عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 23-12-2004, 04:49 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

والوجه الثالث من السنة:

أن هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها ومعلوم أنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محا الله ذلك عنه فلم يبق شيء من ذلك ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد خصوصا أعياد الباطل من اللعب واللذات ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد فإن العادة طبيعة ثانية وإذا كان المقتضى قائما قويا فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعا قويا عن أعياد الكفار ويسعى في دروسها وطموسها بكل سبيل وليس في إقرار أهل الكتاب على دينهم إبقاء لشيء من أعيادهم في حق أمته كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق أمته لما هم عليه في سائر أعمالهم من سائر كفرهم ومعاصيهم بل قد بالغ صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وصفات الطاعات لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم ولتكون المخالفة في ذلك حاجزا ومانعا من سائر أمورهم فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم كان أبعد لك عن أعمال أهل الجحيم، فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لهم بأبي هو وأمي غاية وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون والوجه الرابع من السنة:

ما خرجاه في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت (دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث) قالت (وليستا بمغنيتين) فقال أبو بكر (أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) وذلك يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) وفي رواية (يا ابا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم)

وفي الصحيحين أيضا أنه قال (دعهما يا ابا بكر فإنها أيام عيد) وتلك الأيام أيام منى فالدلالة من وجوه :

أحدها : قوله (إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم كما أنه سبحانه لما قال (ولكل وجهة هو موليها) وقال (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم وذلك أن اللام تورث الاختصاص فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم وكذلك أيضا على هذا لا ندعهم يشركوننا في عيدنا.

الوجه الثاني : قوله (وهذا عيدنا) فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه وكذلك قوله (وإن عيدنا هذا اليوم) فإن التعريف باللام والإضافة يقتضي الاستغراق فيقتضي أن يكون جنس عيدنا منحصرا في جنس ذلك اليوم كما في قوله في الصلاة (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)،وليس غرضه صلى الله عليه وسلم الحصر في عين ذلك العيد أو عين ذلك اليوم بل الإشارة إلى جنس المشروع كما يقول الفقهاء باب صلاة العيد وصلاة العيد كذا وكذا ويندرج فيها صلاة العيدين وكما يقال لا يجوز صوم يوم العيد،وكذا قوله (وإن هذا اليوم) أي جنس هذا اليوم كما يقول القائل لما يعانيه من الصلاة هذه صلاة المسلمين ويقال لمخرج المسلمين إلى الصحراء وما يفعلونه من التكبير والصلاة ونحو ذلك هذا عيد المسلمين ونحو ذلك، ومن هذا الباب حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب)رواه أبو دواد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح ،فإنه دليل على مفارقتنا لغيرنا في العيد والتخصيص بهذه الأيام الخمسة لأنه يجتمع فيها العيدان المكاني والزماني ويطول زمنه وبهذا يسمى العيد الكبير فلما كملت صفة التعييد حصر الحكم فيه لكماله أو لأنه هو عيد الأيام وليس لنا عيد هو ايام إلا هذه الخمسة.

الوجه الثالث: أنه رخص في لعب الجواري بالدف وتغنيهن معللا بأن لكل قوم عيدا وأن هذا عيدنا، وذلك يقتضي أن الرخصة معللة بكونه عيد المسلمين وأنها لا تتعدى إلى أعياد الكفار ولأنه لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار كما يرخص فيه في أعياد المسلمين إذ لو كان ما يفعل في عيدنا من ذلك اللعب يسوغ مثله في أعياد الكفار أيضا لما قال( فإن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) لأن تعقيب الحكم بالوصف بحرف الفاء دليل على أنه علة فيكون علة الرخصة أن كل أمة مختصة بعيد وهذا عيدنا وهذه العلة مختصة بالمسلمين فلو كانت الرخصة معلقة باسم عيد لكان الأعم مستقلا بالحكم فيكون الأخص عديم التأثير، فلما علل بالأخص علم أن الحكم لا يثبت بالوصف الأعم وهو مسمى عيد فلا يجوز لنا أن نفعل في كل عيد للناس من اللعب ما نفعل في عيد المسلمين وهذا هو المطلوب، وهذا فيه دلالة على النهي عن التشبه بهم في اللعب ونحوه


والوجه الرابع من السنة:

