عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 19-03-2003, 05:23 AM
*اليشمـــك* *اليشمـــك* غير متصل
عـــابرة سبيـــل
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2002
المشاركات: 2,220
إفتراضي يلقاك بالبشر وفي قلبه داءٌ يواريه بكتمـــــــــان

السلام عليكم

قال الإمام علي كرم الله وجهه:

هذا زمـــــــان ليس إخوانه يا أيها المرء إخوان
إخوانه كلهم ظــــــــالمٌ لهم لسانان ووجهــــــان
يلقاك بالبشر وفي قلبه داءٌ يواريه بكتمـــــــــان
حتى إذا ماغبت عن عينه رماك بالزور والبهتان
هذا زمـــــــــــان هكذا أهله بالودّ لايصدقك اثنان
يا أيها المرء فكن مفرداً دهرك لا تأنس بإنسان
وجانب الناس وكن حافظاً نفسك في بيتٍ وحيطان

فتسائلت ماكان ليقول الإمام لو عاش في زماننا هذا ؟! ..
سبحان الله .. على الرغم من اختلاف الازمان والإنسان .. إلا اننا نعايش هذا الشعور بعدم الامان كما عايشه كرم الله وجهه .. بل واكثر ربما ..

أذكر أنني عندما كنت صغيرة كانت أمي تشعر بامان اكثر فتتركنا نخالط الناس ونلعب مع الفتيات .. فهي تعرف مسبقاً أنهن أتَين من بيئة صالحة .. على الرغم من عدم معرفتها الحقيقية بأمهاتهن .. إلا أن الثقة كانت موجودة .. "فالدنيا كانت لسة بخير" ..

وكانت البسمة حقيقية نابعة من القلب لاتكلف فيها ولاتصنع ...كان كل شيئ لله ..
الأب يخاف على أبناء الآخرين كخوفه على ابنه .. ويحرص على بناتهم كحرصه على ابنته ..
حتى ايام المدرسة كانت الأمور مختلفة عن زماننا هذا .. سبحان الله .. كنت أرى أبي يحزن كثيرا عندما يعلم ان ابن الجيران رسب في مادة ما كما لو كان ابنه تماما .. وعلى الوجه الآخر كنا نفرح معاً إذا نجح أحد الأبناء وكان الفرح يعم المنطقة باكملها ... فقد كنا بحق .. عالم واحد.. عائلة واحدة!

وحتى اللحظات الحزينة كنا نتشارك فيها .. بل كانت هي التي تقرّب بيننا اكثر .. ربما لان الحزن شعور اصدق من الفرح ...


أما الآن ....

تبدلت الأحوال وقست القلوب وماتت القيم ..
وأصبح شعارنا : جانب الناس وكن حافظاً نفسك في بيتٍ وحيطان ..

قد يكون من الضروري احيانا أن نجانب الناس وذلك لانتشار النفاق والفسق والفجور من حولنا .. وحرصاً على بناتنا وأبنائنا آثرنا الابتعاد والانعزال ... حماية لهم ولنا أيضا ..

ولكن الحياة تصبح كئيبة جدا إن استمرت على هذا النحو .. فما معنى الحياة لو لم نتشارك في أفراحنا وأتراحنا؟
فلحظة المشاركة لاتضاهيها اي لحظة أخرى .. فهي تشعرك كما لو ان جميع الناس هم اهلك وذويك .. وأنهم لن يتأخروا عن الوقوف بجانبك إن احتجتهم يوماً .. وأن هناك من يطمئن عليك إن مرضت يوما أو صادفتك مشكلة أو احتجت لمن يواسيك .. أي انك تشعر بالأمـــــــان ..

زمــــان .. لم أكن أخاف من لحظة موت عزيز علي أو قريب ... لأنني كنت اعلم ان هناك حتما من يساندني أو يرافقني في محنتي .. صديقتي .. جارتي .. زميلتي في المدرسة .. مُدرّستي .. الكل ..

ولكن برحيل هؤلاء وانشغال بعضهم ... أصبحت الصورة أكثر سوداوية .. والامان الذي كنت اعيشه ويعيشه غيري ايضا ..

رحل برحيلهم ..

تحياتي
__________________