عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 03-03-2006, 11:53 PM
فلوجة العز فلوجة العز غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 415
إرسال رسالة عبر MSN إلى فلوجة العز
إفتراضي

أثر الشيخ أسامة على هذا الانقلاب .. وفي هذا المقال أحاول أن أتقرّأ في ذلك الأثر الذي تركه الشيخ على المسألة الحضارية في الصراع بيننا وبينهم ..

المقال

أليس غريبا للغاية .. ومذهلا بشكل غير طبيعي هذا الظهور الأسطوري لشيخ المجاهدين في العالم ؟
لا تستعجلوا أنا أقصد أمرا وسأشرحه الآن ..

لا أعرف كيف أشرحه فبعض الأغبياء ربما يقول إن لويس يعتقد أن بن لادن نبي ، وقد سئمت من هؤلاء الذين لا يفهمون الكلام أصلا ثم يناقشون ..

لكن ما أريد قوله أن هناك حكمة إلهية بالغة في ظهور المشهد والصراع بين الحق والباطل بهذا الشكل الخيالي الذي لولا توفره أمام أعيننا لظننا أنه قصة أسطورية مثل قصص الأبطال الاسطوريين السابقين ..

الذي أعرفه أنه لم يحصل مذ خلق الله آدم وإلى عصرنا أن اجتمعت الدنيا على عداوة رجل واحد مؤمن .. مثلما يحدث الآن .. نعم أمم الكفر عادت أنبياء الله لكن لم يحدث في التاريخ اجتماع كل حكومات الكفر في الدنيا على عداوة رجل مؤمن .. وقد قالوا إن الدنيا أصبحت قرية واحدة في عصرنا وفي عصرنا اجتمع كبراء تلك القرية على عداوة رجل مؤمن واحد بما لم يحدث من قبل ..

وما جرى خلال السنتين الأخيرتين من استقطاب عالمي وتحول المواجهة بالنسبة للغرب بحيث أصبحت معتمدة على قتل أو إلقاء القبض على شخص واحد هو الشيخ أسامة ثم التعاقب الفانتازي للأحداث ثم أخيرا حكاية الشيخ عن معركة تورا بورا وحكاية جزء مما حدث .. كلها تعطيك مؤشرا لا يمكن أن يخطئ على أن هناك شيئا ما يحاك .. مكر ما يحدث لجهة ما وهذه الجهة تساق إلى حتفها وقد حان أوان ذلك .. والله خير الماكرين ..

ما أريد قوله أن الغرب وأمريكا وبوش على وجه التحديد كانوا يعتقدون أن مصير حملتهم ضد الإرهاب كلها معتمدة على القضاء على الشيخ أسامة بماذا يوحي لكم هذا المشهد ؟؟

ألا تلاحظون أن ما يجري من محاكاة للقصص القرآني ومن قصص الأنبياء وكون المعاداة تصبح متعلقة بالشخص الواحد ويصبح ذلك الشخص هو المطلوب الأول ويصبح رمزا للمواجهة وتتجند كل القوى للقضاء عليه ومطاردته وتعذيب أتباعه وغيرها من مراحل الصراع ، ولعل هذا واضح من قصة موسى عليه السلام في مواجهته لفرعون .

أقول إن هذه المحاكاة الغريبة والمثيرة للغاية وكون تسلسل الأحداث يسير بحيث يصبح شخص الشيخ أسامة هو القضية بالنسبة للغرب ويصبحون يعتقدون جزما أن قتل الشيخ أو إلقاء القبض عليه سيحل مشكلتهم الأمنية مع تنظيم القاعدة .. تجعلني أتأمل بشيء من التشوق الشديد لمعرفة السر الكامن وراء كل هذه الصورة ..

ألم يكن ممكنا مثلا أن تكون المواجهة الحالية قد تم تقديرها إلهيا على يد مجموعات وجيوش وقوات مسلمة لا يظهر فيها الشخصنة ولا يصبح الفرد هو القضية .. أعني ألم يكن ممكنا أن تكون المواجهة معتمدة على دفاع أمة كاملة عن كيانها .. ؟
لكن الله لم يقدر هذه الصورة .. بل قدر لنا صورة مغرقة في الخيال ، والعجيب أن جميع نظريات المؤامرة التي بدأت مع بداية القصة انتهت تماما وتلاشت ولم يعد أحد يستطيع أن يدفع عن نفسه الانبهار بما يحصل من صور لولا حدوثها أمام أعيننا لربما رفضناها تحت مسمى ( غير منطقية ) أو غير متصورة واقعيا ..

