عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 05-06-2007, 11:47 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي


إرجاع المصاحف إلى إدارة السجن
بعد تكرر حوادث إهانة المصحف تيقنا بأن إهانة المصحف تأتي ضمن برنامج مخطط وليس بسبب تصرفات فردية من بعض الجنود. ومما يؤكد ذلك قيام المحققين بمعاقبة بعض المعتقلين عندما لا يتجاوبون معهم بسحب المصاحف منهم من قبيل الضغط علينا لكي نتجاوب ونرضخ. وكنا نرفض استخدام كتاب الله كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي على المعتقلين. ورغم أن المصحف كان عزاؤنا وملاذنا وسندنا، إلا أننا تشاورنا وقررنا إرجاع جميع المصاحف إلى إدارة السجن احتجاجا على هذا التصرف. ولما رأت الإدارة بأن جميع المعتقلين متفقون على إرجاع المصاحف، رفضت استلام المصاحف وبدأت في السؤال عن السبب، فأخبرناهم بأن القرآن كتاب الله وهو دستور المسلمين وأننا أحرار في قبول المصاحف أو إرجاعها، ولكن إدارة السجن رفضت سحب المصاحف بل وأرسلت قوات الشغب لإدخال المصاحف علينا بالقوة، وقاموا برش مادة خانقة ومخدرة علينا أثناء دخولهم علينا في الزنازين ولكننا أصررنا على إعادة المصاحف حفاظا عليها من تصرفات الجنود الأوباش.

الدور المشبوه للصليب الأحمر
كان الصليب الأحمر يشارك في الجريمة التي يتعرض لها الأخوة، وفي تلفيق الأكاذيب ضدنا. وكان موظفو الصليب الأحمر يعينون الجنود أثناء التحقيق باستدراج المعتقلين نفسيا للبوح ببعض المعلومات التي لا يتمكن المحققون من الحصول عليها من المعتقلين أثناء التحقيق. وقد ينخدع المعتقل في بعض الأحيان بأن الصليب الأحمر قد جاء لمساعدته ومن ثم يعطيه بعض المعلومات التي يقوم رجال الصليب الأحمر بنقلها للمحققين. كنا نشكو للصليب الأحمر بأن الماء الذي نشربه في الزنازين كان ملوثا، وكانوا ينفون ذلك بشدة ويدعون أن الماء نقي وصحي، فكنا نطلب منهم أن يشربوا منه ليثبتوا لنا أنهم صادقين، فيرفضون الشرب منه. كان موظفو الصليب الأحمر يكذبون علينا ويعطوننا الوعود والآمال عن قرب الإفراج عنا إذا ما تعاونا مع المحققين. لذلك فقد كنا متيقنين بأن هؤلاء يحملون من الحقد على العرب والمسلمين بنفس القدر الذي يحمله ضدنا الجنود الأمريكيون، مما يؤكد أن الصليب الأحمر كان يقوم بدور مشبوه في المعتقل.

