عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 27-01-2004, 03:37 AM
kimkam kimkam غير متصل
فنان مبتديء
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,476
إفتراضي سياسة الامر الواقع

أجراس


سياسة الأمر الواقع



حصة عبدالرحمن العون



من الحكمة ان نأخذ مما لدى الآخرين من أمور رائعة شريطة ان لا تمس ثوابتنا وقيمنا التي هي السمة البارزة والعلامة الفارقة في جبين المجتمع السعودي المسلم.

* الجرس الأول:


الفرق بين الواقع والخيال فرق كبير لا يمكن لأي كائن كان ان يدركه الا العارف ببواطن الأمور ومن عركته الدنيا وعركها ومن وهبه الله الحكمة والتبصر من أصحاب الخبرة والنظرة الثاقبة، فليس كل أمر يمكن لنا ان نطبقه في الشأن العام لسبب بسيط ان هذا الشأن العام ليس ملكا لنا بل هو كما يتضح من اسمه (شأن عام) والا لما سمى بهذا الاسم.


والشأن العام يا أيها السيدات والسادة يملكه الصغير قبل الكبير وتملكه المرأة قبل الرجل ويملكه الغني قبل الفقير. ولكن بشروط ليست كالشروط الأخرى التي يسرى مفعولها على بعض الأمور الهامشية التي لا تسر ولا تضر كل ذلك يدركه العارفون ببواطن الأمور والمدركون لعواقب الأمور أيضا فالخير يا أيها السادة والسيدات يخص ولكن الشر وحده فقط هو الذي يعم فلماذا؟ تقوم بأمور تضر الآخرين وتسر المغرضين. وتفرح الشامتين؟؟ لماذا لا نعرف حجم امكانياتنا؟ وحجم قدراتنا. وحجم صلاحياتنا فلا نأتي بأمور تكون آثارها الجانبية السلبية أكثر بكثير من الإيجابية لماذا نصادر مكاسب الآخرين؟ ونتعدى على حريات المجتمع؟ لماذا نخرج عن جادة الصواب. ونشق عصا الجماعة. ونأتي بأمور تجعل الآخرين من الأعداء وخلافهم ان يستخفوا بنا ويستهزئوا بما نفعل من تصرفات تشير لمواطن الازدواجية في تصرفاتنا؟ فيا أيها السادة والسيدات.. لا يمكن لعاقل ان يتوقع التشجيع والدعم المعنوي من المراقبين وهو يضعهم أمام الأمر الواقع فمن أدار ظهره للثوابت لا ينتظر الا قصم هذا الظهر مما كان الجدار الذي يسند ظهره عليه قويا فكل شيء خالف الطبيعة زائل أليس كذلك؟


* الجرس الثاني:


من دواعي ألمي ان يفهم التحضر والعصرنة بهذا الشكل فمثلا الالتفاف حول الفكر المستورد بكل (فجاجته) لماذا.؟ بل لا يقتصر الأمر على الالتفاف فقد تعدى الأمر إلى (التقليد البغبغائي) فما يصلح لزيد ليس بالضرورة ان يصلح لعمرو، وما يصلح للآخرين لا يمكن ان يصلح لنا.


فنحن كما قلت عشرات المرات مجتمع ذو تركيبة خاصة وخاصة جدا وعلى من لا يعجبه هذا القول (فليحاججني) من خلال وسائل الإعلام الثلاث المقروءة والمرئية والمسموعة، نعم ان ما يصلح لنا ليس بالضرورة ان يصلح لغيرنا فمن الحكمة الأخذ مما لدى الآخرين من أمور رائعة والاستفادة منها وترك العكس خاصة عندما تكون هذه الأمور تؤثر سلبا على ثوابتنا الأساسية والتي هي السمة البارزة والعلامة الفارقة في جبين المجتمع السعودي المسلم.


فيا أيها السادة والسيدات، لنتذكر دائما المقولة الشهيرة التي تقول: (قد يجنى على المرء اجتهاده) وخاصة عندما يكون هذا الاجتهاد سلبيا.


* الجرس الثالث:


الغراب وحده فقط من يحاول دائما تقليد الحمامة الرشيقة في تحركاتها ولم يفلح الا في اضحاك المراقبين عليه فحاول العودة لمشيته الطبيعية ولم يستطع السير لخطوات قصيرة ولا نعلم هل هذا الفعل ناتج عن غباء؟ أم عن طموح غير مشروع؟ ولماذا لم يحاول استشارة اخوته الذين يشاركونه في النوع والجنس والمسكن والبيئة والجغرافيا لربما أتى أحدهم برأي يثنيه عن ما فعل بنفسه من تجربة مريرة لن يكررها مرة أخرى نتيجة سلبية التجربة الأولى وما بها من مرارة لا تزال عالقة في بلعومه ولم يستطع ابتلاعها أو التخلص منها فكلا الأمرين أحلاهما مر، وسيرد دائما المثل القائل: (ان رفعتها في الشارب وان أرخيتها في اللحية) ويا ساتر.



خاتمة وهذا ما يحدث دائما لمن لا يعرف حجم بطنه، فيأكل ويلتهم أكثر من حصته وطاقته من الطعام، والشراب ولا يترك مكانا للهواء يساعده على التنفس فمثله مثل من يستعجل تعلم علوم الطيران فيشترى كتابا يعلم هذا العلم ويقرأ التعليمات الأولى ويقوم بتطبيقها في كابينة طائرته. وتحلق به الطائرة فوق هامات السحب والفرح يغمره والفخر يسكنه والزهو يعتلى جبينه والابتسامة لا تفارق وجهه وعلامات النصر ترافق أنامله. رافعا يديه بتحية خالصة لقدراته وذكائه وشجاعته.


ولكن كل ذلك يذوب ويتلاشى عندما يقرر العودة للأرض والهبوط على مدرجات ذلك المطار الذي اقلع منه يصاب بالدهشة والرعب ويتذكر عندئذ ان هناك طريقة أخرى للهبوط لم يقرأها ولم يذاكرها جيدا.


ويبدأ البحث عن ذلك الكتاب ولا يجده فقد تركه هناك في مكتبه وعلى طاولة المذاكرة التي لم تنصفه وتذكره بعواقب الاهمال الذي تم هنا فقط. اسقط في يده وحاول مرارا وتكرارا الاتصال على برج المراقبة عل وعسى ان يجد أحد الطيارين يستطيع مساعدته على الهبوط وكل هذا يخضع للحظ وهذا هو واقع الحال الذي يتعرض إليه كل من لا يحسب للعواقب.


خاتمة: لو حسبنا حساب العصافير ما زرعنا الدخن.


تلفياكس / 2561218

startsun@hotmail.com
_____________________
جريدة المدينة المنورة , الثلاثاء 5/12/1424هـ الموافق 27/1/2004م
__________________

kimkam