إن صورة الصراع الحالية بين الحق والباطل .. بين الفئة القليلة والفئة الكثيرة تجسدت بأبهر صورها التاريخية في هذا العصر .. وكأن الله ساق لنا هذا النموذج الأسطوري في هذه الفترة القصيرة بالنسبة لعمر الأمم .. لعل الله فعل بنا ذلك لأن الاستحقاق القادم والواجبات التي على الأمة فعلها تحتاج إلى مثل هذا النوع من النقلات والطفرات التاريخية ..
ما يحدث يا سادة طفرة تاريخية .. نقلة حادة في التاريخ .. لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال تدرجا طبيعيا في ظل قصر المدة التي جرى فيها ما جرى وما يجري ..
وكأن الأقدار سيقت خصيصا لكي يحدث تغيير جذري في العقلية الإسلامية وفي طبيعة الأمة وطريقة تفكيرها ونظرها للغرب ..

وكأن تلك الأقدار أرادت أن تعلم الأمة عن طريق النموذج الحي والعملي كل ما تقرأه في القرآن نظريا ..فهاهو الشيخ يحكي لأهل العراق قصة الميل المربع الذي قصفته أمريكا لأسابيع وهو نفسه كان متواجد معهم ولم يصب بأذى .. لتوقن الأمة يقينا تاما بأن الموت والحياة والقوة بيد الله وحده ..
إن التغيير المعرفي وتجربة النقلة الحضارية التي يقوم بها الشيخ أسامة بالنسبة لهذه الأمة لا يمكن بأي حال مقارنتها بالتدرجات الطبيعية التي تحصل للأمم ..ولذا أفضل وصف لها هو اعتبارها ( طفرة ) تاريخية ، وهي طفرة لم تخرج إطلاقا عن السنن الربانية في النفوس والمجتمعات بل هي نتيجة فورية لتحقق تلك السنن .. وأعني بالتحديد سنتين الأولى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) والثانية ( تلك القرى أهلكناهم لم ظلموا )
فهي طفرة من حيث سرعة التغيير .. وكأن الزمن لم يعد له قيمة عند تحقق شروط تلك السنة .

وحتى لا أفقد التركيز في الحديث عن الطفرة يحسن بي أن أعود فأقول إن التغيير الذي صنعه بن لادن مرتبط ارتباطا وثيقا بأسباب قديمة ربما لا يلاحظها أو لم ينتبه لها أحد لكن جامعها هو قوله تعالى( ولن يضيع الله أعمالكم ) ..ما أعرفه من نفسي أنه كان لي أصدقاء وإخوة وأقارب ذهبوا أيام الجهاد الأول يطلبون الجهاد في سبيل الله ذودا عن الأفغان في المرحلة الأولى .. وما أعرفه أنهم قتلوا في سبيل الله هناك .. وعندما حدث الشقاق المحتوم بين الفرقاء هناك .. ندم كثير من الناس وقالوا قد سفكت دماء أولادنا هناك هدرا ومن أجل السلطة .. لكن الله قال ( ولن يضيع الله أعمالكم ) .. وما نشاهده اليوم من مشاهد العز والفخر وما يسدده فرسان الإسلام من المجاهدين للغرب من ضربات هنا وهناك كلها تنمي إلى تلك الدماء الطاهرة الزكية .. لأن تلك الدماء وأولئك الشباب إنما قتلوا وهم يظنون أنهم يرجعون للأمة مجدا غابرا ويدفعون عنها شيئا من الظلم الواقع عليها ومر على قتلهم سنوات طويلة وتبين لنا اليوم أن الله لم يخيب ظنهم وأن الله لن يضيع أعمالهم ..

هذا كله يعود بنا إلى الحديث الذي أردت الكلام عنه في هذه الورقات وهي قضية ستنفع كثيرا في الاستدلال على ما سبق من أن هناك تقديرا إلهيا عجيبا في مساق الأحداث كلها وأن تأمل ذلك التقدير هو أكبر معين ومبشر للمؤمنين في هذا العصر وأن لحظة تأمل منهم ستجعلهم يخرون لله سجدا شكرا على ما حدث وفرحا بما سيحدث وهذا كله داخل في سياق البشائر ..

