وُ جِدتا فلن تهمهم الصورة الخارجية ) .

فليست المسألة في الوزن والقوافي بل إن الخطر في نقل القولب الأدبية من الثقافات الأخرى هو في نقلها بمحتواها وقيمها المادية وفكرها اللا أخلاقي و اللا ديني أو طقوسها المناقضة لشرائع ديننا فنمحو بذلك أجمل ما في الأدب ونحطم حضارة شعرنا العربي ورحم الله الجواهري حين قال :

هو الشعر موجوعاً ينابيع رحمةٍ
.............................. وخِلْواً من القلب الجريح سرابُ

اللناسِ زادٌ غير آهة شاعرٍ
.......................... وغير الدم المسفوح منه شراب

وتحيةً لكل الآراء الصدقة والهادفة من غير عصبية أو تعصب ..

معين بن محمد
الرد مع إقتباس