عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 05-02-2004, 08:10 PM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي 9 سنوات مع المجرمين في سورية ..(2 ) نرجوا فعلا ...عدم دخول صغار السن للموضوع

( الفصل الثاني ) كفر سوسة :
رحله خارج الزمان يناير 1981 -اكتوبر م 1982

عبرت السيارات الثلاث بوابة السجن العامة مضيا نحو المبنى الرئيسي الذي انتصب أمامنا بطوابقه الثلاث ، والتفط السائق حوله بين ممرات ومداخل معقدة حتى بلغ بابا كهربائيا توقف بنا عنده ، واجتذبتنا الأيادي مرة أخرى فاقتادتنا عبر ساحة المبنى الداخلية إلى باب اخر تنزل خمس درجات منه إلى القبو المعتم ، فإذا هو عالم اخر من عوالم الرعب التي قطعناها خلال اليومين الماضيين عن غير ما اختيار . مضت الأيدي القاسية عبر ممر القبو المظلم فالتفت بنا جهة إليسار وليس في طريقنا إلا الصمت والأ بواب الحديدية الكئيبة ووحشة المكان ، ولم يلبث أن قطع لهاثنا المتدفق صوت أجش أتانا من وسط العتمة ينادي : -منيرة! فما كدنا نلمح المنادي حتى بدت من الجهة المقابلة في اخر الممر فتاة مضفورة الشعر ترتدي "جلابية" شاعت موضتها وقتذاك ، وجعلت تتقدم نحونا متمايلة يوحي مظهرها أنها سجانة أو موظفة هناك . . فلما اقتربت ومن غير أن يلتفت إلينا قال لها أبو عادل رئيس نوبة السجانين وقتذاك : - هيا فتشيهن واحدة واحدة . ودفع بي أول الجميع إلى غرفة علمنا بعدها أنها غرفة التحقيق والتعذيب ، ودخلت منيرة هذه ورائي وسألتني ؟ - ما اسمك ؟ قلت وقد بلغ التوتر بي مبلغا : وماذا تريدين من اسمي ؟ أحسست وقتها أن بامكاني أن أقتلها من شدة توتري بيدي . . لكنها قالت ببرود : -وليش معصبة؟ .27

قلت : والله لا أدري ! ماذا تريدينني أن أفعل ؟ هل يمكن للإنسان أن يكون مبسوطا هنا ! أجابت بنفس برودها ورتابة صوتها : بس لا تعصبي . . أنا سجينة مثلك. قلت بحدة : لماذا تكذبين على ؟ شكلك هذا ليس كشكل السجينات . قالت : والله العظيم أنا سجينة وقاعدة في مهجع مملوء بنسوان من الإخوان . لم أجرؤ أن أزيد معها وظننتها سجانة تريد أن تستدرجني في الكلام خاصة وأنها تتحدث بالقاف العلوية ، لكنها عادت وقالت لي : ما صدقتيني ؟ بكره بنلتقي بالمهجع وبذكرك . أحسست لهجة صدق في حديثها فاستأنست بعض الشيء وسألتها دون أن أغادر الحذر : - ومن معك من الإخوان هناك ؟ قالت : هناك واحدة حاجة من حلب وأخرى اسمها أم شيماء و .0 وجلست تعد لي أسماء وألقاب لا أعرفها وأضافت : وأنا الشيوعية الوحيدة في المهجع والبقية كلهن من الإخوان فتشتني منيرة بعد ذلك ، وفعلت الشيء نفسه مع ماجدة وملك بالتتابع ، وكان العنصر في انتظاري حينما انتهت ، فأخذني وأصعدني ثانية من القبو ، واقتادني عبر سلالم وممرات عديدة إلى المبنى الجنوبي للفرع ، ليبدأ التحقيق معي حسب الأصول !

بين يدي الجلاد !

