عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 08-05-2006, 08:16 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

** أما النقطة الخامسة وهي بيت القصيد فهي بعنوان أخطاء وحلول.

الخطأ الأول فأين الصواب إذا.

وأعني بهذا الخطأ التركيز على الأخطاء ولعل القائل أن يقول أن محاضرتك نفسها عنوانها بعض أخطأنا في التربية ؟ فأقول نعم حتى التركيز على الأخطاء في موضوع أو درس أو محاضرة ينبغي أن يكون بقدر معتدل.
إن التركيز على الأخطاء والانحرافات لا يبني أبدا، بل الأصل هو وضع المعيار الصحيح وتمكين الإنسان أن يكتشف الأخطاء بنفسه مع الثناء عليه إن أصاب وتوجيهه إذا أخطأ.
مثلا الواعظ والخطيب مربي، فينبغي له أن لا يركز على الأخطاء ويجعل كل خطبه ودروسه ومحاضراته هي عبارة عن سياط يلهب بها ظهور الناس فيخرجون منه كل يوم وقد حميت ظهورهم من أثر هذا الكلام الذي أنحى به عليهم..لا… ينبغي أن يكون أحيانا هناك حديث عن الصواب ليعمله الناس دون تعريض بالخطأ وأحيانا يكون هناك ثناء على بعض الظواهر الإيجابية حتى تنمو وتكبر وأحيانا يكون هناك تنبيه إلى بعض الأخطاء بالأسلوب الشرعي المناسب.
المدرس أو المدرسة أيضا هم من المربين، فكون المدرس أو المدرسة يركز على أخطاء الطالب، إذا أخطأ ابرز الخطأ وعلق عليه وأكد على هذا الخطأ فإن هذا يحطم الطالب ويجعله لا يفكر في المحاولة مرة أخرى.
لا….بل ينبغي أن يبرز الجانب الأخر، جانب الصواب الذي أصاب فيه، الجانب الإنساني عند الإنسان.
ومن القصص المشهورة التي تبين لك أن الإنسان يستطيع أن يؤدي المعلومة بأكثر من أسلوب:

أن خليفة رأى في المنام أن أسنانه قد سقطت، فطلب رجلا يعبر الرؤيا، فقال:
يا أمير المؤمنين يموت أهلك كلهم وتبقى أنت بعدهم
فأمر به فجلد حتى أغمي عليه ثم قال ارفعوه عني.
دعا بعابر آخر فقال له يا أمير المؤمنين أنت أطول اهلك عمرا.
فأعطه جائزة.

إن الإنسان يستطيع أن يعبر عن التوجيه والإرشاد والنصيحة بأسلوب غير مباشر أحيانا، وبأسلوب مباشر أحيان أخرى، ويمتدح الصواب في بعض الأحيان، ويمتدح فلانا لأنه أصاب، وهكذا.
الأب أيضا مربي، فكون الأب لا يحسن إلا سب أولاده وشتيمتهم والدعاء عليهم وتعييرهم، وفلان فعل وأبن فلان فعل وأنتم فيكم وفيكم
هذا لا شك لن يبني أولادا صالحين قط، بل سيجعل هؤلاء الأبناء يفقدون الثقة بأنفسهم، يعيشون إحباطا وقد يؤدي إلى كراهيتهم لأبيهم.
لكن بدلا من أن تقول أنت أخطأت، قال هذا العمل لا يعجبني، لا يناسبني أو لا يصلح، ولو قلت له هذه المرة أخطأت، المرة الثانية لابد أن تثني على الصواب
من الممكن أن تستخدم معه أساليب متعددة.
بل أقول كل إنسان في مسؤولية فهو يتناول ويتولى جزء من مسؤولية التربية.
حتى الحاكم الأعظم أو الإمام أو الخليفة أو السلطان هو أيضا مربي على نطاق أوسع، ومسئوليته في عدم تتبع الأخطاء وعدم تتبع العورات واضحة جلية.
إذا لابد أن تكون الأخطاء موضوعة بصورة معتدلة.
إن الإنسان الذي يلاحق أخطاء الناس، ويكثر من الحديث عنها ربما يكون لديه شعور بالكمال، ولذلك فهو دائما وأبدا يبحث عن الزوايا المظلمة والمناطق القاتمة في الناس.

الخطأ الثاني الشكل أم المضمون.

إن الإغراق في الشكل على حساب المضمون أو في الكم على حساب الكيف من اعظم أمراضنا، مثلا الرجل يهتم بملابسه، بغترته بحذائه
المرأة كذلك بل أشد، فتجد كل موديل جديد لدى المرأة، وتجد لديها ألوانا من تلك المجلات والكتب التي تسمى (بالبردات)، فاليوم من فرنسا وغدا من تايلاند وبعد غد وهكذا، وتجد لديها عشرات بل مئات من الملابس والثياب ربما لم تلبس منها إلا شيء قليلا وبعضها مرة واحدة أو مرتين.
وكذلك الحال بالنسبة للطفل فنحن معنيون جدا بملابسه وجماله وحذائه وغير ذلك، هذا بلا شك إذا كان في حدود الاعتدال فهو مطلوب ولا بأس به
لكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب العناية بصلاح الإنسان، بقلبه بأخلاقه بدينه بعلمه بثقافته بعبادته بتربيته.مثل ذلك قصات الشعر مثلا والتسريحات، وكنا بالأمس نحسبها للنساء فقط، فالمرأة اليوم تقص قصة، وغدا تقص قصة أخرى، وأصبحت الفتاة عندك تتابع التسريحات في العالم أولا بأول
ليست هذه المشكلة فقط بل تطور الأمر وأصبح هذا حتى بالنسبة للشباب، فأنت تجد تلك الصالونات التي كثرت أصبحت تعتني بقصات الشعر وتتخصص فيها، وربما جلس الشاب أمام المرآة وقتا طويلا من أجل تسريح شعره
لكن لو تجاوزت هذا الشعر قليلا إلى ما يوجد في داخل الرأس، معلومات عقل علم ثقافة اهتمامات ربما تجد خواء في خواء.
مثلا الأثاث المنزلي، كثيرون منا يهتمون بالأثاث المنزلي وتجديده وتنويعه وتناسق ألوانه، ومن الضروري أن يكون التلفاز موجودا وجهاز الفيديو وغرف النوم إلى غير ذلك
الكثيرون يهتمون بهذا ولكن الاهتمام بقيام المنزل على أساس السعادة الزوجية مثلا، قيام المنزل على أساس المسؤولية المشتركة، وقيام المنزل على أساس شرعي
هذا ربما لا يكون قائما في اهتمام البعض.

