عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 23-09-2005, 07:48 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

رأس الحكم و الهالة المحيطة به .. من يحرس من ؟



لقد تكلمنا عن القوى المسئولة عن تغيير أي نظام حكم ، واقترحنا لها ، مصطلح تسمية و هو ( الإرادة الراهنة ) .. وهي التي تفوض شخصا ما بأن يمارس بعض صلاحيتها و يتكلم باسمها ، وهو فيما بعد يصبح رأس الحكم ..

ان رأس الحكم ، عادة ما يكون أكثر شخص مؤهل في وقت التغيير لتسلم مقاليد الحكم ، و ان كانت الإرادة الراهنة تخطئ في تسمية هذا الرأس ، فانها بالتأكيد ستقع في مأزق قد يكلفها رأس الحكم ، ورؤوسا أخرى معه أقل أهمية منه .. وهذا كان واضحا منذ أيام الحكم الأموي .. وحتى اليوم ..

لكن كيف يختار رأس الحكم أعوانه من الصف الأول و كيف يتعامل معهم ؟ . لا شك أن أحد الخصائص التي جعلت رأس الحكم يحظى بموقعه الجديد ، هو درايته بمراكز القوى الفاعلة في الدولة التي سيرأسها .. سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو دينية .. أو عشائرية واجتماعية ، أو سياسية .. فالأشخاص الذين سيكونون حوله منذ اللحظة الأولى ، كانوا على علم بساعة الصفر من قوى الإرادة الراهنة .. أو أن يكون هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم القوى الراهنة .

سيكون على هؤلاء الأشخاص ، مسئولية اختيار من يليهم من صفوف حماية النظام ، ورأسه .. و من هنا تبنى التشكيلات الأولى منذ اللحظة الأولى للتغيير .. و لكن يبقى رأس الحكم ، في وضع غير مطمئن في البداية .. فيسعى الى توطيد قبضته على مقاليد الحكم ، و إثبات قدرته كرأس قوي للحكم ..

ان صياغة العقود بين الشركاء في الحكم الجديد هي أشبه بصيغة تعاقد مهربي المخدرات .. لن يستطيعوا الاحتكام الى القضاء عندما يختلفوا ، لأن عملهم كله خارج القضاء و القانون .. فان أكل أحدهم جزءا من حق الآخر ، على الآخر أن يصمت أو يقتله !

لذا فان الأثمان عادة ما تقبض أولا بأول بين الشركاء في الحكم .. وهي تتمثل بتعيينات رفيعة لكل من الشركاء ليزيد من عزوته و أنصاره ، لضمان ديمومته في هذا النعيم الجديد .. وهؤلاء يرتبون مسألة اقتسام القطاع الاقتصادي فيما بينهم وبشرف ! .. وهذا الشرف كالذي يلتزم به من يسطو على كنز ، يقتسمه مع شركاءه بشرف !

لكن ، هل يستطيع رأس الحكم أن يستأثر بكل مقاليد الحكم ؟ . الجواب بالتأكيد لا .. ليس لشيء ، فان وضع رأس الحكم كمن يحمل في الصندوق الخلفي لسيارته حملا ثقيلا .. يتمنى أن يجلس الى جانبه في المقعد الأمامي أحد الركاب ليسليه في مسيره ، و يحفظ توازن السيارة !

لكن ، لماذا هذا الولاء الشديد ممن يحيطون برأس الحكم ؟ هل هو خوف منه؟ أم ماذا ؟ .. ان الخوف ليس آت من رأس الحكم كشخص ، بل آت من كون رأس الحكم هو من يمثل الارادة الراهنة التي تمنح لمن يسمح لنفسه بالتفكير بتغيير هذا الواقع الراهن !

إضافة ، الى ان من هم في موقع الهالة لرأس الحكم قد عرفوا وزنهم ، و تفحصوا حدود إمكانياتهم .. و عرفوا أن مصلحتهم تأتي من حماية رأس الحكم الذي يمثل الإرادة الراهنة .. و رأس الحكم من مصلحته أن يحمي تلك الهالة التي حوله التي تجعل بينه وبين الجماهير المحكومة مسافة إضافية تبعد الاحتكاك بهم بصورة مباشرة !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس