عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 29-06-2003, 09:27 AM
lwliki lwliki غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: هووون
المشاركات: 85
إفتراضي

الشرنقة الطائفية

ثنائية أخرى تكشف عن أزمة بدأت تظهر بعد أحداث سبتمبر 2001 ، وهي أن العائلة المالكة وضعت اليوم أمام خيار الإستمرار في احتضان الوهابية والتستر على خطاياها وتشجيع ممارساتها، وخيار البقاء في الحكم. لقد طال بقاء النظام السياسي محبوساً في شرنقة المذهب، وآن له أن يخرج منها قبل أن يخسر القائمون على رأسه الحكم بقضّه وقضيضه. لقد أدّى الإنحباس في الشرنقة المذهبية، الى نتائج خطيرة للغاية أوقعت المملكة اليوم شعباً وحكومة في مآزق لا يعلم أحدٌ الى أين ستنتهي، وصار على الشعب أن يدفع ثمن أخطاء فئة متحكمة في السياسة (العائلة المالكة) والدين (الوهابية). عدم الخروج من الشرنقة أدّى كما هو واضح اليوم الى التالي:

* أضحى نظام الحكم برمته رهيناً للمذهب ورجاله وتفسيراته ومصالح أتباعه ورؤسائه، مع ما يبدو في الظاهر من أن المذهب نفسه أصبح رهينَ العائلة المالكة نفسها ومصالحها. ولكن مصالح الدولة لا يجب أن توضع بشكل متكافئ مع مصالح المذهب. إن رموز النظام اليوم ـ خلافاً للملك عبد العزيز أو حتى الملك فيصل ـ يشعرون بسبب ضحالة ثقافتهم الدينية، بأنهم ضعيفو الحجّة في المساومات مع رموز الوهابية المتطرفة، ولا يجدون إلا التنازل لها وتغليب مصالحها. أصبح هامش المناورة لدى النظام ضئيلاً، فهو لا يكاد يفكّر في الإقدام على أمرٍ أو فعلٍ حتى تتراءى أمامه العقبة الكأداء بشخوصها وردود أفعالها المتوقعة، فيتراجع، وأمام ضغط المشكل والحاجة يتقدم خطوة ليتراجع أخرى. زيادة على ذلك، وهو الأهم، هناك شعور طاغٍ لدى الأمراء الكبار بأنهم لا يستطيعون البقاء في الحكم بدون الوهابية، رمز عصبية نجد، ورسالتها، وأداة سيادتها. ولكن، هاهم الآن بعد أحداث سبتمبر يخيّرون، بين بقائهم في الحكم، وبين احتضان الوهابية، فالإصرار على احتضان الأخيرة مجازفة بالإنكفاء على حكم نجد، وربما خسارتها هي أيضاً، أي إزالة النظام من جذوره أو تقسيم المملكة الى دول.

* أدى انحباس النظام في الشرنقة المذهبية الى عدم انفتاحه على القوى الإجتماعية الأخرى، فبقدر ما نرى وثاقة عرى الإرتباط بين التيار الوهابي بمختلف أطيافه مع رموز النظام، نرى في الطرف الآخر ابتعاداً غير عادي عن الرموز الوطنية والدينية في مناطق المملكة الأخرى.. وجرّ هذا بدوره، الى تضاؤل الإهتمام بشرائح إجتماعية في مجالي الإقتصاد والخدمات الإجتماعية، إضافة الى الإقصاء السياسي. أدى هذا الى تصنيف نظام العائلة المالكة في السعودية تصنيفاً مذهبياً ومناطقياً، وليس هناك من خطر يتهدّد دولة ونظام حكم، من أن ينظر اليهما كحكر فئوي أو كممثلين لطرف صغير متغلّب من جهة ومهمّش للمختلف (وليس المعارض بالضرورة) من جهة أخرى. قاد هذا إنحباس العائلة المالكة في شرنقة مناطقية ومذهبية الى تعزيز شعور الإنفصالية وتحبيذها على نظام ذي تمثيل ضيّق، محكوم بـ "عقدة" الوهابية المتهمة بإقحام البلاد بكل تنوّعها في مشاكل داخلية وخارجية لا تستطيع الخروج منها بدون رؤية جديدة مختلفة تبشّر إنسانها بمستقبل حرّ ومساواة وتآلف لم يشهدوه يوماً منذ أن قامت الدولة الحالية.


يتبع
__________________
( لا تسيئوا فهمه..
ولا تنكروا عليه ان ينقد أو يتهم أو يعارض أو يتمرد أو يبالغ أو يقسو..
انه ليس شريراً ولا عدواً ولا ملحداً.. ولكنه متألم حزين ..
يبذل الحزن والألم بلا تدبير، أو تخطيط..
كما تبذل الزهرة اريجها .. والشمعة نورها ).
وللتاريخ ان يقول ما يشاء.