الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #88  
قديم 04-09-2006, 03:35 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-412-

وفي بداية السبعينات أنشأ الصدر حركة المحرومين ووضع لها شعارات براقة : كالإيمان بالله ، والحرية ، والتراث اللبناني !! ، العدالة الاجتماعية ، الوطنية وخاصة الجنوب ، تحرير فلسطين ، الحركة لجميع المحرومين وليست خاصة بالشيعة .

كما أنشأ الصدر جناحا عسكريا لحركة المحرومين أسماه (أمل) ، وحرص على أن يكون سريا ، بل كان يتظاهر بأنه ضد التسلح ، واعتصم في مسجد العاملية في بيروت احتجاجا على ( المليشيات ) والتسلح ، واندلاع الحرب ، وبعد أيام قليلة من انهاء اعتصامه انفجر لغم في مخيم للتدريب تابع لمنظمة أمل في البقاع أدى الى مقتل 36 شخصا وجرح 43 شخصا .. وبعد هذه الفضيحة أعلن عن انشاء أمل في 6 يوليو 1975 .

وفي عام 1974 نقلت الصحف اللبنانية مجموعة من خطب الصدر في مناطق متعددة من لبنان ومن ذلك قوله : ( الثورة لم تمت في رمال كربلاء بل تدفقت في مجرى حياة العالم الاسلامي ) . كان هذا في أوائل شباط . ( وابتداء من اليوم لن نشكو ولن نبكي فاسمنا ليس _ المتاولة _ بل اسمنا _ الرافضون _ رجال الثأر .. لقد واجه الحسين العدو ومعه سبعون رجلا ، وكان العدو كثير العدد ، أما اليوم فنحن نعد أكثر من سبعين ، ولا يعد عدونا ربع سكان العالم ) .

ومعظم الذين كانوا يحضرون احتفالات الصدر كانوا مسلحين ، وكأنه كان يهيئهم لخوض غمار المعارك .
بدأت الحرب اللبنانية ، فكانت خطة الصدر فيها على الشكل التالي :
له منظمة مسلحة _ أمل _ في الجنوب وبيروت والبقاع ، وكانت منظمته متعاونة مع القوات الوطنية ، وكان للشيعة تواجد في جيش لبنان العربي ، فكان مساعدو



-413-

أحمد الخطيب منهم وكان للصدر وشيعته صلات وثيقة مع منظمة التحرير ، وكان يتصدر اجتماعات مع جميع الأطراف _ وخاصة الموارنة _ لإنهاء الحرب .

وأكثر الجهات التي كان الصدر يتعاون معها النظام النصيري في سورية . ولقد رأينا في الصفحات الماضية أنه استصدر مرسوما حكوميا أصبح نصيريو الشمال اللبناني بموجبه شيعة ، وعين لهم مفتيا جعفريا ، وعندما هلك والد حافظ الأسد استدعى الصدر ولقنه الكلمات التي تلقن لموتاهم وهم في حالة النزاع ، وكان الامام الساعد الأيمن لكل مسؤول سوري يدخل لبنان من أجل التوسط في النزاع القائم بين المسلمين والفلسطينيين من جهة والموارنة من جهة ثانية .

أما المسلمون السنة أينما كانوا _ في منظمة التحرير أو جيش لبنان أو التجمع الاسلامي أو .. _ فما كانوا يخفون سرا على أنصارهم الشيعة ، بل كانوا يتعاملون معهم بدون أي خلفية .
وبعد المجزرة التي ارتكبها الموارنة في ( الكرنتينا ) هب المسلمون في لبنان ، وتمكنت القوات الوطنية من احتلال : شاتورة ، وزحلة ، وزغرتا ، والدامور ، والسعديات ، وسقط معظم لبنان بأيديهم ، وحاصروا الصليبيين في عقر دارهم ، وبدأت مدافع جيش لبنان العربي تدك قصر بعبدا لولا تدخل منظمة الصاعقة النصيرية وفرار سليمان فرنجيه من قصره .. وبات مؤكدا أن لبنان ستتحكم من قبل القوات الوطنية .
ونشرت الصحف اللبنانية في هذه الفترة مقابلة مع عبد الحليم خدام وزير الخارجية السورية قال فيها أن طلبا رسميا من لبنان تقدمت به لأمريكا لتتدخل كما تدخلت عام 1958 فرفضت أمريكا وتراجعت اسرائيل ، كلام خدام صحيح وقد ورد في بيانات رسمية صدرت عن أمريكا من جهة وعن شخصيات لبنانية من جهة ثانية .

