عرض مشاركة مفردة
  #50  
قديم 20-11-2005, 09:44 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

المنظومة الأخلاقية العربية

(10)


الإعلام و أثره في خلط المفاهيم بالقاعدة الخلقية :

الإعلام قديم قدم الحياة ، كان في السابق يأتي من خلال اختلاط الناس ببعضهم ، فيتناقلون المعلومات والأخبار والمهارات فيما بينهم .. فبالمسافة التي كان يستطيع الفرد قطعها ، كانت معلوماته تتكون ، وعند عودته من رحلته على راحلته ، فانه ينقل ما سمع و ما رأى لمن يلتقي بهم من أهل بلده ..

لقلة وسائل الإعلام في السابق ، ولاتساع أوقات الفراغ ، وقلة الأبواب التي كان الفرد يقضي بها أوقات فراغه .. فكان يسمع الخبر أو المعلومة عشرات بل ومئات المرات بما تحويه من حقائق و عبر و حكم ، ودون ملل ، بل أحيانا كان يطلب من الراوي للخبر أو القصة أن يعيدها في كل سهرة ..

عندما انتشر الكتاب ، أصبح جليس يتفوق على الجلساء محدودي المعلومات ، فكان من يستطيع الشراء والقراءة للكتاب ، يطلع على أشعار و أقوال أناس بعيدين عنه مكانا وزمانا ..

في أواسط القرن الماضي ، استطاعت الحكومات العربية ، أن تمسك بزمام توريد المعلومات الى حد ما ، وكان من يفتح على اذاعة صوت العرب ، ينظر اليه نظرة كلها شكوك وتوجس ، هذا اذا لم تستدعيه الدوائر الأمنية وتوبخه وتهدده . مع ذلك فقد كان الاحتشام والرزانة و الحث على مكارم الأخلاق ، السمة الطاغية على الإعلام العربي ، هذا بالإضافة لتمجيد الحاكم .

هناك صفة لا أخلاقية يطلق عليها الغرب ( توم البصاص ) .. وهي صفة التلذذ بمراقبة نساء الحي من خلال منظار .. وهذه الصفة تجدها أو تجد بذور الاستعداد لها عند غالبية الشباب ، وقد تشبع تلك الصفة من خلال السينما والتلفزيون و الكتب والمجلات الممنوعة و أخيرا الإنترنت ..

عندما كان الفرد يحاصر بمعلومات أقل ، ولكن كل المعلومات تحمل التأكيد على مكارم الأخلاق .. فان خياله كان محصورا بهذا النطاق الذهني المشروط بذلك . و لما لم يعد الجلوس بالدواوين ، والاستماع للأشعار أو قراءة ما هو مفيد ، أمرا ينافس تلك الحرية التي تطلق العنان لخصائص صفة ( توم البصاص) .. من خلال التجول بمحطات فضائية ، أو مواقع على الإنترنت . فان النتيجة بالتأكيد تصبح ليست لصالح مفردات القاعدة الخلقية .

ان مشاعية المعلوماتية وتطورها المذهل ، خلق حالة تستدعي التفكير بكل جدية ، بما ستؤول اليه تلك الحالة .. فالسكوت عنها سيخلق حالة من الاستخفاف بالمثل و القيم صغيرها و كبيرها .. فقد كانت الماسونية في السابق تقنص هؤلاء الذين يتوقون للمظاهر البرجوازية ، من خلال الاحتفالات أو ذكرهم لأنواع الأطعمة أو أنواع الملابس أو أنواع البيوت والسيارات و الزوجات وغيرها . فتمتحن هذا الاشتياق و تترجمه لمن أراد ، وحسب أهمية المقنوص ، فمن خلال تلبية بعض آماله البرجوازية تستطيع أن تكسبه لصفها ، لاختراق ، أو مزيد من اختراق الوطن .

اليوم لا تحتاج تلك الدوائر الماسونية و الإمبريالية لمزيد من العناء في اقتناص عملاءها .. بل يكفي القليل من تتبع اهتمامات هؤلاء الأشخاص ، واختيار أكثرهم أهمية ونفعا لها ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس