عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 05-06-2002, 12:29 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
إفتراضي

أولا- القحطاني أخطأ في كتابة ثلاثة آيات مع أنه كان بإمكانه الرجوع إلى نص الآيات فينقلها كما هي في كتاب الله تعالى، إلا أنه لم يفعل، وهذا يدل على أن القحطاني من الأشخاص الذين لا يحرصون على دقة النقل، وإذا لم يكن دقيقا في نقل نص آية فكيف يكون دقيقا في نقل حقيقة الواقع الذي تدل عليه الديموقراطية ؟!
وأما الآيات التي أخطأ في كتابتها فهي ما يلي :
1- قوله تعالى : { إن الحكم إلا لله }، نص عليه القحطاني هكذا : ( وقرآننا يقول ( لا حكم الا لله ) ).
2- قوله تعالى : { وشاورهم في الأمر }، أما عند القحطاني فهكذا: (وشاورهم بالامر).
3- قوله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }، وأما القحطاني فنقله هكذا : (وما اتاكم الله فخذوه وما نهاكم فانتهوا ).

ثانيا- السيد القحطاني المتحمس جدا للديموقراطية حتى لو كانت كفرا يستهل دعوته للمسلمين بأخذ الديموقراطية بشتم أصحاب الرأي المخالف لرأيه، مع أنهم مسلمون مثله، ولا يسعه إلا تحقيرهم والاستهزاء بهم حتى وهو في صدد عرض الحجج وتقديم البينات !!!!

ثالثا- القحطاني في موضوعه هذا دعانا إلى الأخذ بالديموقراطية حتى لو كانت كفرا ، وفي نفس الوقت عمل على تشويه مفهوم الخلافة الاسلامية حتى في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم !!!!!!!

رابعا- القحطاني يغالط في المفاهيم لأجل الوصول إلى ما يريد ، فحكم الشعب بالمفهوم الديموقراطي معناه أن الشعب هو مصدر السلطات الثلاث وهي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية، وليس معناه أن الشعب ينتخب حاكمه فقط. فإلى جانب أن الشعب هو مصدر السلطة التنفيذية هو أيضا مصدر السلطتين التشريعية والقضائية. وكون الديموقراطية تجعل سلطة التشريع للشعب وليس للخالق عز وجل هو واحد من أوجه التناقض بين الديموقراطية والاسلام.

خامسا- الشورى في الاسلام لا تعني سلطة الله كما لا تعني سلطة الناس، وإنما تعني أخذ الرأي مطلقا ، أي أن للمسلمين على الحاكم أو على من يقودهم حق أن يأخذ رأيهم، وأخذ الرأي شيء وكون الرأي ملزما شيء آخر.
وهنا في موضوع رأي الأكثرية يكمن التناقض بين الشورى والديموقراطية ، إذ أن رأي الأكثرية في الاسلام لا يكون ملزما إلا في حالة واحدة فقط وهي أن يكون الرأي في الأمور التي ترشد إلى عمل ، وأما في التشريع، وفي الآراء التي هي من قبيل ( الرأي الحرب والمكيدة ) فلا يكون رأي الأكثرية ملزما بل لا يلتفت إليه. وأما في الديموقراطية فرأي الأكثرية يكون ملزما في كل شيء حتى في التشريع، ففي الديموقراطية يؤخذ برأي الأكثرية حتى لو كان رأي الأكثرية يتناقض مع حكم الله مثل تحريم شرب الخمر ومثل تحريم الزنا، وهذا لوحده يبرز التناقض الصريح بين الشورى وبين الديموقراطية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :
كيف يمكن أن تكون الديموقراطية أسلوبا لتنفيذ الشورى مع وجود هذا التناقض الصارخ بينهما ؟!

سادسا- ومن المغالطات أيضا مسألة العدالة والمساواة ، ذلك أن مفهوم العدالة في الاسلام يختلف عن مفهومها في الديموقراطية، فما يراه الاسلام عدلا ليس بالضرورة هو العدل من منظور الديموقراطية ، وما تراه الديموقراطية عدلا لا يراه الاسلام بالضرورة كذلك، فمثلا الاسلام يعتبر أن تطبيق جميع الأحكام الشرعية يحقق العدل، كقطع يد السارق، وكمنع المرأة من تولي منصب الخلافة، وكاعتبار جميع جسد المرأة عورة باستثناء وجهها وكفيها، وأما عورة الرجل فما بين السرة والركبة فقط، وكجعل نصيب المرأة في الميراث نصف نصيب الرجل في حالات ، وكنصيب الرجل في حالات أخرى ، فهذه الأحكام على سبيل المثال لا الحصر تعتبر عند أهل الديموقراطية ظلما لا عدلا .

سابعا- الديموقراطية ليست هي صناديق الاقتراع، وهذه مغالطة أخرى يقع فيها القحطاني، إذ الديموقراطية تعني حكم الشعب للشعب وبالشعب، بمعنى أن الشعب هو مصدر السلطات الثلاث، فالديموقراطية نظام حياة منبثق عن عقيدة كفر هي عقيدة فصل الدين عن الحياة، فيحرم على المسلمين الأخذ بالديموقراطية والعمل بها والدعوة إليها. وأما صناديق الاقتراع فمجرد وسائل تستعمل لتمكين الناس من اختيار سواء رئيس الدولة أو ممثليهم في مجلس النواب أو في مجلس الشورى، فصناديق الاقتراع يجوز استعمالها إذ هي أشياء، وحكم الشيء في الاسلام يطبق عليه قاعدة : ( الأصل في الأشياء الاباحة ما لم يرد دليل التحريم ).

