الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #84  
قديم 04-09-2006, 03:28 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-379-

سوريا ازداد خطرا ، وصارت حوادث الاغتيال تتم بصورة اسطورية تدعو الى الغرابة والدهشة :
يتم انذار الشخص الذي يريدون قتله ، ويتم القتل في الوقت المحدد ، ويتوارى القتلة عن الأنظار ، وتجد السلطة نفسها عاجزة عن ايقاف هذا المسلسل من الحوادث .
وتفاقمت الأمور ، وأصبح النظام السوري محمولا على كف عفريت _ كما يقولون _ واسقاط هذا النظام سيكون بمثابة ضربة قاصمة لثوار الخميني للأسباب التالية :

لأنه نظام من أنظمة الرافضة بموجب الوثيقة الصادرة عن القيادتين النصيرية والشيعية في 3/7/1392 .
ولأنه يدعم ويساند شيعة لبنان ويحقق لهم الطموحات التي يتطلعون إليها .
ولأن سقوطه قوة لحكام العراق وبالعكس فقوته واستمراره ضعف للسلطة في بغداد مما يجعلها تعيش بين فكي الكماشة : ايران شرقا وسوريا غربا .

وأخيرا فلسوريا موقع جغرافي هام جدا ، والسيطرة عليها تعني السيطرة على بلاد الشام ، وتعاونها مع ايران وشيعة العالم العربي بمثابة كارثة نسأل الله أن يجنبنا شرهم .

ولا تستطيع ايران أن تعدد معاركها : معركة داخلية مع الأكراد والعرب والأتراك والبلوش ، ومعركة في الخليج والعراق ، ومعركة في سوريا ، وتجميد عملياتها في الخليج

-380-

قد يعوض بينما سقوط النظام السوري لا يعوض بالنسبة لها .
وكلامنا هذا سندعمه بالأدلة والشواهد التالية :

لقاء الأسد واليزدي :
استقبل حافظ الأسد ولمدة ساعة ابراهيم يزدي وزير الخارجية الايرانية ، ولم يعرف شيئا عما تناوله هذا الاجتماع الذي لم يشترك فيه عبد الحليم خدام وزير الخارجية السوري .
دمشق _ وكالة أ.ف.ب 10/9/79 .
هناك احتمال واحد حال دون اشتراك خدام بهذا اللقاء :
إنه ليس شيعيا ولا نصيريا ولأن المحادثات طائفية وليس من المعقول أن يحضرها علما بأنه كان موجودا في دمشق ، وهو الذي استقبل وزير الخارجية الايرانية وودعه حسب معلومات وكالة الأنباء التي ساقت الخبر ، وأي احتمال آخر غير وارد لأن خدام ركن من أركان النظام السوري ولا يحجب عنه إلا الأخبار والمعلومات المتعلقة بالطائفة النصيرية .

وابراهيم يزدي صديق للاسلاميين السنة ، وهو عندهم ثقة ولا يخفون عنه سرا من الأسرار ولقد زاره عدد منهم كان آخرهم الدكتور حسن الترابي الذي نقل عن اليزدي قوله :
النصيريون مسلمون طيبون فلا تتعرضوا لهذه الطائفة بسوء ، والبلاء كل البلاء في حزب البعث وليس في النصيرية ومن ثم فجاءت زيارته لسوريا في أوج الاضطرابات والقلائل الداخلية التي يشهدها هذا البلد على أيدي النصيريين .

-381-

وفي 19/9/1979 زار نائب رئيس الوزراء الايراني الدكتور صادق الطبطبائي وأدلى بحديث الى صحيفة تشرين جاء فيه :
( ان حكومة حافظ الأسد قدمت كل أشكال الدعم للثورة الايرانية الذي كان له الفضل في انتصار الثورة على نظام الشاه ) .

وقال اليزدي مثل هذا الكلام في لقاء له مع مجلة الشهيد الايرانية العدد 26 تاريخ 4/11/1399 وتصريحات المسؤولين الارانيين تعني بشكل أوضح بأن ايران لن تتخلى عن سورية وستقف معها ضد المسلمين - لأن الحوادث الداخلية يقوم بها المسلمون السنة - وايران في عملها هذا ترد بعض ما لحافظ الأسد من دين في عنق الثورة الايرانية .

الطبطبائي يعترف :
في 7/10/1979 زار الطبطبائي نائب رئيس الوزراء الايراني سورية _ ومما يجدر ذكره أن زياراته كثرت بعد حوادث الكلية العسكرية في حلب _ وعقد مؤتمرا صحفيا قال فيه :
( ليس من المستغرب أن ينهض الرئيس الأسد للحد من هذه المحاولات ، ولابراز وجه الثورة الايرانية ( !! ) الصحيح . وهذه ليست المرة الأولى التي يتطوع فيها الرئيس الأسد من أجل الدفاع عن الثورة الايرانية .. وختم تصريحاته قائلا :
إن الايرانيين سيقفون الى جانب سورية وسينضمون إليها اذا تطلب الموقف"19" ) .