أن أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته وكان اليهود بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد هادنهم حتى نقضوا العهد طائفة بعد طائفة وما زال بالمدينة يهود وإن لم يكونوا كثيرا فانه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي وكان في اليمن يهود كثير والنصارى بنجران وغيرها والفرس بالبحرين ومن المعلوم أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها ومن المعلوم أيضا أن المقتضي لما يفعل في العيد من الأكل والشرب واللباس والزينة واللعب والراحة ونحو ذلك قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع خصوصا نفوس الصبيان والنساء وأكثر الفارغين من الناس ثم من كان له خبرة بالسير علم يقينا أن المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم ولا يغيرون لهم عادة في أعيادالكافرين بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يختصونه بشيء أصلا إلا ما قد اختلف فيه من مخالفتهم فيه كصومه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، فلولا أن المسلمين كان من دينهم الذي تلقوه عن نبيهم المنع من ذلك والكف عنه لوجب أو يوجد من بعضهم فعل بعض ذلك لأن المقتضى لذلك قائم كما يدل عليه الطبيعة والعادة فلولا المانع الشرعي لوجد مقتضاه، ثم على هذا جرى عمل المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين غاية ما كان يوجد من بعض الناس ذهاب إليهم يوم العيد للتنزه بالنظر إلى عيدهم ونحو ذلك فنهى عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة عن ذلك كما سنذكره فكيف لو كان بعض الناس يفعل بعض ما يفعلونه أو ما هو سبب عيدهم ، بل لما ظهر من بعض المسلمين اختصاص يوم عيدهم بصوم مخالفة لهم نهى الفقهاء أو كثير منهم عن ذلك لأجل ما فيه من تعظيم ما لعيدهم أفلا يستدل بهذا على أن المسلمين تلقوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم المنع عن مشاركتهم في أعيادهم وهذا بعد التأمل بين جدا

الوجه الخامس من السنة:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهو غدا والنصارى بعد غد) متفق عليه وفي لفظ صحيح (بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له)

وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضى لهم) وفي رواية (بينهم قبل الخلائق) رواه مسلم

وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة عيدا في غير موضع ونهى عن إفراده بالصوم لما فيه من معنى العيد ثم إن في هذا الحديث ذكر أن الجمعة لنا كما أن السبت لليهود والأحد للنصارى واللام تقتضي الاختصاص ثم هذا الكلام يقتضي الاقتسام إذا قيل هذه ثلاثة أثواب أو ثلاثة غلمان هذا لي وهذا لزيد وهذا لعمرو أوجب ذلك أن يكون كل واحد مختصا بما جعل له لا يشركه فيه غيره فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت أو عيد يوم الأحد خالفنا هذا الحديث وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي فكذلك في العيد الحولي إذ لا فرق بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تعرف إلا بالحساب الرومي القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم (بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله) أي من أجل كما يروى أنه قال (أنا افصح العرب بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد ابن بكر) ،والمعنى والله أعلم أي نحن الآخرون في الخلق السابقون في الحساب والدخول إلى الجنة كما قد جاء في الصحيح (إن هذه الأمة أول من يدخل الجنة من الأمم وإن محمدا صلى الله عليه وسلم أول من يفتح له باب الجنة) وذلك لأنا أوتينا الكتاب من بعدهم فهدينا لما اختلفوا فيه من العيد السابق للعيدين الآخرين وصار عملنا الصالح قبل عملهم فلما سبقناهم إلى الهدى والعمل الصالح جعلنا سابقين لهم في ثواب العمل الصالح ومن قال بيد ههنا بمعنى غير فقد أبعد

الوجه السادس من السنة:

ما روى كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال (أرسلني ابن عباس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة رضي الله عنها أسألها أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها صياما قالت (كان يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما كان يصوم من الأيام ويقول إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم)) رواه أحمد والنسائي وابن أبي عاصم وهو محفوظ من حديث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن محمد ابن عمر بن علي عن أبيه عن كريب وصححه بعض الحفاظ

وهذا نص في شرع مخالفتهم في عيدهم وإن كان على طريق الاستحباب وسنذكر حديث نهيه عن صوم يوم السبت وتعليل ذلك أيضا بمخالفتهم ونذكر حكم صومه مفردا عند العلماء وأنهم متفقون على شرع مخالفتهم في عيدهم وإنما اختلفوا هل مخالفتهم يوم عيدهم بالصوم لمخالفة فعلهم أو بالإهمال حتى لا يقصد بصوم ولا بفطر أو يفرق بين العيد العربي وبين العيد العجمي على ما سنذكره إن شاء الله تعالى .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }