عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 20-02-2006, 02:44 AM
محمد العاني محمد العاني غير متصل
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,514
إفتراضي بعد خمسة عشر عام..نسينا العامرية

هل حدث أن شمّ أحدكم رائحة إنسان يحترق؟؟
هل حدث أن سمعتم صراخ طفلٍ يحترق حتى الموت؟؟
هل حدث أن سمعتم صراخ شخصٍ تعرفوه يحترق و لا تستطيعون إنجاده؟؟

عذراً إذا أزعجتكم بهذه التساؤلات المقززة. فلكل هذه التساؤلات عندي إجابةٌ واحدةٌ فقط..هي "نعم"..!!!
خمسة عشر عاماً و أسبوعٌ مضتْ على المحرقة. المحرقة كما يعرفها العراقيون لا كما يحدث عنها اليهود و لا نزال نناقش حدوثها من عدمه. محرقةٌ أكلت ما يقارب الألف شخص.
في ذلك المساء البارد يوم 13/2/1991 قرر الأمريكان أن عليهم إحراق ألف شخصٍ. فأرسلوا صاروخان أحدهما ثقب سقف الملجأ و الآخلا تكفل بإحراق البشر.
عندما لجأت العائلات إلى هذا الملجأ خوفاً من القصف الأمريكي الذي لم يرحم البيوت و حتى المدارس، لم يعلم أحد أنهم على موعدٍ مع الموت حرقاً تلك الليلة.
خمسةٌ هُم أقاربي الذين تُوُفوا في ذلك الملجأ. رجلٌ كبيرٌ و زوجته و ابنتهما و إبنيها الطفلين الذين كان أحدهما رضيعاً و وُجدَ محروقاً حتّى النخاع في حضن أمه. و لأن الله سبحانه لم يكتُب هما الموت، منع رجال الأمن في الملجأ زوج ابنتهما و ابنهما الآخر من الدخول لأنهما كانا شابّين و قال رجال الأمن لهم أن الملجأ يحتوي أكثر من ما يجب و لا يُدخلون الآن سوى النساء و الأطفال و الشيوخ..!!!
و أوشك أن أقسم أني دخلت الملجأ آخر مرةٍ عام 2001 (أي بعد المحرقة بعشرة أعوام) و لم أزل أشمّ فيه رائحة اللحم المحروق.
و ها نحن انشغلنا عنها بما هو أعظم حتى أننا لم نتذكر أن ندعو لهؤلاء المحروقين بالرحمة بعد خمسة عشر عام. عذراً يا أهل العامرية..فالعامرية لم تزل تشهد القتلى حتى هذه اللحظة..



محمد العاني
__________________


أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشى معي و ينتقلُ
أنا عندي و إن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤاد تشتعلُ