عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 16-09-2005, 03:25 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

حضـــــــــر .. حضــــــــر ..


وفجأة .. قامتْ النساءُ واستقبلْنَ القبلة عندما كانت الفتاة الحسناء تقرأ قصة المولد ..
حتى إذا بلغت : ( وولدتْهُ آمنة مختوناً ) !!
لقد قُمْنَ إجلالاً وتعظيماً لدقائق تخيلاً منهنّ وضع آمنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..
نظرتُ إليهن .. إني خائفة .. مُرتبكة .. ماذا يحدث حولي .. ثم قالت النساء بأصواتٍ وجدانية :
- لقد حضر ، حضر ، حضر .. أمام القبلة .. !!
نظرتُ باستغراب وتخوف !! أين حجابي ؟!
انتظرنْ ! مَنْ هذا الذي حضر ؟!
أوقفنه .. أريد أن أرتدي حجابي .. ولكن .. أنا لا أرى شيئاً !!
مَنْ الذي حضر؟! هل .. هل يقصدون جنياً ؟ مَنْ يقصدون ؟
هل يريْنَ أشياء لا أراها ؟! يا إلهي !!!

ثم ... أُتيَ لهن بالمجامر وطيب البخور .. فتطيبت النساء !
ثم دُرْن بكؤوس الماء والعصير فشربْنَ منه بنهم !!
أقبلتْ إليّ بعض النسوة يركضْن وأخذْنني وقُلْنَ لي فرحات :
- هيا معنا .. بسرعة .. لا نريد أن يفوتكِ الموقف الشريف .. بسرعة .. لقد حضر حضر ...
رأيتُ الصفقة خاسرة وأحسستُ بثقل يمشي في صدري .. فقلتُ بحسرةٍ وأنا أرافقهنّ :
- مَنْ هو الذي حضر ؟! أهو رجلٌ آخر تُطالبْنني فيه بالكشف عن وجهي وتقبيله أيضاً ؟!
قُلْنَ لي وكأنني قد اعتنقتُ دين اليهود أو النصارى :
- إنه محمد صلى الله عليه وسلم !!!!!

صُعقْتُ ونظراتي المكذّبة والمصدّقة قد آلمتني كثيراً !
عُدتُ إلى مكاني بسرعة .. وعيونُ القوم ترمقني أنْ كيف أتركُ فرصة كهذه وأستهين بها !!
جئْنَ واللوم بادٍ على وجوههّنّ بعد أن انتهين من الابتهالات الجماعية و الدعوات والصراخ ..
وبعد أن ذهبتْ روح المصطفى إلى بارئها!!
- بالتأكيد أنتِ لا تحبين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم !!
أنتِ لا تريدينه أن يشفع لك يوم القيامة !!
ستحدث لك نكباتٌ ومصائبُ لأنك استهنتِ بحضوره بيننا ولأنك رفضتِ مشاركتنا في زمن حضوره !!

يا إلهي !
هل ما يقلْنَهُ صحيح ؟!
هل هن صادقات ؟ يبدو التأثر على أوجه الكثيرات منهن!!!
تقدّمتْ إحداهنّ إليّ وقالتْ لي وكأنما تصبُّ سُمّاً زعافاً في عقلي :
- أيتها الحمقاء المعتوهة!! لقد كنتُ مثلك أو أشد منك!
وكنتُ أعتقد أن هذه خُزعبلات وتُرّهات !!!
ولكن بعد أن منّ الله عليّ شعرتُ بحلاوة الإيمان !
آه كم أنا سعيدة! وأتمنى لو أنني أقيم في كل يومٍ مولداً نبوياً في منزلي !!
جرّبي ولن تندمي! وستصبحين مثلنا وأشدّ!
وإنْ لم يُعجبْك الحال فامتنعي ولكنني متأكدةٌ من أنه سيعجبك !!

يا إلهي لم أعد أحتمل! أين الصواب وأين الخطأ؟! هل يُعقل أن يكون أهلي على خطأ ؟! هل يمكن؟!
وبدأت الشكوك تساورني! آه لقد أثّروا عليّ من كل اتجاه!
وحدي أنا ! بدأتْ أسلحتي تضعف شيئاً فشيئاً!!
رباه .. أرجوك .. أريد أن أعود لنقائي .. أفكاري النقية.. معتقداتي وعقيدتي الصافية ..!
سريرتي الطاهرة .. قلبي السليم .. هل يمكن ذلك ؟

مضى الوقتُ يتلكأ حتى أوشك الليلُ أن ينتصف!! وسيطر السكون بعدها على المكان ..
فلم أرَ وأنا مكاني إلا عيوناً قد أخذها اللوم عليّ !
فخشخشتْ الأوراق بتأثير نسمةٍ طريةٍ باردةٍ .. معلنةً عن وقت الرحيل من هذا المنزل ..!!
ركبْتُ في السيارة .. التقتْ نظراتي الحزينة التائهة ..
بنظرات الزوج المتلهفة لمعرفة ردّة فعلي على ما سمعتُ وما رأيت ..
أغمضتُ عينيّ .. شعرتُ بحاجتي لصدر أمي الحنون .. حتى البكاء ..
أصبح عسيرا عليّ .. رباه .. اللهم اكفنيهم بما شئت ..!

عُدْت إلى المنزل .. وقفتْ أفكاري وعاد إليها ركودها الأول ..
أحسستُ برغبةٍ جامحةٍ في الدخول إلى مخدعي ..
ولكنّ السكون المطلق الذي ران على المنزل لم يشجعني على سرعة الدخول ..
فأخذتُ أنظر إلى غير هدف! أنظر إلى أي شيء!!
وأنظر إلى كل شيء !
شعرتُ بتقدم خطى الليل .. فوقفتُ بتكاسل ..
وتحسستُ طريقي في الظلام حتى وصلتُ إلى فراشي ..
واندسستُ تحت اللحاف الخفيف .. أخذتُ نفساً عميقاً ..
وأنا أشعر بالوحدة ..
كان آخر ما تذكرتُه في هذه الليلة هو اليوم الكئيب الذي عاصرتُ فيه أحداثاً ثقيلة ..

في البحر.. في المنزل .. في المولد النبوي ..
بقيتْ نظراتي تائهة .. وأفكاري متلاطمة حتى بانتْ خيوط الصباح الأولى ..
ثم .. أسدلتُ أجفاني بثقلٍ شديدٍ .. فنمتُ وأنا أسمع أنيني يخترق فضاء الأحزان ..!!!


وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس