عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 08-10-2006, 08:13 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي صعود طالبان .. المعادلة تنقلب على واشنطن


صعود طالبان .. المعادلة تنقلب على واشنطن / مهنا الحبيل


المختصر/

الإسلام اليوم / الأحداث المتعاقبة مؤخراً في أفغانستان لم تعد في سياق معارك متناثرة و حرب عصابات متنقلة، لكنها بدأت تأخذ سياقاً استراتيجياً سياسياً وعسكرياً برز في تنامي قوة طالبان كحركة مقاومة تستعيد زمام التأييد الشعبي في مقابل الاحتلال الأمريكي وإعلان المصادر المستقلة بل وبعض المشاركين في العملية السياسية في كابل بأن طالبان أصبحت تملك مساحة جغرافية تزحف بها على باقي البلاد، حقيقة على الأرض ترافق مع إعلان المسؤول الألماني بأن حكم كرزاي سينهار خلال عام على الأكثر.
والخروج الاستعراضي في قناة الجزيرة الذي يقوم به المتحدث العسكري باسم طالبان بين آونة وأخرى بمثابة إعلان مرحلي لقوة وصعود طالبان الجديد، خاصة بعد اعتداءات القوات الأمريكية والأطلسية المتعددة على المدنيين، في حين يعلنون عن قصف مواقع لطالبان ومقتل العديد من عناصرها، فينقلب الأمر حين وصول شهادة الأهالي لوسائل الإعلام بأن الضحايا هم من المدنيين في الغالب الأعم، وهو ما يصب تلقائياً في زيادة شعبية طالبان في وقت قياسي.
لقد كان مشهد الرئيس كرزاي القلق والمتوتر بعد توالي أنباء سيطرة طالبان على الأقاليم الجنوبية الشرقية من أفغانستان يمثل في حقيقة الأمر تجسيداً لحالة القلق والاضطراب التي بدأ شركاء واشنطن في كابل يشعرون بها، خاصة حين يدركون بأن الأمريكيين لا يمكن أن يتحملوا خسارة استنزاف إستراتيجية في موقعين: بغداد وكابل، وعلى الرغم من أهمية معركة أفغانستان لواشنطن إلاّ أن انشغال الولايات المتحدة بالملف العراقي المتداعي مع قوة صعود طالبان ستجعلها تعيد التفكير في بقائها في أفغانستان، وبالتالي تعهد المرحلة الانتقالية كلياً إلى القوات الدولية، والتي لن تستطيع، وتعلم واشنطن ذلك الصمود في وجه تنامي قوة وزحف طالبان، ولكن على أقل تقدير تضمن هذه المرحلة الانتقالية لواشنطن الخروج من مشهد الهزيمة المباشرة.
وهو ما يفسر سعي الزعيم الأفغاني المخضرم قلب الدين حكمت يار قبل أشهر للاستفادة من هذه الوقائع المستجدة حين بعث برسالة إلى طالبان وحلفائها في القاعدة لتمهيد شراكة سياسية لحزبه، وإن بدا الأمر بأنه حالة اندماج عسكري إلاّ أن العارف بتاريخ القضية الأفغانية يدرك بأن حكمت يار يميل إلى الشراكة، وليس الاندماج، وإن أعلن استعداده للثاني مرحلياً، خاصة أن تجارب طالبان في إدارة شأنها السياسي أظهر ضعفاً شديداً في إدارة الملفات وترتيب الأوليات ومواجهة العلاقات الإقليمية الدولية، ولا شك بأن حكمت يار وقيادات حزبه المتبقية أو المستعادة في المرحلة القادمة ستضمن للطرفين التكامل النسبي في هذا الإطار، والمعروف أن حكمت يار لا يزال يُنظر إليه في الجيش الباكستاني (إذا ابتعد نفوذ الرئيس مشرف عن الجيش)على أنه الخيار المفضل؛ لأن باكستان ومصالحها وعلاقاتها الإستراتيجية وتداخلاتها الديموغرافية مع أفغانستان وحدودها الدولية تشكل عمقاً مهما لإسلام آباد مع خصمها التاريخي الهند.
