عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 25-06-2002, 01:35 PM
المهند المسلول المهند المسلول غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 488
إفتراضي صفات المطاوعة أكرم الله النعمة

( الإنسان المتدين !)



تراه آتٍ من بعيد ، تسبقه رائحة عطرة ، رائحة دهن العود الرائعة ، وتلمحه يمشي في سكينة وبخطوات هادئة رزينة ، يمشي الهوينى ، ثيابه بيضاء كالثلج بل كبياض السلام ، تتلمح في وجهه سيماء الصالحين ، وشعلة النور تنبثق من جبينه كشعاع الشمس الهابط نحو جبال الثلج ، ليذيب عن شفتيك الصقيع فتلهج بذكر الله حينما تراه !

هوذا الإنسان المتدين ، إنسان سعيد بعلاقته مع ربه ، وعلاقته مع الناس ، حزين متألم لسوء علاقة الناس مع الله وسوء علاقتهم ببعضهم البعض .

هو إنسان حساس ، نفسه شفافه ، يرى الطفلة اليتيمة ، فيندفع باكيا ، ذارفا الدموع الصادقة تجاه طفولةٍ معذبة لم تعرف الشفقة ولا الرحمة ، ويبتسم حينما يرى البرعم في ساق الشجيرة ينمو ويكبر ، ليزهر ويتفتق عن أزهار رائعة برائحة الربيع الجميل الساحر .

هو إنسان ، ولكنه ليس كأي إنسان ، إنسان تجرد من ذاته ، وتطلع لمصلحة الأمة ، فلا تعرف النرجسية لقلبه طريقا ، ولا ُتعرف المصلحة الشخصية في قاموسه أبدا .

هو إنسان رقيق ، ولكنه قوي بالله ، يستمد قوته من واهب القوى ومدبر الكون والعالم ، الله جل جلاله ، فلا يخاف إلا من الله ، ولا يخشى على رزقه و حياة ، فهو يعلم أن ذلك كله بيد الله .

هو إنسان محب ومتيم ، يحب أمه وأباه ، وولده ، وزوجته ، ولكنه يحب الله فوق كل حب ، فحب الله مقدم على الجميع ، فرضى المحبوب ( الله ) مقدم على كل رضى .

المتدين لديه رسالة عظيمة ، يسعى في هذه الدنيا لكي يحققها بين الناس ، رسالة قائمة على نشر الفضيلة بين الناس ، وتحقيق السعادة بينهم ، يتألم إذا رأى ضالا بعيدا عن الهدى ، ويفرح إذا رأى عائدا إلى الله ، يبذل وقته وماله من أجل الله ، ثم من أجل خدمة الآخرين .

إذا كان في عمله تجده مخلصا أمينا في كل واجب يقوم به ، وإذا كان في ُصحبة فإنه هو الخادم المطيع للجميع ، وإذا خلا لوحده راقب الله في سره وعلانيته ، يتذكر الله فيسكب العبرات عند أعتاب باب الله ، يتذكر تقصير نفسه ، فيلومها ويقرعها ، ويتذكر إحسان غيره فيدعو له ويستغفر،

إذا أخطأ تراجع عن خطأه ، وإذا أحسن أو انتصر لم يرد أن يغمط غيره حقه .

وهو إنسان ، بكل ما تعنيه الإنسانية من نسيان وتقصير وعجلة ، تصدر منه الزلة والخطية ، ويصدر منه الخطأ والزلل ، ولكنه تواب أواب ، سرعان ما يرجع ، فلا يعرف التمادي في الباطل .

المتدين غيور لا على أهله فحسب ! بل على مجتمعه وأمته ، فجميع نساء مجتمعه أخوات له ، وجميع الرجال أخوان له ، فهو حريص ، رحيم ، رؤوف بالجميع ، هو مرآة المجتمع ، يعكس صورتها الحقيقية دون نفاق ولا تضليل ، يعطيك حقك لا يبخس منه شيئا ، ويتنازل عن حقه حينا ، ولكنه لا يتنازل عن حق غيره ، خاصة إذا كان هذا الحق حق الله عزوجل ، فإنه يضحى من أجله ويقدم الغالي والنفيس من أجل الله وحقه ودينه .

المتدين عملة نادرة ونفيسة ، يحتاجها المجتمع ، فهو الأب الرحيم ، وهو الأبن البار ، وهو المدرس المخلص ، وهو الجندي الأمين ، وهو المواطن الصالح .

المتدين نصف الحياة ، ونصفه الآخر المتدينة ، تلك المرأة الرائعة ، لا أقول رائعة بجسدها وشعرها ، ولكني أقول رائعة بروحها وذوقها وبراعتها ودينها وجمالها .

هي أم رؤوم ، وبنت حنون ، وزوجة تمنح زوجها من صافي الود والتحنان اشكال وألوان ، هي بيت الدفء إذا هبت رياح الشتاء ، وهي النسيم العليل إذا قدم الربيع ، وهي الإبتسامة إن خيم العبوس على الدنيا ، وهي الإخلاص والصدق في زمن المنفعة ، وهي الروح في زمن المادة .

المتدين والمتدينة بلسم شفاء ، وبصمة صدق ، ميثاق نقاء ، لا يستغني المجتمع عنهما ، فالمجتمع الصالح يهتم بأمر المتدينين ، يرعاهم ، يسددهم ، يساعدهم ، يوجههم ، كي تسير السفينة بأمان نحو جزيرة النجاة في هذا البحر الهائج المضطرب بأمواج الفساد والكبر والنفاق والانتهازية .

المتدين والمتدينة يجب أن يكونا كذلك ، وكل ميسر لما خلق له ، وسددوا وقاربوا ، وإن الله لمع المحسنين .

همسة أخيرة ... فإن البعض يكره الدين ويعادي المتدين لخلل ثقافي ، أو شطح سلوكي ، أو حسد قلبي ، فأين تقف أخي القاريء ؟؟

لا تكترث أخي بالعنوان
فكما رأيت هو فقط للجذب ليس إلا
وكما تعلم أو لا تعلم
فأنا ملتحي يعني (مطوع)
ولي الفخر
ثبتنا الله وإياك على سراطه المستقيم قل آمين
__________________
<center>

الرد مع إقتباس