ثامنا- اذا اعتبرنا الديموقراطيه غير شرعية، وهي كذلك ، وإذا اعتبرنا الديكتاتورية والاستبداد غير شرعي أيضا ، وهو كذلك ، وإذا كانت الديموقراطية شر ، وكانت الديكتاتورية شر أيضا، وكان الخير كل الخير في الاسلام وحده ، فهل يقول مسلم بالرضى بأحد الشرين وترك الخير ؟! وهل يجوز لنا كمسلمين أن نرضى بغير الاسلام بديلا ؟!

تاسعا- أما مسألة القبول بالديموقراطية حتى لو كانت كفرا بحجة وجود مصلحة أعظم وهي الخلاص من الظلم والقهروالطغيان والتعذيب السائد في معظم البلاد الاسلامية، فهل القضية المطروحة أمامنا هي إما كفر الديموقراطية وإما كفر الاستبداد والديكتاتورية ؟!
أين هو خيار الاسلام ؟!!
هل نحن مجبرون على الأخذ بأحد الشرين وممنوعون من الخير ؟!!!
ثم من هي هذه الجهة التي تفرض علينا نظام حياتنا وطريقة عيشنا ؟!!!
هل هي الدول الغربية الديموقراطية ؟!!!!

هذا من جهة، وأما من جهة الأدلة التي ساقها القحطاني للتدليل على جواز الأخذ بالديموقراطية حتى لو كانت كفرا فإن عمل الرسول صلى الله عليه وسلم سواء قبل قيام الدولة الاسلامية في المدينة أو بعد قيامها ينقض ما ذهب إليه القحطاني، ولا يوجد في أي من الأدلة التي ذكرها أية دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قبل بالكفر أو أنه تنازل عن شيء من العقيدة أو تساهل فيه أو فرط في أي شيء يتعلق بها.
ففي مرحلة ما قبل قيام الدولة اضهدت قريش الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وعذبتهم، وحاصرتهم ثلاث سنوات، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل متمسكا بما بعثه الله تعالى به، فلم يتنازل عن شيء مما أنزله الله عليه ، فلم يهادن ولم يداهن، ولم يتخل عن فكرة واحدة من الأفكار التي كان يدعوا الناس إليها ، ورفض كل ما عرضته عليه قريش في سبيل أن يترك شيئا من دعوته، عرضت عليه السيادة ، والملك، والمال، إلا أنه رفض. وعلى الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو استجاب لقريش بالتخلي عن بعض ما أوحى الله إليه به لتركوه وشأنه إلا أنه عليه السلام لم يفعل، قال تعالى : { فلا تطع المكذبين* ودوا لو تدهن فيدهنون }. وأيضا لو قبل ( بكسر الباء ) الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصبح سيد مكة أو أن يتوجوه ملكا عليها لسهل عليه تحقيق أهدافه من خلال الملك والسيادة إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل، بل قال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة ردا على مساومات كفار مكة : ( يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ).

هذا هو موقف الرسول صلى الله عليه وسلم حين لم يكن للمسلمين سلطان ولا لدعوته دولة ، وحين أقيمت الدولة في المدينة ، وتولى صلى الله عليه وسلم رئاسة الدولة فإنه لم يقبل أيضا بالكفر ،" فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل من وفد ثقيف أن يدع لهم صنمهم اللات ثلاث سنين لا يهدمه، وأن يعفيهم من الصلاة على أن يدخلوا في الاسلام، ولم يقبل أن يدع اللات سنتين أو شهرا كما طلبوا، بل أبى ذلك كل الاباء ، وكان إباؤه حاسما لا تردد فيه ولا هوادة لإن الانسان إما أن يؤمن وإما أن لا يؤمن ، لأن النتيجة إما الجنة أو النار ، ولكنه عليه السلام قبل أن لا يهدموا هم صنمهم اللات، ووكل به أبا سفيان والمغيرة بن شعبة أن يهدماه. نعم لم يقبل إلا العقيدة الكاملة ، والتنفيذ الذي تقتضيه، أما الوسيلة والشكل فقد قبلهما ، لأنهما لا يتصلان بحقيقة هذه العقيدة " .

وأما قبوله صلى الله عليه وسلم بعبارة ( باسمك اللهم ) بدلا عن ( بسم الله الرحن الرحيم ) فلا يدل على ما ذهب إليه القحطاني لأن عبارة ( باسمك اللهم ) هي تسمية باسم الله تعالى لا بغيره، فلا تتضمن كفرا. وكذا بالنسبة للاقتصار على ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) فإن أمثال عبدالله بن أبي كانوا في الظاهر معدودين أنهم من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان صلى الله عليه وسلم يعاملهم على ظاهرهم. وأما الكعبة فإنه عليه السلام قد طهر الكعبة من الأصنام والصور وكل ما يمت إلى الكفر بصلة ، وأما نفس البناء الذي كان قائما فلا يوجد فيه ما يمثل الكفر.
وعليه فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحد عن الطريق قيد أنملة قبل أن تقوم دولته، قال تعالى : { وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا* ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا }. وحين أقيمت الدولة طبق الاسلام كاملا شاملا كما أمره الله تعالى، وقد أمره الله تعالى أن يحذر الكفار أن يفتنوه عن بعض ما أنزله الله إليه ، قال تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك. فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون * أفحكم الجاهلية يبغون. ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} .

وأما بقية المغالطات التي تضمنها موضوع القحطاني فتحتاج إلى مشاركة أخرى بإذن الله تعالى.