عرض مشاركة مفردة
  #28  
قديم 25-11-2006, 06:51 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(14) اجعل لك هوية

يعتبر بناء الهوية وتحقيقها الإنجاز الأهم في حياة الإنسان. وهي تكرس فردية الشخص من الناحية المدنية الاجتماعية (بطاقة هويته) ومن الناحية النفسية حيث يجيب على السؤال التالي: من أنا ومن سأكون وما سيكون عليه دوري في الحياة؟
والهوية المستقرة تكسب الفرد الاتزان والاستقرار والثبات عند التحديات، أما الهوية المضطربة التي لا تنبني على معتقدات ومنطلقات فكرية متينة فتقود الفرد إلى التصرف دون إدراك.
إن القيم التي تمسك بها سيدنا يوسف عليه السلام إنما هي معتقدات صلبة أمدته بالجسارة ليفضل السجن على الوقوع في براثن الخطيئة : "معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي" فتجده يفصح عن قيمه لمن يحاورهم في السجن "واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء، ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
إن الطاقة التي يبذلها الفرد وفق ما يعتقد ويؤمن به إنما هي طاقة إيجابية تبذل وفق أهداف مخطط لها بغية الوصول إلى تحقيق الآمال التي ينشدها.
وهذه الفلسفة ليست جامدة، بل تتغير وفق العصر الذي نعيش فيه وتتغذى من الجديد المفيد. فالتقليد الأعمى ينم عن ضعف شخصية :"بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" الزخرف 22,
على المرء ان لا يكون إمعة قال صلى الله عليه وسلم : "لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا: أخرجه الترمذي
كما حذر القرآن من خطورة صاحب الشخصية المزدوجة، "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون" فهذا مسلك يؤدي إلى الصراع والقلق والانحراف النفسي والاجتماعي.
غير أن الذين تربوا وفق ضوابط وقيم ومعتقدات ثابتة يستطيعون مواجهة ما واجهه يوسف من ابتلاءات الشدة والفتنة والشهوة والسلطان ويخرج منها نقيا خالصا.

يتبع
الرد مع إقتباس