عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 03-02-2007, 05:51 PM
عماد الدين زنكي عماد الدين زنكي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 350
إفتراضي

إستراتيجية "حزب التحرير" المغربي المعلنة

إن إستراتيجية "حزب التحرير" المغربي المعلنة تتمحور حول فكرة أنه حزب سياسي مبدؤه الإسلام، والسياسة عمله، من خلالها يعمل بين الأمة ومعها، لتتخذ الإسلام كقضية جوهرية أولى لها، وليقودها لإعادة إقامة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود.

لذلك يعتبر القائمون عليه بالمغرب أن طريقتهم لتحقيق هذا الهدف، هي الطريقة نفسها التي خطاها النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء السنوات الثلاث عشر، التي قضاها في مكة يدعو إلى الإسلام، ومن ثم هجرته إلى المدينة وإقامة دولة الإسلام فيها، فخلال هذه الفترة ظل الجهاد منحصرا في الكفاح السياسي ضد النظام القائم باعتماد الصراع الفكري ضد عقائد الشرك. ويقر قاداته بالمغرب، أنه لم يسبق لهم أن قاموا بأي عمل قد يوصف بالعنف ضد أي جهة، وأن لا علاقة لهم، لا من قريب ولا من بعيد، بأحداث 16 ماي الدموية بالدار البيضاء ولا بأي شكل من أشكال العنف.

وإذا كانت بعض الجهات، تعتبر أن "حزب التحرير الإسلامي" المغربي يتحرك بوجهين ويلعب على حبلين، وجه خفي راديكالي متطرف ووجه يعتمد الدعوة السلمية لإقامة دولة إسلامية، فإن هذا الأخير – حسب قاداته – ظل ينكر هذا الإدعاء، جملة وتفصيلا، لأنه يقتدي برسول الله الذي لم يستعمل العنف في مرحلة الدعوة المكية.

ومن الأحاديث التي يكثر "حزب التحرير" المغربي الاستشهاد بها، الحديث القائل: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوية تعمل في الناس بسنة النبي ويلقى الإسلام جراءه في الأرض، يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدرارا، ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئا إلا أخرجته".

وبذلك يقول القائمون على "حزب التحرير" المغربي إنهم يعتمدون على الفكر فقط لتحقيق غايتهم. ويعتبرون أن طريقة "الحزب" في العمل ليست ناجمة عن قلة الوسائل البشرية أو المادية، وإنما أخذ على عاتقه، ليظل وفيا لمبادئه المستوحاة من الخطوات التي سار على هداها الرسول، قبل هجرته إلى المدينة.

ومن هذا المنطق تقر قيادة الحزب أنه حتى في الديار الأوروبية، لم يسبق لأعضائه هناك، أن قاموا بأي عمل يتعدى صفتهم كأعضاء حزب سياسي، يدافع عن الإسلام والمسلمين ويعمل معهم للمحافظة على الهوية الإسلامية، ولجعلهم مرتبطين بهموم الأمة وقضاياها المصيرية. وعموما تنبني إستراتيجية "حزب التحرير الإسلامي" على ثلاث مراحل، على غرار ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم
لا يتميز أعضاء "حزب التحرير الإسلامي" والمرتبطين به عن باقي الناس في المظهر ونمط العيش. يرتدون ملابس عادية كجميع الناس، وليس لديهم لباس خاص كما هو الحال بالنسبة للمغاربة الأفغان والمحسوبين على تيارات الحركات الإسلامية المتطرفة.

إنهم يرتدون سراويل وقمصان وبدلات وربطات العنق، ويحلقون ذقونهم ويهتمون بأناقة مظهرهم الخارجي، ويفسرون هذا بكونهم يميزون بين الحضارة والتاريخ، كما يعتبرون أن حزبهم ليس سلفيا، لذلك فهو لم يحرم الاستنساخ ولم يمانع أطفال الأنابيب، ويرون في المرأة أما وعِرْضًا يجب أن يصان وليس فرضا أن تغطي وجهها. وفي نظرهم يمكن أن تكون قاضية ومنتخبة ومشاركة في تدبير الشأن المحلي والعام.

وبخصوص موقفهم من الحكام، يعتبرون أنه لا تجوز محاربتهم إلا إذا أظهروا كفرا واضحا للعيان، وبالتالي وجب إبعادهم عن الحكم. أما الملك فهو مستثنى من هذه القاعدة لورود الأحاديث الموجبة لطاعة الحاكم ولو ظلم ولو أهدر الحقوق، ما لم يأمر بمعصية.
المشروع المجتمعي "لحزب التحرير الإسلامي" المغربي