(19) وكالات الأنباء 7/10/م979 م.

-382-

الطبطبائي يقصد بأن الأسد لعب دورا مهما في الوساطة ما بين ايران ودول الخليج ، والقضية لا تحتاج الى وساطة فلولا تصريحاتهم العدوانية ، وأنشطة أتباعهم المريبة لما كانت هناك مشكلة بينهم وبين دول الخليج ، ولو كان الأمر مجرد خطأ لكان بوسعهم إنهاؤه عن طريق اتصال مباشر مع دول الخليج ، لكنهم أرادوا تلميع وجه أسدهم وإظهاره كبطل ورجل سلام وأنه داعية لإصلاح ذات البين بين الأشقاء .

والمشكلة ليس في هذا كله وإنما في قول الطبطبائي :
( .. ان الايرانيين سيقفون الى جانب سورية وسينضمون إليها اذا تطلب الموقف ذلك ) .

كلام نائب رئيس الوزراء الايراني عام ومنه نفهم أن الايرانيين سيقفون الى جانب النظام السوري _ النصيري _ ونقول النصيري لأنه أشاد بالرئيس الأسد في مطلع بيانه فالفضل له وهم ممنونون منه .

نقول سيقف الايرانيين مع النصيريين لو حاربوا الأردن أو العراق أو لبنان أو اسرائيل _ وهذا غير وارد _ وسينضمون إليهم اذا تعرضوا لحرب أهلية داخل سورية ، وفهمنا هذا موضوعي لأن الطبطبائي لم يخصص في تصريحه ولم يستثن أحدا .

كما أن هذا التصريح بمثابة تهديد لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حافظ الأسد ونظامه ، وفي الحقيقة فإن زيارته من أجل هذا الغرض أما الوساطة السورية فهي ستار وغلاف لهذه التهديدات .

-383-

قرار الخميني :
الاتصالات الايرانية السورية كانت تتم بشكل سري ، أما بعد تفاقم الاضطرابات الداخلية فأصبحت دمشق تستقبل بين كل فترة قصيرة وأخرى مسؤولا ايرانيا : الطبطبائي ، حسين الخميني ، خلخالي ، منتظري ، يزدي .

وكشفت بعض الصحف التي لها اتصالات معينة أسرار هذه الزيارات :
نشرت صحيفة الحوادث الصادرة في لندن الخبر التالي : ( تدرس الحكومة الايرانية امكانية ارسال عشرة آلاف متطوع ايراني الى الجنوب لدراسة ما يمكن أن تقوم به الحكومة بالنسبة للجنوب ، وكان الوفد المذكور برئاسة الأصفهاني وضم عددا من العسكريين . وأن ذلك بناء على رغبة بعض زعماء الشيعة في الجنوب ، رغم أن القادة الفلسطينيين غير متحمسين لذلك"20" .

ونشرت صحيفة السياسة الكويتية الخبر التالي :
( علمت السياسة أن الحكومة الايرانية قد أبلغت الزعامة السورية عن استعدادها لتقديم كافة الامكانات والمساعدات الاقتصادية والعسكرية لمواجهة الاضطرابات الداخلية وأي مؤثرات سلبية من الخارج ، وقد نقل هذا التأييد عبر الرسالة التي حملها نائب رئيس الوزراء والناطق بلسان الحكومة الايرانية السيد صادق طبطبائي الى الرئيس السوري حافظ الأسد خلال اجتماعه به أخيرا .



(20) الحوادث العدد 1197 تاريخ 12/10/1979 .


-384-

وعلمت السياسة أن زيارة المسؤول الايراني في هذه الظروف لدمشق كانت مثار اهتمام وتعليقات من جانب كثير من الأوساط الدبلوماسية العربية والأجنبية حيث توقعت هذه الأوساط أن تتبلور عن ( علاقات ذات طبيعة خاصة ) بين ايران وسورية خلال الفترة القادمة وذكرت مصادر مطلعة هنا أن التحرك السريع للثورة الايرانية لدعم النظام السوري ثم الاتصال ببعض الأوساط الدينية بلبنان سيكون محل اهتمام واسع لدى حكومات دول المنطقة"21" ) .

وفي 16/8/1979 نشرت السياسة الكويتية في رسالة لها من طهران قالت أن الخميني قرر ارسال قوات ايرانية للمرابطة في سورية ، وأنه حريص على التواجد العسكري المباشر على حدود المواجهة مع اسرائيل .

