عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 10-03-2003, 04:08 PM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

جدلية البقاء والفناء ( 2- 2)

التاريخ: 3/6/2003 م


إن قوة العالم الإسلامي في هذا الصراع مبعثها القوة الذاتية للفكرة القرآنية.. ولكن مالك بن نبي يرى أن المسلم في القرن العشرين لم يبلغ بعد مستوى إدراك الأفكار فهو يعيش بين بعدين: "الشخص والشيء".. أي في الواقع المادي.. والاستعمار وآلته تفطن إلى هذا.. وحتى لا يدرك المسلم مكائده نراه وفق آلياته جعل لعبته غير قابلة للمس.. أي في مجال الفكر والعقل..
@@ فالغرب قبل أن يدخل إلى الصراع ويختار أسلوبه يبدأ بدراسة وتحليل الأوضاع النفسية للمسلمين جيداً انطلاقاً من العقيدة التي يؤمنون بها والتي تؤثر بالطبع على سلوكهم.. ثم يواظب على تتبع أبسط فكرة تظهر إلى الوجود حوله أو في العالم الإسلامي ليوجهها إلى المصير الذي يرغب فيه، كما أنه درس تاريخ العالم الإسلامي نقطة نقطة فعين أسباب الانتصارات الإسلامية السابقة وأسباب الفشل ليقلل من الأولى حتى لا يتكرر الانتصار ويزيد من الثانية حتى يدوم الفشل وتستمر بالتالي هيمنته وقوته العالمية.
والغرب، كمجموعة دول هناك توحد بينها في التاريخ والمصير قواسم مشتركة من ذلك أنها تغرف من ثقافة واحدة هي الثقافة الأوروبية. ويعمل بتخصص محكم لينصرف في معطيات الصراع الفكري بدقة متناهية، تضمن له النجاح على المدى البعيد فنجده قد سبق له تقسيم العالم الإسلامي إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية وأمريكية وهولندية.. لتتعمق كل دولة غربية جيداً في دراسة منطقة نفوذها من كل الجوانب ولتجذر روابطها معها -وهي روابط تبعية-.. بطريقة لا تراجع عنها.. والدولة الغربية التي تظهر بوادر فشل في التحكم في منطقة نفوذها في مجال الصراع الفكري تسعف في الحين.. وإن استمر فشلها تُقصى من أجل المصلحة الغربية المشتركة من منطقة نفوذها ليسند إليها دور ثان في الاستراتيجية الغربية الشاملة في الصراع الفكري.
ومن أجل ربح معارك الصراع الفكري وضمان سهولة وسيولة المعلومات من كل الاتجاهات وسهولة الاتصالات وسريتها تطلب الأمر منذ القدم إنشاء مجالس خفية ومراكز (علمية) و(جمعيات سرية) وأجهزة إعلامية ومخابرات رسمية وغير رسمية.. لا نعرف عنها إلا القليل. ولا نعيرها اعتباراً أحياناً رغم ما لها في واقعنا من تأثير كبير على أحداثه.. تعمل هذه الأجهزة بتنسيق محكم فيما بينها للإشراف على كل حلقة من الصراع الفكري بتعيين ميدانها من الوسائل التي ينبغي أن تسخر فيها ومن أجلها واختيار محرّكي الصراع في الطرف الغربي والمستهدفين فيه في الطرف الإسلامي.
ولمعرفته بسيكولوجية المسلمين، والإنسان التابع بصفة عامة.. أصبح الغرب يتفنن في مغالطة الرأي العام الإسلامي بواسطة أجهزته الإعلامية التي تتوفر على أحدث تكنولوجيا المهنة والتي فاقت في الدهاء كل تصور.. فهي من أوروبا وأمريكا تحرك الجماهير في العالم الإسلامي كما تشاء للحصول على ردود الأفعال المرغوب فيها.
وإذا كان الاستعمار الأول يقول مالا يفعل.. فإن الاستعمار الثاني لا يترك لنا فرصة ولا طريقة للوقوف على كيف يفعل فهو يقول شيئاً ويخالفه في الظاهر.. فلقد طور الغرب أساليب المخادعة والمغالطة إلى درجة ييأس معها كل أمل إسلامي في تحقيق الوعي بأساليب الغرب في الصراع الفكري.
والجدير بملاحظة مالك في تحليله هذا قوله إن من أهداف الغرب في الصراع الفكري الحيلولة دون انطباق مفهوم الدولة على مفهوم الوطن حتى يستطيع التسلل بسهولة بين الفئات الاجتماعية المختلفة في العالم الإسلامي لتحقيق مصالحه..
ويرى مالك بن نبي.. أنه من يرغب فهم الصراع الفكري في العالم الإسلامي.. فلابد له من استحضار قاعدة عامة في الذهن.. هي أنه عندما يعكف شخص أو مجموعة من الناس في المجتمع الاسلامي الحالي على دراسة مشكلة معينة في هذا المجتمع.. فإن الاستعمار يكون قد سبقهم إلى طرحها أو أنه في طريقه لطرحها.. فاختصاصيوه في هذا المجال يكونون قد شرعوا في دراساتهم أو هم سيشرعون في ذلك.. وعندما يحدد المسلمون حلاً لتلك المشكلة فإن الاختصاصيين في المجال يدرسون ذلك الحل بأدق من واضعيه.. فإذا كان حلاً خاطئاً زادوا من خطئه وإن انطوى على جزء من الحقيقة فإنهم يحاولون بكل الوسائل إقصاء ذلك الجزء أو شل مفعوله بكل الطرق والوسائل المتاحة..
@@ هذه رؤية لواقع الصراع الفكري الذي تحول إلى استراتيجية استعمار جديد يتم بطواعية البعض!! وخيانة البعض!! ويبقى المسلم منا يردد: إن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين..
الرد مع إقتباس