التحقيق المتقطع
لم يكن التحقيق مع المعتقلين يتم بشكل منتظم وإنما كان يتم بشكل متقطع وفي فترات متباعدة، وأما بالنسبة لي فلم تتجاوز عدد مرات التحقيق معي طوال الأربع سنوات ثمانية عشر مرة. كان التحقيق منصبا على السؤال عني وعن وضعي في السجن وأسئلة عن بلدي وعن الوضع السياسي في البحرين والجماعات والتنظيمات السياسية فيها وعلاقتي بهذه التنظيمات. كانوا يعرضون علي صوراً لأشخاص من البحرين ومن خارج البحرين ولكنني كنت أغمض عيني وأبدأ في قراءة القرآن بصوت عالٍ من باب الرفض لسماع الأسماء ورؤية الصور، وكانوا يقولون لي بأن من مصلحتي التعاون معهم لأن ذلك سيعجل بإطلاق سراحي، فكنت أقول لهم بأنهم يسألون عن أمور لا علاقة لي بها وأنهم اعتقلوني بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة والقتال في أفغانستان، فإن كان لديهم أية أسئلة تتعلق بهذه الموضوعات سأجيب عنها. ولكنهم لم يسألوني قط عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا عن أحداث أفغانستان أو الحرب على ما يسمونه بالإرهاب.
وسائل التعذيب
إن وسائل التعذيب التي تمارس ضد المعتقلين كانت متنوعة ومتجددة بشكل دائم، وقد استخدموا أساليب قاسية جداً، منها الضرب المبرح والتقييد إلى الأرض بشكل مسمر لمدة ثماني وأربعين ساعة مع المنع من أداء الصلاة والذهاب إلى الحمام وعدم تقديم الطعام والشراب، ومنها تقييد الرجلين إلى اليدين من الخلف بشكل مؤلم، والتحرش الجنسي من قبل المجندات وتعري المجندات أمام المعتقلين وتلويث أجسادهم بدم الحيض، كما كانوا يهددون المعتقلين بالاعتداء عليهم جنسياً، وكانوا يقومون بإدخال قوات الشغب إلى غرف التحقيق لإرعاب المعتقلين وضربهم، وكانوا يقومون بتشغيل الموسيقى الصاخبة في الليل والنهار على المعتقل أثناء التحقيق معه مع تسليط الأنوار العالية على أعينهم طوال الليل لمنعه من النوم، فإذا ما أغلق عينيه رشوا عليه مادة حارقة في الأنف لإرغامه على فتحهما. وكانوا يضعون المعتقلين في الزنزانة الانفرادية لفترات طويلة. وقد وضعوني في السجن الانفرادي مدة شهر كامل، ووضع غيري من الأخوة لمدة تصل إلى ستة أشهر أحياناً وتحت درجات حرارة عالية أو منخفضة، وكانوا يهددوننا بإدخال الكلاب علينا في الزنزانة، وقاموا بمصادرة الفرش وقطعة البلاستيك الرقيقة المفروشة على أرضية الزنزانة لمدة تزيد على الشهر مما يضطر المعتقل للنوم على الخرسانة. كانت إدارة السجن تتلاعب بالطعام المقدم لنا بحيث تخلط الأرز المطبوخ بأرز غير مطبوخ، أو تخلط الخضراوات السليمة بخضراوات فاسدة عفنة تفوح منها رائحة كريهة. وكانوا يزعجوننا أثناء أداء الصلوات بتعمد رفع الصوت وافتعال الإزعاج حتى يشوشوا علينا في الصلاة. وكانوا يغسلون العنابر ويكنسونها في أوقات النوم لمنعنا من النوم، ولكننا ولله الحمد كنا نتأقلم مع الظروف المتجددة. لقد استخدم المحققون معنا جميع أساليب الترغيب والإغراء، فقد كانوا يمنوننا بإعطائنا الأموال والعودة إلى بلادنا مع توفير متع الحياة الغربية وتم إغراؤنا بالنساء وهم من يدعي حفظ حقوق المرأة والدفاع عن كرامتها، ووعدونا بمنحنا الجنسية الأمريكية إذا قدمنا لهم المعلومات والأدلة التي تدين بعضنا البعض أو تفيدهم فيما يسمونه الحرب على الإرهاب. ومن أساليب التعذيب النفسي أن يقوم الجنود بإخبار المعتقل بأنه سيفرج عنه ويعطونه ملابس عادية ليلبسها ويأخذونه إلى الطائرة، وعند باب الطائرة يقولون له أنه قد حصل لبس في الأسماء ثم يعيدونه إلى الزنزانة.
ولكننا لم نرضخ لوسائل الترغيب والترهيب. وكانت تصرفات الجنود في نظرنا أقرب إلى تصرفات الأطفال أو المخبولين، وأيقنا بأنهم ليست عندهم مروءة ولا رجولة وأنهم لا يفهمون شرف الجندي الحقيقي، وأيقنا كذلك أنهم جبناء إلى درجة لم نكن نتصورها.