وقبل التعليق على هذه الأخبار لا بد من بيان أهمية الصحف التي نشرتها .
إن لصاحب مجلة الحوادث علاقات وطيدة مع جميع دول الخليج ، وأخباره لا يأخذها من صغار أو كبار الموظفين في الوزارات بل من ملوك وأمراء هذه الدول ، كما أن له صلات وارتباطات وثيقة مع أجهزة الاعلام والمخابرات العالمية .

وعندما يقول اللوزي بأن الحكومة الايرانية تدرس امكانية ارسال عشرة آلاف متطوع ايراني الى جنوب لبنان .. ثم يأتي المنتظري بعد مدة ويقرر ارسال عشرة آلاف متطوع ايراني الى جنوب لبنان فهذا يعني ان خبر الحوادث دقيق ، ولم يأت نتيجة التنجيم أو الرجم بالغيب ، لا سيما وأن الحوادث قد أشارت بأن وفدا عسكريا برئاسة الأصفهاني


(21) السياسة 6/10/1979 .

-385-

قد أرسل لهذا الغرض بناء على رغبة الشيعة في الجنوب .
أما السياسة فكانت أكثر دقة من الحوادث فاستبعدت أصلا أن تكون زيارات الايرانيين لسورية من أجل الوساطة مع دول الخليج بل حددت بكل وضوح وقالت بأنها من أجل تقديم كافة الامكانات والمساعدات الاقتصادية والعسكرية لمواجهة الاضطرابات الداخلية ، وأي مؤثرات سلبية من الخارج _ أي العراق _

وبدو أن السياسة تترجم بخبرها هذا وجهة نظر الحكومة الكويتة والسعودية والعراقية انظر إليها وهي تقول :
وعلمت السياسة أن زيارة المسؤول الايراني في هذه الظروف لدمشق كان مثار اهتمام وتعليقات من جانب كثير من الأوساط الدبلوماسية العريبة والأجنبية حيث توقعت هذه الأوساط أن تتبلور عن علاقات ذات طبيعة خاصة بين ايران وسورية .

العلاقات ذات الطبيعة الخاصة هي وحدة الشيعة في ايران مع النصيريين في سورية مع الشيعة في لبنان وهو والذي عنته لسياسة في قولها :
( وذكرت مصادر مطلعة هنا أن التحرك السريع للثورة الايرانية لدعم النظام السوري ثم الاتصالات ببعض الأوساط الدينية بلبنان _ أي الشيعة _ سيكون محل اهتمام واسع لدى حكومات دول المنطقة ) .

انظر الى قول الصحيفة : وذكرت مصادر مطلعة هنا ، فمن هذه المصادر المطلعة ان لم يكونوا كبار المسؤولين في الخليج ؟! .

-386-

وماذا تعني السياسة بقولها :
وعلمت السياسة ؟! لا شك بأنها علمت من المصادر المطلعة !! .
ودول المنطقة التي تخشى من المحور الايراني السوري هي :
السعودية ، العراق ، الكويت وسائر دل الخليج . ومن أجل هذا رفضت الكويت الوساطة السورية ، كما أنها رفضت استقبال الدكتور صادق طبطبائي نائب رئيس الوزراء الايراني ، وكان لها موقف حازم مع السفير السوري في الكويت .. ويروى أن للسعودية موقفا من سورية شبيه الى حد كبير بالموقف الكويتي .

ومن منطلق ارتباط صحيفة السياسة الوثيق مع حكام الخليج أعلنت بأن الخميني قرر ارسال قوات ايرانية للمرابطة في سورية ، وجاء خبر السياسة في 16/8/1979 أي قبل اعلان المنتظري عن قراره بأكثر من شهرين ونصف .

ويبدو أن هناك خلافا بين الحوادث والسياسة في تحديد الجهة التي سيتوجه إليها المتطوعون الايرانيون ، فالحوادث قالت سيتوجهون الى جنوب لبنان ، بينما قالت السياسة بأنهم سيتوجهون الى سورية . والحقيقة أن وجود الجنود في سورية يعني وجودهم في لبنان وبالعكس ، وقد يستخدم الايرانيون شعار تحرير فلسطين أو المرابطة مع الفلسطينيين في جنوب لبنان تغطية لوجودهم في سورية ، والخلاصة أنه ليس هناك من خلاف بين الصحيفتين .

وفي جميع الزيارات التي كان يقوم بها المسؤولون الايرانيون كانوا يزورون لبنان كما يزورون سورية ، وفي احدى زيارات الطبطبائي الى لبنان في 10/10/1979 نقلت وكالة رويتر أنه كان يرتدي الزي العسكري لمنظمة ( أمل ) الشيعية ،