عرض مشاركة مفردة
  #54  
قديم 29-04-2007, 02:01 PM
redhadjemai redhadjemai غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 1,036
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى redhadjemai
إفتراضي

فإذا قوله صلى الله عليه وسلم وقتاله كفر لا يعني الخروج عن الملة وأحاديث كثيرة وكثيرة جدا ، لو جمعها المتتبع لخرج منها رسالة نافعة في الحقيقة ، فيها حجة دامغة لأولئك الذين يقفون عند الآية السابقة ، ويلتزمون فقط تفسيرها بالكفر الاعتقادي ! بينما هناك نصوص كثيرة وكثيرة جدا التي فيها لفظ الكفر ولا يعني أنها تعني الخروج عن الملة .

فحسبنا الآن هذا الحديث لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي وليس بالكفر الإعتقادي .

فإذا عدنا إلى جماعة التكفير وإطلاقهم الكفر على الحكام وعلى من يعيشون تحت رايتهم بالأولى الذين يعيشون تحت أمرتهم وتوظيفهم ،فوجهة نظرهم هي الرجوع إلى أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك !

من جملة الأمور التي يذكرني بها سؤال الأخ السائل آنفا ، أنني سمعت من بعض أولئك الذين كانوا من جماعة التكفير ثم هداهم الله عز وجل ، قلنا لهم : ها أنتم كفَّرتم بعض الحكام فما بالكم تكفرون مثلا أئمة المساجد ، خطباء المساجد ، مؤذني المساجد ، خدمة المساجد ، ما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس الثانوية أو الجامعات !!

الجواب : لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله !!

يا جماعة هذا الرضى إن كان رضى قلبيا بالحكم بغير ما أنزل الله حينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر إعتقادي ، فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أن هذا الحكم هو حكم اللائق تبنيه في هذا العصر ، وأنه لا يليق تبني الحكم الشرعي الموجود في الكتاب والسنة ، لا شك أن هذا كفره كفر إعتقادي وليس كفر عمليا ، ومن رضي بمثل هذا الحكم أيضا فليحق به .

فأنتم لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم ببعض القوانين الغريبة الكافرة ، أو بكثير منها ، أنه لو سُئل لأجاب : بأن الحكم بهذه القوانين هو اللازم في العصر الحاضر ، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام لو سئلوا لا تستطيعون أن تقولوا بأنهم لا يجيبون بأن الحكم بما أنزل الله اليوم لا يليق وإلا لصاروا كفارا دون شك ولا ريب .

فإذا نزلنا إلى المحكومين وفيهم العلماء وفيهم الصالحون وإلى آخره ……… كيف أنتم ؟ مجرد أن تروهم يعيشون تحت حكم يشملهم كما يشملكم أنتم تماما ، لكنكم تعلنون أنهم كفار ، وهؤلاء لا يعلنون أنهم كفار بمعنى مرتدين ، ولا أنهم يقولون : إن الحكم بما أنزل الله واجب وأن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل .. هذا لا يستلزم الحكم على هذا العالم بأنه مرتد عن دينه !
ثم قال حفظه الله تعالى :

من جملة المناقشات التي توضِّح خطأهم وضلالهم : قلنا لهم : متى يُحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقد يصلي كثيرا أو قليلا .. متى يحكم بأنه ارتد عن دينه ؟

يكفى مرة واحدة … ولا يجب أن يعلن – سواء بلسان حاله أو بلسان مقاله – أنه مرتد عن الدين .

كانوا كما يقال : لا يحيرون جوابا .. لا يدرون الجواب !! فأضطر إلى أن أضرب لهم المثل التالي ، أقول :

قاض يحكم بالشرع … هكذا عادته … لكنه في حكومة واحدة زلَّت به القدم فحكم بخلاف الشرع ، أي أعطى الحق للظالم وحرمه للمظلوم … هل هذا حكم بغير ما أنزل الله أم لا ؟

هل تقولون بأنه كفر بمعنى الكفر … كفر ردة ؟

قالوا لا .

قلنا : لم وهو خالف الحكم بالشرع ؟

قال : لأن هذا صدر منه ذلك مرة واحدة .

قلنا : حسنا ، صدر نفس الحكم مرة ثانية أو حكم آخر لكن خالف فيه الشرع أيضا ، فهل كفر ؟

أخذتُ أكرر عليهم ثلاث مرات … متى تقول أنه كفر ؟ .. لا تستطيع أن تضع حدًّا بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع .

تستطيع العكس تماما إذا علمت منه أنه في الحكم الأول استحسنه واستقبح الحكم الشرعي أن تحكم عليه بالردة .وعلى العكس من ذلك ، لو رأيت منه عشرات من الحكومات المتعددة خالف فيها الشرع . لكن قلت له: ياشيخ أنت حكمتَ بغير ما أنزل الله فلم ذلك ؟ يقول : والله خِفتُ .. خشيت على نفسي ، أو ارتشيت مثلا ، وهذا أسوأ من الأول بكثير إلى آخره … مع ذلك لا تستطيع أن تقول بكفره حتى يعلن .. يعرب عن كفره المضمر في قلبه ، أنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل ، حينئذ تستطيع أن تقول بأنه كافر كفر ردَّة .

إذًا وخلاصة الكلام الآن : أنه لا بد من معرفة أن الكفر كالفسق والظلم .. ينقسم إلى قسمين : كفر ، ظلم ، فسق ، يخرج عن الملة ، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي ، وخلاف ذلك يعود إلى الاستحلال العملي .

فكل العصاة وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال الربا .. كل هذا كفر عملي ، فلا يجوز لنا أن نكفر هؤلاء العصاة لمجرد ارتكابهم معصية واستحلالهم إياها عمليا … إلا إذا بدر منهم أو بدا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله عقيدة ، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية .. حكمنا حينئذ أنهم كفروا كفر ردة .

أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم لأننا نخشى أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام : من كفر مسلما فقد باء به أحدهما (5) .

يتبع
__________________