سأقول لكم بصراحة متناهية .. إن موضوع العراق ومشهد العراق ومشهد العقدة العراقية والغطرسة الأمريكية ضد العراق ، هو في نظري مشهد غير مفهوم .. يعني بعبارة أخرى لو أنك كنت تتخيل نفسك تشاهد مشهدا يتحدث عن صراع بين قوتين إحداهما عبارة عن رجل واحد يمسك بندقية .. والأخرى عبارة عن جيش من المدرعات وبدأت المعركة واستمرت مدة طويلة والبطل الذي هو صاحب البندقية لم يمت ، والمدرعات لم تنهزم .. ثم فجأة ظهر لك في المشهد .. حدث غريب وهو أن جيش المدرعات التفت إلى مجموعة أخرى من الفرسان بعيدا هناك وتوجه لهم يقاتلهم وترك البطل صاحب البندقية ! ثم جلس البطل جانبا وأخذ يشجع الفرسان على الصمود والقتال ..

ماذا ستقول في هذا المشهد ؟ ستقول إن مشهد ظهور الفرسان في وقت العقدة الفنية وشدة الحرب يعني شيئا من اثنين .. إما أن جيش المدرعات غبي للغاية .. أو أن مخرج المشهد يريد حدثا قادما حيث قرر هزيمة جيش المدرعات ولم يقرر هزيمة البطل ولذا أظهر الفرسان في تلك اللحظة الحرجة لكي يشد انتباه جيش المدرعات ويأخذه بعيدا عن البطل ثم يورطه في القتال مع الفرسان وهنا سيضع لك المخرج الحبكة النهائية للقصة وهي أنه في لحظة انشغال جيش المدرعات بالقتال مع الفرسان سيقوم البطل صاحب البندقية بتوجيه طعنة خلفية للجيش ويقتل قائدهم بطلقة واحدة ثم سيصبح جيش المدرعات بين فكي كماشة لينهزم !! رغم أنه جيش مدرعات في مقابل قوات لا تذكر في موازين القوى ... ستقول حسنا المخرج في كل الأحوال يريد هزيمة جيش المدرعات ، فأقول لك نعم ولذا هو يجعل جيش المدرعات يتصرف بشيء من الغباء وعدم التفكير العميق فالفرسان لم يكن لديهم مشكلة مع جيش المدرعات لكنهم عندما أجبروا سوف يقاتلون بدون شك .. والمخرج جعل جيش المدرعات يتصرف بحيث بدلا من أن ينهي مشكلته مع البطل جعله ينجح في تجميع عدوين ضده في نفس الوقت .. ولذا أخذ البطل يصرخ في الفرسان يقول لهم لا تخافوا من جيش المدرعات فهم جبناء ولم يستطيعوا قتالي وأنا لوحدي فقاوموهم كما فعلت أنا ..

هنا تتضح الأحجية جيدا ونفهم لماذا أرسل الشيخ أسامة رسالته لأهل العراق .. وكأنه يقول لهم أريد منكم يا أهل العراق الصمود فقط .. وصمودكم سيعني لي الكثير لأن ضربتي عندما تحين ستكون قاتلة وفي ظهر جيش المدرعات وفي عين قائدهم ..

إذن نعود ونقول .. إن المشهد السياسي كله كان طبيعيا ومفهوما بعد 11 سبتمبر .. بن لادن ضرب أمريكا وأمريكا هاجمته ولم تستطع هزيمته حسنا .. معركة مستمرة .. يفترض أن أمريكا الآن كتفكير منطقي أن تفكر في طريقة أخرى لإدارة الحرب ضد الشيخ أسامة .. لأنه هو الخطر الحقيقي عليهم .. لكن فجأة ظهرت قصة العراق ! شيء خارج السيناريو المتوقع .. فما الذي يجري ..

الذي يجري أن الأقدار الربانية ساقت أمريكا سوقا إلى هذا الموقع وأدخلتها مأزق العراق بطريقة غريبة للغاية ..
الحرب كانت موجهة للقاعدة ثم تغيرت وحضرت قضية العراق وبقي بن لادن حاضرا من خلال اتخاذ علاقة القاعدة بصدام ذريعة لشن الحرب !!حسنا السؤال كيف حشر العراق فجأة في المشهد رغم أن المبررات التي تساق الآن في تبرير ضربه حاضرة وموجودة قبل القاعدة !! بل بدرجة أشد فلماذا يحشر الآن ؟؟ المقال طويل جدا ارجو المعذره