ومع تنامي المطالبة الشعبية بعزل الرئيس مشرف وشعور الأمريكيين بأن مشرف قد استنفد قدراته لتحقيق مشروعهم الأمني بدأ يظهر في الآونة الأخيرة اتهامات من الحكومة الباكستانية تجاه الأمريكيين وكرزاي بعد نمو مشاعر الإحباط بأن كل ما قدّمته إسلام أباد في عهد الرئيس مشرف في حرب الولايات المتحدة ضد (الإرهاب)، والحصار الشديد على أفغانستان لم يعد له تقدير لدى واشنطن، وهو ما أخفق الرئيس بوش في تبديده خلال الاجتماع الثلاثي مؤخراً.
ومما سبق يبرز مشهد آخر على الساحة الآسيوية والمنظومة الأمنية الإقليمية التي صنعتها الولايات المتحدة بعد 11 أيلول واحتلال أفغانستان هذا المشهد الجديد يهدد إستراتيجياً المنظومة ككل، ويعيد خلط الأوراق على واشنطن، خاصة إذا أدارت طالبان معركتها السياسية بكفاءة ووعي أكبر من تجربتها السابقة خلال بدء الزحف على كابل المتوقع في نهاية العام، وتكرار مشهد تساقط المدن الأفغانية الذي وقع عند قيام حركة طالبان، ذلك التساقط السريع والوصول المباشر للحكم الذي أعقبه، سيشكّل إن تكرر بلا شك كارثة تاريخية إستراتيجية للبيت الأبيض.
ومن المؤكد أن الظرف الذي صعدت به طالبان إلى الحكم في المرة الأولى عام 1996 يختلف اختلافاً كلياً عن هذه المرحلة فلم يكن هناك موقف معادٍ للحركة في ذلك الحين من قبل الولايات المتحدة، وكان هناك دعم مباشر من باكستان، ودعم غير مباشر لأنظمة أخرى كانت قلقة من استقرار حكومة المجاهدين، فضلاً عن حالة الفوضى التي كانت تعيشها أفغانستان، مهدت للحركة -وبدعم من التجار- التساقط السريع الذي رآه العالم.
ومع ذلك كله -ونعني اختلاف معطيات المشهدين- تظل الساحة الأفغانية على استعداد لاستقبال الحكم الجديد أو الزحف الجديد لطالبان، خاصة بعد اشتعال مشاعر العداء للاحتلال الأمريكي وتدهور الحالة الأمنية واستهداف القوات الدولية مراراً للمدنيين في عملياتها العسكرية.
إن بروز هذا الواقع الجديد سيوجد إطاراً إقليمياً جديداً مزعجاً لواشنطن لم تكن تحسب له هذا الحساب، وبالتالي يترافق ذلك مع إعداد البنية التحتية من جديد للقاعدة في إعادة رسم خارطة المعركة، وتوزيع قواها من منطلق قوة في نفس الوقت الذي تصارع فيه الولايات المتحدة لحماية مصالحها في الخليج بعد هزيمتها من المقاومة العراقية، بمعنى أن التطويق لمنطقة الصراع الذي خطّطت له واشنطن انقلب، و أصبح في صالح القاعدة تماماً في تحدٍ جديد لقوة المواجهة في المنطقة، وتأمين قاعدة الزحف في باكستان وأفغانستان، فهل هذا الانقلاب التاريخي في موازين المعركة سيؤدي إلى الحرب العالمية الكبرى، وهل هذا الإدراك المتأخر هو ما حمل الأمريكيين على مغازلة طهران مرة أخرى عبر مباحثات خاتمي السرية لتسوية الملف النووي والاشتباك اللبناني، وبالتالي تقديم ضريبة التنازل على أرض الخليج وهويته العربية، ربما لا نستطيع الجزم!!