عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 30-08-2006, 03:06 AM
نهر الحكمة نهر الحكمة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2004
المشاركات: 303
إفتراضي



سيدي المبجـّل ، عمدة الخيمة ، العزيز أبو طـه :

معرفة النفس ، هي الخطوة الأولى للمعرفة الحقيقية ..

( أيها الإنسان إعرف نفسـك ) ..
حكمة رآها الفيلسوف اليوناني ( سقراط ) ، في بداية حياته ، منقوشـة على باب معبد دلفي ، فاتخذها طريقاً للمعرفـة ، ونبراساً لحياته الحافلة بالحكمة والإثارة ..

مهم جداً ، ياعزيزي ، أن تكون لنا ، وقفة مع الذات ، نراجع فيها خطواتنا على درب الحياة ، ونقيـِّم فيها الأفكار والتجارب ، التي اكتسبناها ..

الأفكار التي عندنا ، ليست جزءً أصيـلاً من تكويننا ..
بمعنى أنَّ هذه الأفكار التي نحملها ، إما أن تكون أفكارا ورثناها أو تعلمناها ، أو أفكارا أنتجناها ..
فهي إذن ليست جزء من ذاتنا .. وهذا يعني أنّها قابلة ، باستمرار ، للمراجعة والنقـد والتصويب ..
ومثل هذه المراجعة أو التقييم ، لمنظومة الأفكار التي تعلمناها .. تتطلّب نضجـاً وشجاعة ..
وكذلك قدرة على التحرر والتجديـد ..
وأعتقد أنّك ، ياعزيزي أبا طــه ، تملك مثل هذه القدرة أو البسـالة .

إنّ مواجهة النفس ، بقصد تحريرها وتنقيتها ، مما علق بها من أدران ، وأوهام ، وأكاذيب ، عبر قراءة تصحيحية ، وإصلاحية ، واعية ، ومتجردة ، هو السبيل الأمثل للوصول إلى الحقيقة ..
وفي الطريق إلى ذلك ، ستتلاشى الأسماء والمسميات ، وستنهار أشياء وأشياء ، وستلغى أي نوع من القداسـة على المفاهيم والأشخاص ، ويبدأ التركيز على الجوهر ، والإعتماد على العقـل في مواجهة التقليد الأعمى ..

وماضلَّت الامة ، إلاّ بتعطيل العقل ، وتسليم زمامها للفقهاء .. فقهاء الحكومات ، في الماضي والحاضر .. لتتلقى منهم دينها ، ودنياها .. دون أن تميز بين مايجب فيه التقليد ، ومالايجب فيه التقليد .. بين ماهو وحي إلهي ، وبين ماهو نتاج بشري ، متأثر بزمان ومكـان ..

ولو أُتيحت الفرصة للمسلمين ، ليفهموا النصوص المتعلقة بالسياسة ، والحكام ، والجهاد ، و الدعوة ، والقدوة الحقة ، والأخلاق ، والسلوك الانساني ، بمعزل عن الفقهاء ..
لكان من الممكن أن تتكون في أذهانهم صورة الإسلام الصحيحة ، التي سوف يجعلونها مقياس الحكم على هؤلاء الفقهاء وأمثالهم ...
لكنهم للاسف جعلوا هؤلاء الفقهاء وسيلتهم لفهم هذه النصوص ...
وبالتالي جعلوا انفسهم رهينة لخط محدد ، هو الخط الذي رسمه الحكام بمعونة هؤلاء الفقهاء !
ومن هنا فان التحرر من هذا الخط .. هو الخطوة الاولى للوصول الى الحق .

إنّ مشكلتنا ، أيها الاخ الكريم ، هي في المتخلفين ، والجاهلين ، وأدعياء العلم والدين ، الذين أشغلونا بغير الإسلام الحقيقي ..
مشكلتنا في هؤلاء الحمقى والمتعصبين ، الذين يريدون أن يخدمهم الإسلام ، ويضخم أسماءهم ، بدلا من أن يخدموا الإسلام ..!
ومشكلتنا في المسلمين ، الذين لا يتعلمون الإسلام ، ولا يعيشونه جيدا ، ولا ينطلقون في خط الرسالة جيداً ، التي تتحرك من أجل الإنسان كله ، والحياة كلها ..

لم يكن الذين سبقونا من الذين عاشوا مع الرسالة وبلغوها ، أرحب منا ساحة ، ولا أوسع منا ظروفا ..
لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم عاشوا الرسالة بكلها واننا لم نعشها ..
بل جمَّدناها ، وحصرناها ، وحبسناها في أطماعنا ، وفي المواقع الضيقة من حياتنا ..!!
لقد جمَّدنا الإسلام وعلبناه ..
وجعلناه جسرا نقطعه ، من أجل أنانيتنا ، وأسمائنا حتى تكبر أكثر ..
ومن أجل مطامعنا حتى تتضخم أكثر !!

فلنكن ، ياعزيزي ، جند الإسلام الحقيقيين ..
ولنجعل ذواتنا من أجل الإسلام والأمة ..
ولا نجعل الاسلام والأمة من أجل ذواتنا ..!
لنصرخ في وجوه هؤلاء المتعصبين :
إتركوا الاسلام يتنفس في الهواء الطلق ..!
إتركوه ينطلق في ثقافته في حجم العالم ..!
إتركوا الإسلام يتخلص من تخلفكم ، وجهلكم ، وتحجركم ، وطائفيتكم ، وجنونكم ، ومعاني الخرافة التي ألصقتموها بالاسلام ..
وستجدون أنَّ العالم ، كلـَّه ، يهتف للإسلام ..!!.




تحياتي لك

مع خالص محبتي






نهر الحكمـة

__________________
( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )