الموضوع: صور وتعليق
عرض مشاركة مفردة
  #718  
قديم 03-05-2006, 06:04 PM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالة عن مداولات جرت بين هنري كيسنجر وريتشارد نيكسون، واشتملت على جملة مثيرة للدهشة، وقد حاول كيسنجر في المحاكم منع نشرها، ولكن المحاكم سمحت بذلك. كان نيكسون يريد شن هجوم على كمبوديا تحت ذريعة نقل المؤن جوا، يقول نيكسون: أريد ضرب كل شيء، وينقل كيسنجر الأمر إلى البنتاغون بتنفيذ حملة قصف واسعة النطاق في كمبوديا على كل ما يطير أو يتحرك.

وهي أكثر الدعوات في السجل التاريخي الأميركي صراحة لارتكاب الإبادة الجماعية، وقد أطلقت الأوامر نفسها في الفلوجة في العراق، لقد مرت المداولات الخطية بين نيكسون وكيسنجر بدون تعليق أو رد فعل، إن وجوب كبت الذاكرة سياسة يدركها جيدا الحكام الإمبرياليون.

يقول برتراند رسل: إن من طبيعة الإمبريالية أن مواطني القوة الإمبريالية هم آخر من يعلم دائما عن الظروف السائدة في المستعمرات أو يهتم بها، والواقع أنهم يهتمون ولهذا فإنهم آخر من يعلم، لأنهم يتعرضون لحملات واسعة النطاق من الدعاية الصريحة أو الصامتة، فالتزام الصمت تجاه الجرائم هي دعاية أيضا، وإذا عرف الناس بجريمة فلن يسمحوا لها بالاستمرار، لقد أبيدت مدن وقرى في الستينيات ولكن مثل ذلك لم يحدث في العراق لأن الرأي العام كان أكثر حضورا.

إن الوثائق السرية غالبا ما تخفى عن السكان المحليين خشية من الاهتمام الذي يبديه الناس، وما زال كثير من الوثائق يخضع للحظر رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة عليها، وذلك خلافا للقانون الأميركي، مثل وثائق حول ما حدث في غواتيمالا عام 1954، وما حدث في إيران سنة 1953.

ويحمل غلاف كتاب إقبال أحمد "الإرهاب: إرهابهم وإرهابنا" صورة لريغان في مكتبه وهو يلتقي قادة المجاهدين الأفغان، وتلك صورة لا تروج لأنها تعبر عن الدور الأميركي الفعال في دعم المجاهدين الذين تحولوا لاحقا إلى طالبان، لقد ساعدت الولايات المتحدة بفعالية في تنظيمهم وتمويلهم وحشد الإسلاميين المتشددين حولهم من جميع أنحاء العالم.


عالم محتمل آخر
هناك اتجاهان متضاربان في السياسة الخارجية الأميركية، أحدهما يدعى المثالية الويلسونية، وهي التي تستند إلى النوايا النبيلة، والثاني يدعى الواقعية الرصينة، وهي تقول إن علينا أن ندرك حدود نوايانا الحسنة، وفي بعض الأحيان لا يمكن تحقيق نوايانا الحسنة في العالم الحقيقي.

وعندما تهاوت ذرائع غزو العراق، فتبين أنه لا توجد أسلحة دمار شامل، ولا يوجد ارتباط بين القاعدة والعراق، ولا علاقة للعراق بأحداث 11/9 كان على كتاب خطابات بوش استحضار شيء جديد، لذا استحضروا رؤيته المسيحانية بإحلال الديمقراطية في الشرق الأوسط، فكتب ديفد إغناطيوس في الواشنطن بوست أن حرب العراق أكثر حروب العصر الحديث مثالية.

فهي حرب مبررها المنطقي الوحيد هو العمل على تحقيق مستقبل ديمقراطي للعراق، لقد كان الغزو إذن رؤية نبيلة وملهمة، وربما نجد لو كان لدينا سجلات أن جنكيز خان عندما كان يقوم بذبح عشرات الملايين كان لديه أيضا رؤية نبيلة، وهل هناك استثناء لمذهب الرؤية النبيلة للغزو في نظر أصحابه؟

يقول تشرشل قبيل الحرب العالمية الأولى عندما كان وزيرا للمستعمرات البريطانية في سياق الدعوة إلى زيادة النفقات العسكرية البريطانية "إننا لسنا شعبا فتيا ذا سجل بريء وميراث ضئيل، لقد استحوذنا لأنفسنا على حصة غير متناسبة مع حجمنا من الثروة والحركة التجارية العالمية، وحصلنا على كل ما نريده من الأراضي، وما ننشده هو الاستمتاع الخالص بالممتلكات الشاسعة والرائعة التي حصلنا عليها بالعنف بشكل رئيسي، وحافظنا عليها بالقوة إلى حد كبير، وغالبا ما تبدو أقل صوابا بالنسبة للآخرين مما تبدو لنا".

"
هناك اتجاهان متضاربان في السياسة الخارجية الأميركية، أحدهما يدعى المثالية الويلسونية وهي التي تستند إلى النوايا النبيلة، والثاني يدعى الواقعية الرصينة وهي تقول إن علينا أن ندرك حدود نوايانا الحسنة، وأنه في بعض الأحيان لا يمكن تحقيقها
"
لا يلزمك سوى دقيقة واحدة من التفكير لتدرك أنه ما من سبيل لأن تسمح الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بقيام عراق ديمقراطي يتمتع بسيادة وطنية، ذلك أن السياسات التي يجب أن يتبعها العراق الديمقراطي ستقوم على محاولة استرجاع مكانه كقوة بارزة في العالم العربي، فما الذي سيعنيه ذلك؟

أن يعاود العراق التسلح، وربما سيطور أسلحة دمار شامل للردع ولمواجهة العدو الإقليمي إسرائيل، فهل ستسمح الولايات المتحدة بذلك؟ فعراق ديمقراطي أمر لا يمكن تصوره أميركيا أو بريطانيا.

إن على مواطني الدول الديمقراطية أن يسلكوا طريق الدفاع الفكري عن النفس لحماية أنفسهم من الخداع والسيطرة، فالحكومة تقوم على الرأي، حتى الحكومات المستبدة والعسكرية تقوم على الرأي، ولا يلزم التعذيب للسيطرة على الشعب بل يمكن ذلك بالقبول، إنك تجد في وسائل الإعلام الموجهة إلى الأطفال والتي تصوغ الرأي العام انحيازا لإسرائيل والظلم بشكل لا تتبعه إسرائيل نفسها.


المصدر: الجزيرة