الموضوع: صور وتعليق
عرض مشاركة مفردة
  #876  
قديم 01-07-2006, 05:10 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

لم يصدق أحد أن صوراً كهذه يمكن أن تكون قابلة للتحقيق، حتى الأفلام التي أنتجتها هوليود قبل سنوات وروت فيها سيناريوهات عودة دول عصرية (في أفريقيا والمشرق العربي) إلى عصر القبائل المتناحرة، حيث يتقاتل البشر دونما أي هدف، ظلت ولوقت طويل غير قابلة للتصديق.

الأمة العربية مع محمد صلى الله عليه وسلم أكملت دورتها الحضارية في التاريخ وانتقلت نهائياً من طور القبيلة إلى طور الأمة.. الآن تعود الأمة إلى لحظة ما قبل محمد صلى الله عليه وسلم لتتمزق إلى قبائل متناحرة.. تماماً كما في أفلام هوليود.

"
لم تُهزم اللبننة في العراق تماماً، لقد تماهت واندمجت في نمط جديد ومتطور يتيح لكل القبائل والأعراق والطوائف والمذاهب أن تتقاسم فتأخذ حصتها لا من المناصب الحكومية والمال فحسب، بل وحصتها من الجثث
"
ولذلك تبدو اللْبننًة أكثر رحمة من الصوْملة، والفارق بينهما كالفارق بين الموت والحمى. على الأقل ثمة أمل إذا ما "تلبننتْ" الدولة -أي إذا ما أصبحت لبنانية كما كان الحال أثناء الحرب الأهلية- أن تعود في النهاية إلى طورٍ من أطوار الدولة، وسيعود المجتمع إلى طورٍ آخر من أطوار المجتمع ولو بعد حين.

في الصوملة، أي إذا ما "تصوملت" الدولة وأصبحت صومالية على النحو الذي نشهده اليوم، فإن الأمل بنهاية محتملة للقتل العشوائي ستبدو شبه معدومة.

في العراق والصومال هزمت اللبننة وانتصرت الصوملة. في الصومال كما في العراق، القبائل الجديدة هي التي تعيد صياغة المستقبل بواسطة الدم.. في البصرة جنوب العراق مثلاً، كشف محافظ المدينة النقاب عن دور ما لبعض رؤساء العشائر في توجيه وإدارة "فرق الموت".

الفارق الوحيد بين الصومال والعراق يكمن في النقطة التالية: في العراق لم تُهزم اللبننة تماماً.. لقد تماهت واندمجت في نمط جديد ومتطور من الصوملة يتناسب وثقافة القرن الواحد والعشرين وقيمه الجديدة، التي تتيح لكل القبائل والأعراق والطوائف والمذاهب أن تتقاسم (أي أن تتصوملْ) فتأخذ حصتها لا من المناصب الحكومية والمال فحسب، بل وحصتها من الجثث مع كل صباح تصدر فيه جريدة الصباح اليومية.

جريد الصباح هذه التي حرص الحاكم الأميركي بريمر على إصدارها بسرعة مذهلة، لا تزال تبشر العراقيين بصباح جديد مشرق.

ما لم تقله الجريدة بعدُ هو: هل علينا أن ننتظر صباحاً صومالياً أم عراقياً؟ ثمة من سيقول: وما الفرق؟
__________
كاتب عراقي