مثله مثلا مسألة الترفيه والرياضة، فأنت تجد الأمة تحتفل احتفالا كبيرا في الترفيه والرياضة، والرياضة لون من ألوان الترفيه لكنها أخذت من وقتنا وعمرنا واهتمامنا
أخذت شبابنا وفلذات أكبادنا فأصبح الطالب وهو في أيام الاختبار مثلا مشغولا بمتابعة دوري
أو مشغولا بمتابعة الرياضة على الشاشة أحيانا
وأصبح يحفظ أسماء أندية العالم وألوان هذه الأندية وأسماء المدربين وغير ذلك ويتابع أولا بأول وليس هذا فقط، بل يبذل من عواطفه ومشاعره واهتماماته الشيء الكثير في هذا السبيل، مثله أيضا الجانب الترفيهي الذي أصبح يأخذ وقت الكثيرين من الناس.
ولو أنهم أعطوا الناحية الشرعية أو العقلية أو الثقافية أو العلمية جزء من ذلك لنتج عنه خير كثير.

اهتمام الأمة عامة بالمباني والجسور والطرق والمعالم الحضارية كما تسمى.
اهتمام المدير في المدرسة بحضور المدرسين،
أو اهتمام الموظف بحضور مرؤوسيه وقت الدوام وأن لا ينصرفوا إلا في الوقت نفسه دون أن يهتم بالعطاء وهل أنجزوا وأدوا مسئوليتهم أم أن الواحد فقط يحضر ثم لا يقوم بعمل.
اهتمام الأب ببقاء أولاده في البيت، لكن يبقون لماذا؟
هل ليتعلموا، هل ليحفظوا القرآن ؟
هل ليتربوا على مكارم الأخلاق ؟
هل يقوموا بعمل دنيوي مفيد ؟ لا يعنيه ذلك..
أم انهم جلسوا أمام التلفاز أو أمام الفيديو أو أمام أشياء أخرى قد لا تكون في مصلحتهم.

اهتمام المدرس بالمنهج، المهم أن ينتهي المنهج مع نهاية العام الدراسي، وليس المهم عنده أحيانا بناء الطالب، وإعداده وتنمية علمه وعقله وتأهيله لنزول ميدان الحياة وخدمة الأمة.
اهتمام الأمة في تعليمها بعدد الدارسين، فنحن نجد أن التعليم متاح للجميع وأي طالب لا يتعلم يعتبر ناقصا، ليس فقط للمستوى المتوسط أو الثانوي بل لا بد أن يأخذ الجامعة.
وإنني أعرف البعض من الطلاب قد يجلس زمانا طويلا في الجامعة لأنه مشغول عنها، مشغول بأموره البيتية، بتجارته ولكنه مع ذلك مصر على هذا الأمر وكأنه ليس لغيره أهلا، أو ليس لغيره مناسبا، لماذا ؟
لأن التقاليد فرضت علينا أن هذا الروتين لا بد أن يتم، ولابد لكل الجيل أن يتعلم وكأنه لا يمكن أن يخدم إلا من خلال هذه القناة.ومع أن هذا الإنسان الذي فشل في دراسته مثلا قد يكون ناجحا جدا في ميادين أخرى لو أتجه إليها لكن هذا القانون السائد جعله يهتم بهذا الجانب دون رعاية النوعية.حتى في دراساتنا العليا حينما يطالب الإنسان بأن يحضر ماجستير أو دكتوراه تجد أن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا كم صفحة رسالته ؟ كم مجلد ؟
لكن قل ما نسأل ما هي النتائج التي توصل إليها ؟
هل كان عميقا في بحثه؟
هل وصل إلى نتائج جديدة ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعلق بالمضمون.

مثل ذلك الإعلام العربي كله وفي بلاد العالم الإسلامي أيضا - ولا اسميه الإعلام الإسلامي- تجد هذا الإعلام يهتم بساعات البث والإرسال، أن تكون مستمرة، لكنها لا تهتم بنوعية ما يشاهده الناس، أو نوعية ما يسمعون، هل هو ينفعهم أو يضرهم ؟
هل يبني أم يهدم ؟
هل هو على حساب الأخلاق والدين ، أم يقوي ويعزز جانب الأخلاق والدين ؟
ومثله الجوانب العسكرية في العالم الإسلامي، فقد تجد أحيانا توفيرا لبعض الأجهزة، أو عناية بعدد الجنود، لكن لا تجد الاهتمام بكفاءتهم وقدراتهم
فضلا أن تجد الاهتمام بإخلاصهم ومعرفتهم للهدف الذي من أجله يتدربون ومن أجله يقاتلون ومن أجله يتربون لذلك اليوم الذي يفترض أنهم يربون له، ألا وهو مقاومة أعداء الإسلام والدفاع عن الحرمات والدين وعن الأخلاق وعن مكتسبات الأمة الإسلامية.


الرد مع إقتباس