-414-

ولحظة دخول الجيش النصيري الى لبنان استبدل موسى الصدر وجهه الوطني الاسلامي بوجه باطني استعماري وقام بالدور التالي :
أمر الضابط ابراهيم شاهين فانشق عن الجيش العربي ، وأسس طلائع الجيش اللبناني الموالية لسورية ، كما انشق الرائد أحمد المعماري شمال لبنان وانضم للجيش النصيري ، وكان جيش لبنان العربي أكبر قوة ترهب الموارنة ، فانهار لأنه ما كان يتوقع أن يأتيه الخطر من داخله من قاسم شاهين وغيره . وأمر الصدر منظمة أمل فتخلت عن القوات الوطنية ، وانضم معظم عناصرها لجيش الغزاة .

وبدأ الصدر بمهاجمة منظمة التحرير . نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في 12/8/1976 اتهام الصدر للمنظمة بالعمل على قلب النظم العربية الحاكمة وعلى رأسها النظام اللبناني ، ودعا الأنظمة الى مواجهة الخطر الفلسطيني ، ونقلت بعض الصحف اللبنانية تصريحه هذا.
وكانت ضربة الصدر للفلسطينيين مؤلمة مما جعل ممثل المنظمة في القاهرة يصدر تصريحا يندد فيه بمؤامرة الصدر على الشعب الفلسطيني وتآمره مع الموارنة والنظام السوري .

وما من معركة خاضها جيش لبنان العربي والقوات اللبنانية الفلسطينية إلا ووجدوا ظهورهم مكشوفة أمام الشيعة . فمثلا خاضوا معركة قرب بعلبك والهرمل فاتصل الشيخ سليمان اليحفوفي المفتي الجعفري هناك بالجيش النصيري وسار أمامه حتى دخل بعلبك فاتحا على أشلاء المسلمين .

وما اكتفى الصدر بهذا القدر من الأعمال بل أوعز الى قيادة أمل بأن لا يقاوموا الموارنة فى حي النبعة والشياح ، وهذا يعني أنه سلم مناطق الشيعة في بيروت للموارنة ،



-415-

وتركهم يقتلون ويأسرون كيفما يشاؤون ، وهو الذي كان يقول : السلاح زينة الرجال ، وأنهم رجال الثأر ، وأن ثورتهم لم تمت في رمال كربلاء .
فأين السلاح ، وأين الثأر ، وأين كل تلك التهديدات التي كان يطلقها ، ومتى يستعملها إن لم يستخدمها وهو يرى القتل والابادة في سكان الشياح وحي النبعة ؟! .

وتحت حماية أسنة الغزاة المحتلين راح الصدر يتحرك ، كعميل للنظام النصيري ، وكمساعد لعبد الحليم خدام وزير الخارجية السوري .. فعندما طلب الوزير خدام من زعماء المسلمين أن يوقعوا على ميثاق وطني تكرس بموجبه رئاسة الجمهورية للمارون ، رفض الزعماء المسلمون جميعا هذا الطلب إلا موسى الصدر وافق عليه .

وفي 5/8/1976 نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن الصدر دعا الى اجتماع ضم أساقفة الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والموارنة الكاثوليك وعددا من أعيان البقاع ونوابها ، وتم عقد الاجتماع في قاعدة رياق الجوية من أجل تشكيل حكومة محلية في المنطقة التي يسيطر عليها السوريون النصيريون .
أدرك المسلمون في لبنان _ ونقصد بالمسلمين القوات الفلسطينية اللبنانية المشتركة وسائر المنتسبين للاسلام بغض النظر فيما لو كانوا مسلمين فعلا أم لا _ على مختلف نحلهم حقيقة الدور الذي يقوم به الصدر ، فحاولوا اغتياله ونسفوا بيته في بعلبك لكنه نجا من الموت ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت فالتجأ الى دمشق وسكن في حي الروضة تحت حراسة اخوانه النصيريين ، وصار يمثله في المؤتمرات والمفاوضات في لبنان نائبه الشيخ محمد يعقوب ..