يهدف "حزب التحرير الإسلامي" المغربي إلى تقعيد الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، وهذا يعني، في منظور أعضائه، إعادة المغاربة إلى العيش عيشا إسلاميا في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيرة وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة إسلامية، التي هي دولة الخلافة. وهي الدولة التي ينصب المسلمون فيها خليفة يبايعونه على السمع والطاعة على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى أن يحمل الإسلام رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد. هذا هو المشروع المجتمعي الذي يريد "حزب التحرير الإسلامي" المغربي تحقيقه من أجل تغيير الواقع، هذا الواقع الذي يرى أنه مازال يفرض على المسلمين العيش في دار الكفر باعتبار الحكم بغير ما أنزل الله. والطريق إلى تحقيقه تم عبر ثلاث مراحل، مرحلة التثقيف لإيجاد واستقطاب أشخاص يؤمنون بالفكرة وهم الذين يكونون نواة الحزب، وتأتي مرحلة التفاعل مع الأمة حتى تتخذ الإسلام قضية لها، وأخيرا مرحلة استلام الحكم وتطبيق الإسلام تطبيقا عاما وشاملا.

الخطة التنظيمية "لحزب التحرير الإسلامي"

على المستوى التنظيمي يبدو أن "حزب التحرير الإسلامي" المغربي لازال في مرحلته الأولى رغم أن أول التابعين له بالمغرب ظهروا منذ 1987 على الأقل، وبالرغم من تواجد مغاربة يحملون إيديولوجيته منذ 20 سنة، إلا أن شبكة الحزب التنظيمية، مازالت لم تقعد بعد، الشيء الذي دفع "حزب التحرير" الأردني، الذي يحتضن الأمير العالمي للحزب يهتم بالمغرب ويبعث له أحد كوادره للاضطلاع بمهمة تفعيل عناصر الحزب بالمغرب وبنائه تنظيميا. فعلى الصعيد التنظيمي مازال اهتمام المغاربة منصب على بناء الجسم وتكثيف الروابط بين الأعضاء وتثقيفهم في حلقات بمدن الدار البيضاء ومكناس وتطوان وسلا، وخلق علاقات مع أفراد في فاس والرباط وأسفي وطنجة والعرائش.

وظل هدف المرحلة الحالية هو الثقافة الحزبية المركزة والتحسيس غير المباشر (عبر مناشير وكتابات) لوجود الحزب بالمغرب، ويدخل مجيء الكادر الأردني في هذا الإطار قصد المرور إلى المرحلة القادمة، وهي حمل أفكار الحزب إلى الناس. وما هذه الخطوة إلا المرحلة الأولى في خطة الحزب التنظيمية، والتي تتلوها المرحلة الثانية الخاصة بتكوين كتلة الحزب وانخراطه وسط المجتمع للتعريف بأفكاره وما يدعو إليه، وهي المرحلة التي يدعوها "الحزب" بمرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام والتعريف بأفكار الحزب وسط المغاربة حتى يتخذونها أفكارا لهم والعمل بها في واقع حياتهم لتوفير الشروط لإقامة دولة الخلافة.

في هذه المرحلة سينتقل الحزب إلى مخاطبة الجماهير، مخاطبة جماعية لاستقطاب الشخصيات القادرة على حمل الدعوة وخوض غمار الصراع الفكري والسياسي، وبموازاة مع ذلك تنوي الخطة التنظيمية البحث عن السبل لاستغلال فضاء المساجد والجمعيات وتنظيم محاضرات وتجمعات عامة ونشر مقالات ونشرات وإصدار كتب لشحد الوعي العام بخصوص قضية الأمة الأولى، إقامة الخلافة.

أما بخصوص الصراع السياسي، اعتمدت خطة "الحزب" التنظيمية على التركيز في المرحلة الأولى على التشهير بالدول الكافرة (وعلى رأسها الولايات المتحدة)، التي لها سيطرة ونفوذ على المغرب، ومكافحة الاستعمار بجميع أشكاله الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وكشف خططها وفضح مؤامراتها لتخليص الأمة من سيطرتها وتحريرها من أي أثر لنفوذها. وعلى الصعيد الداخلي ركزت الخطة التاكتيكية للحزب، على كشف قصور القائمين على الأمور والتشهير بهضمهم للحقوق والتقصير في أداء واجباتهم وإهمالهم لشؤون الأمة والتنديد بمخالفتهم لأحكام الإسلام.

وعموما يبدو أن "حزب التحرير الإسلامي" المغربي اعتمد الخطة التي اتبعها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحذافيرها، أي الاقتصار، في المرحلة الإستراتيجية الأولى، على الأعمال السياسية وعمل تجاوزها إلى ممارسات على الميدان ضد من يقفون أمام دعوته (وهي الشبيهة بمرحلة مكة التي اقتصرت على الدعوة)، وهذا في انتظار المرحلة الإستراتيجية الثانية (مرحلة ما بعد الهجرة إلى المدينة في عهد النبي)، مرحلة العمل على استعادة الأمة الإسلامية لسابق عزها ومجدها، تحقيقا لقوله تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون".

هذه هي المعالم الكبرى لخطة "حزب التحرير الإسلامي" المغربي، والتي لم يتحقق منها الآن إلا الخطوات الأولى المرتبطة بالمرحلة الإستراتيجية الأولى.