كان كل ما حولي يثير الفزع والإضطراب : هذا داخل وذاك خارج . . باب يقفل واخر من أين لا أدري يفتح . . وكل قادم أو عابر يحمل بيده جهاز لاسلكي أو كبلا أو أداة أخرى للتعذيب . . وفي البداية أدخلوني على مكتب رئيس الفرع ناصيف خير بك ، فأحسست وكأنني انتقلت إلى عالم اخر . . فالغرفة واسعة دافئة أنيقة التأثيث ، يمتد السجاد الفاخر

28

على أرضهما بمهابة وقد توزعت عليه كنبات وثيرة ومكتبة ومكتب فاخر يحتل تمثال لرأس الرئيسس الأسد ركنا منه ، بينما ينتصب في زاوية الغرفة القصوى تمثال برونزي آخر لرأس الرئيس بالحجم الطبيعي . وأما المقدم ناصيف الذي كان منهمكا بمحادثة لاسلكية وقتها فلم يعرني أكثر من نظرة ازدراء بطرف عينه ، وأومأ للعنصرأن يعيدني إلى مكاني وأكمل حديثه . . ولم ألبث أن اقتادني ذاك ثانية إلى غرفة أخرى مقابل مكتب ناصيف ، فوجدت مجموعة أشخاص مجتمعين على شاب مقيد يعذبونه ويحققون معه ، وناصيف ممسك جهاز اللاسلكي بيده يتحدث فيه مرة ومع الشاب المسكين والعناصر مرة . ولم يلبث أن أشار بيده إلى العنصر الذي أحضرني فجذبني ذاك من منكبي وأمرني أن أنتظر خارج الغرفة من جديد ، وأنا كالنائمة لا أكاد أقدر على متابعة المشاهد المتجددة والوجوه المتعاقبة والأصوات التي تختلط الشتائم فيها بالإستغاثات والآهات ! وسرعان ما عاد العنصر فأدخلني الغرفة ذاتها لأحضر تعذيب الشاب نفسه لعلي أخاف وأتكلم ما يريدون . كانوا أربعة أو خمسة يشتركون في التعذيب أمامي بالكابل والعصي والخيزران والكهرباء : ناصيف خير بك رئيس الفرع ، والرائد عبد العزيز ثلجة وهو رجل ضخم الجثة بالغ الجلافة ، وعناصر آخرون كان أحدهم لم يبلغ العشرين بعد مجندا من درعا كما عرفت لاحقا ينادونه حسين ، ولم أعرف من كان ذاك الشاب ولماذا يعذبونه ، لكنه كان يصيح طوال التعذيب ويستغيث مناديا : - والله العظيم موأنا . . ثم اعترف اخر الأمر لا أدري ليتخلص من مزيد من العذاب أم لسبب اخر فأقرأنه قتل أحد الضباط . . وعندما اشتد التعذيب عليه وكاد صراخه يصيبني بالإنهيار التفت إلى العنصر معي وسألته : -لماذا أتيتم بي هنا ؟ قال بسخرية : لا أعرف . . إسأليهم .29

قلت بانفعال : لا أريد أن أسألهم ولكن أنا ما عندي شيء لأعترف به ويضعوني في هذا الموقف فأتفرج على تعذيب الناس . ولم يزد العنصر عن أن هز كتفيه وابتسم متهكما وهو يقول : -لا أعرف . . لا علاقة لي بأي شيء هنا ! واستمر الضرب والتعذيب حوالي نصف الساعة أنهضوا الشاب بعدها مضرجا بالدماء والكدمات فكبلوا يديه ورجليه ، وفيما اقتادني العنصر وراءه لأكمل كما يبدو رؤية المشهد ، سحب الرائد ثلجة الشاب إلى رأس الدرج ، ثم ركله برجله بكل قسوة ، فتدحرج هاويا يئن ، ونادى على أحد ما هنالك لينزله إلى المنفردة في القبو أسفل المبنى ، وعاد فأمر العنصر ليدخلني إلى الغرفة مرة أخرى ، فأوقفني في زاويتها ، وجعل ناصيف وثلجة يتحدثان باللاسلكي لا أدري مع من ، ثم خرج الجميع فجأة ، ليعود الرائد ثلجة وحده ويغلق الباب كهربائيا بضغطة زر ، فاستوى الباب بالجدار حتى لم أعد أدري من أين دخل ولا أين كان هذا الباب . . ومن غير أن يلفظ أي كلمة أو يسألنى أي سؤال لم أحس إلا وصفعة مفاجئة تأتيني على حين غرة اصطدم رأسي من عزمها بالجدار وارتد ، وصارت الدنيا تدور كلها في ، وصرت أرى الرائد أمامي أربعة أشخاص معا ، وأرى رأسي أسفل مني ورجلاي فوق الرأس وفوقي ! لم يزد عن أن قال : - انظري . . إذا ما بدك تحكي ما بتعرفي ما الذي سيحصل لك .

بساط الريح
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))