-416-

وبدأ الامام بدور جديد بعد الاحتلال السوري للبنان فقام بزيارات لمعظم البلاد العربية ظاهرها السعي من أجل ايجاد حل للمشكلة اللبنانية ، وحقيقتها أخذ مساعدات لتوزيعها على المحرومين !!، ويبدو أن مواقفه المتناقضة أثارت حنق القذافي ، فألقي القبض عليه خلال زيارته الأخيرة لطرابلس ، واختفى الامام وما زال مختفيا مع اثنين من مرافقيه ، ويقال أنه كان قد أخذ من القذافي أكثر من عشرين مليونا من الدولارات .

أطراف المؤامرة :
المؤامرة التي دبرها أعداء الاسلام على أرض لبنان لم تنه ، ولم تقتصر على لبنان بل سوف يمتد لهيبها ليحرق العالم الاسلامي إن لم تلحظه عناية الله . والذي يهمنا هنا أن نحدد أطراف المؤامرة :
1_ الصدر وشيعته :
هذا الجاسوس الايراني الذي أرسله الشاه الى ايران فمنحه الموارنة الجنسية اللبنانية ، وأعطوه صلاحيات واسعة لم يحلم بها أقطاب الشيعة كصبري حمادة ، وكامل الأسعد ، وعادل عسيران ، ويكفي أن يحمل المواطن اللبناني بطاقة من موسى الصدر لتحل أكبر مشكلة له عند السلطة .

وخلال سنوات قصيرة فصل الصدر الشيعة عن السنة وأنشأ حركة المحرومين ومنظمة أمل ووحد الشيعة مع النصيرية ، وأخيرا مكن الجيش النصيري من احتلال لبنان ، وتنكر للفلسطينيين ولمنظمة التحرير بعد أن جعل لهم بندا خاصا بهم في منهج حركة المحرومين ، وصار يتهمهم بالتآمر على قلب الأنظمة العربية وكأنه محام عن مصالح هذه الأنظمة وطالب باخراج الفلسطينيين من جنوب لبنان وتعديل اتفاق القاهرة ، ولا يخجل من



-417-

القول : لسنا في حالة حرب مع اسرائيل والعمل الفدائي في الجنوب يحرجنا ( الدستور الصادرة في فرنسا 26/6/1978 ) .

2_ النصيريون :
هم الذين خططوا في أوائل الستينات للاستيلاء على الحكم في سورية ، ولاتخاذ حزب البعث جسر يمرون من فوقه الى هدفهم المنشود ، وقائدهم حافظ الأسد هو الذي أذاع بلاغ سقوط القنيطرة عام 1967 ، والجنود السوريون ما زالوا مرابطين على حدود فلسطين المحتلة ، والعالم كله يشهد بأن سقوط القنيطرة مؤامرة رهيبة ، وخيانة ما بعدها خيانة .
وبعد سقوط القنيطرة قامت مفاوضات بين النصيريين الذين يحكمون سورية وزعماء النظام الصهيوني ، وبعض هذه المفاوضات كان سريا وكشف ، وبعضها علنيا عن طريق أمريكا وغيرها .
واستقبل النظام النصيري اليهودي المتعصب كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابق ، وعقد معهم اتفاقات الخطوة خطوة مع اسرائيل ، وقدمت الولايات المتحدة قروضا سخية لنظام حافظ الأسد ، ويكفيه ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية في 29/9/1976 :
( صرح اليوم شمعون بيريز _ وزير دفاع العدو وقتذاك _ ان هدف اليهود هو نفس هدف دمشق بالنسبة للمسألة اللبنانية وقال :
يجب أن نمنع وقوع لبنان تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية ) .
لقد دخل الجيش النصيري لبنان لينفذ مؤامرة عالمية اتفق عليها قادة الشرق والغرب وعندما اتخذ حافظ الأسد قراره في التدخل كان رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي في دمشق ، وأعلن خلال لقاءاته مع الأسد بأنه مع سورية في سياستها ازاء لبنان ،