عرض مشاركة مفردة
  #82  
قديم 07-03-2004, 03:59 AM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

الكلمة الثانية لمن لم تتزوج بسبب تضحيتها، مثل تلك الفتاة التي بدأت بحكايتها كلامي هذا، أقول لها: لا تندمي على تضحيتك، فإن لك- إن شاء الله تعالى- لأجرا كبيرا، وثوابا عظيما، على إيثارك أهلك أو أولادك.


تجربتي.. أحكيها لكم

"المرأة المؤمنة، العاملة في مجال الدعوة إلى الله، لا يمكن أن تشعر بأنها عانس، ولو صارت عجوزا. هذا ما رأيته، وشاهدته، وجربته ".

بهذه الكلمات الإيمانية تبدأ الأخت الفاضلة أم الحسن (فاطمة محمد صالح) رسالتها التي تتحدث فيها عن سعادتها، ورضاها، وطمأنينتها، على الرغم من عدم زواجها.

كيف وصلت إلى هذا؟ كيف حققت هذا الارتفاع على الشعور بالنقص الذي قد يصيب من لم تتزوج؟ ها هي تجيب عن ذلك فتقول:

"لأنها جعلت الدعوة إلى الله في قلبها، وشغفت حبا بكل أساليب الدعوة، فهي تقرأ الكتب الإسلامية، وتسمع أشرطتها، وقد تكتب أحيانا.. لتفيد جميع من حولها، وتنقل إليهم ما استفادته من قراءتها الكتب، وسماعها الأشرطة".

ولا تكتفي الأخت فاطمة بهذا الكلام العام؛ بل هي تفضل في حديثها وتشرح نصائحها لأخواتها كما يلي:

- إذا كانت طالبة في مدرسة فيمكنها أن تخصص لها دفترا تكتب فيه المعلومات المفيدة التي تقرأها أو تسمعها، ثم تنشر هذه المعلومات التي استفادتها في مجلة الحائط، أو إذاعة المدرسة.

وكذلك تسعى لتكوين أخوات صالحات من حولها، وتتنافس معهن في الطاعات: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر- الأذكار- الابتسامة في وجوه الصديقات والزميلات- السلام على من عرفت من النساء ومن لم تعرف).

- وإذا كانت طالبة في جامعة فلتحرص على إعطاء دراستها وقتا كافيا، واهتماما وافيا، بحيث تملأ الدراسة لها وقتها، وتشغل اهتمامها، لتكون متفوقة بإذن الله تعالى.

- وإذا كانت تعمل، وأغلب من يعملن هن معلمات، فإن من تتصل بهن كثيرات: زميلاتها المعلمات، والتلميذات أو الطالبات. وتستطيع أن توجه طاقاتها لهن، وتبذل اهتمامها بهن؛ توجيها وتربية ونصحا وإرشادا.

- وإذا لم تكن طالبة ولا جامعية ولا عاملة... فماذا تفعل؟ وكيف تمضي وقتها وتملأ فراغها؟ وبم تشغل نفسها؟ وإلام تصرف اهتمامها؟

لقد بدأت مع أخوات لي في الله من هذه الشريحة، كن يشتكين من السأم والملل لكثرة الأوقات.. فصرن يشتكين من قلة الوقت! كيف تحقق هذا؟

- عقدنا رابطة الإخاء في الله فيما بيننا، وتم التعارف في أحد المراكز الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، فقد سبق طلبي منهن التسجيل في هذا المركز.

تعرفت إليهن، ووجدت لدى كل واحدة منهن أكثر من مهارة.. كانت مضيعة لا يستفيد منها غيرها. واحدة منهن كانت ماهرة في الطبخ، فشجعتها على كتابة طرائق ما تتقنه من طبخات، ثم طبعها، وبيعها للمنتسبات. وكان الريع للمسلمين المحتاجين في العالم.

ثانية قامت بتفريغ بعض الأشرطة، وكتابة محتوياتها في دفتر، وجعلها مادة لدروس تلقيها في حلقات الأخوات.

ثالثة ورابعة تسابقتا في حفظ سور القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

خامسة أخذت تعد دفترا تجمع فيه الأحاديث لتفيد به (النادي الثقافي)، كما أخذت تجمع أسئلة المسابقة الثقافية وإجاباتها وإعدادها بشكل جميل وجذاب.

ولم تتوقف نشاطات الأخوات بانتهاء المركز الصيفي الخيري، ولم تنقطع صلاتهن بانقطاع الدوام فيه، بل واصلن ما بدأنه، من إعداد لوحات حائطية ومسابقات وطرائف، والبحث عن أفكار جديدة، ليقدمنها إلى المركز الخيري في العام المقبل. وصرن يتبادلن الزيارات، ويعقدن دروسا وحلقات صغيرة فيما بينهن؛ يحفظن القرآن والحديث، ويربين أنفسهن على مبادئ الإسلام.

ولقد شجع نجاح عملنا.. أخوات في مناطق أخرى، لم يكن فيها مثل هذه المراكز، على التقدم إلى الجهات المسئولة؛ مطالبات بفتح مركز لتحفيظ القرآن فيما بينهن، وتحقق لهن ما أردن، وكن الرائدات في ذلك. أما من لا تستطيع الالتحاق بهذه المراكز، بسبب منع أهلها لها، فكانت الأخوات في المركز على اتصال دائم بها، عن طريق الهاتف والرسائل، يتذاكرن معهن الله تعالى، ويتفكرن في آلائه ونعمائه، وفي زوال هذه الدنيا، ومتاعها القليل، حتى كنا نشعر، كما قالت الأخت العانس في رسالتها إليكم: (إننا والله لفي سعادة لا يعلم بها إلا الله، ولو علم بها أهل الدنيا لجالدونا عليها بالسيوف)، وليست تلك السعادة ناتجة عن العنوسة- كما قد يفهم البعض- وإنما هي ثمرة تعلق القلب بالله تعالى، وتفرغ الأخت لإرضائه بكل قول وعمل.

لقد كنا نشعر حقا؛ إذا أمد الله في أعمارنا، في صحة وعافية، ودامت هذه الحال من الخير والنعيم والإيمان؛ أننا في جنة الدنيا.

وأنقل هنا كلاما قرأته للأخت يمان السباعي في كتابها "الراقصون على جراحنا": إن الفتاة قد تمر الأيام عليها وهي وحيدة كئيبة، في حياة رتيبة، مملة، دون دعوة إلى الله وعمل جاد، وجهاد مستمر في سبيله، ودون أخوات في الله، وتخاف أن تذبل وتخبو وحدها في زاوية منسية، وتحاول أن تخرج للحياة التي تركتها على قارعة الطريق، سواء أكانت ملمة بالهوية أم مسلمة حقا، فتسقط هي الأخرى وتنحرف، والانحراف في حال كونها مسلمة حقا هو ابتعاد عن طريق الله أولا، وتوغل في الجهل ثانيا, ولكننا، والحال هذه، لا نقبل أن يكون الزواج هم الفتاة في مثل هذا المجتمع الذي لا يرحم ولا يعرف حاجات الإنسان، مع أنه من الواجب أن يكون الزواج هم الفتاة؛ لأنها من خلال الزواج تؤدي وظيفتها في الحياة بدليل قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} فمن هنالك تنطلق إلى العالم عن طريق طفل، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "والزوجة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

... ولكن، لتعلم كل فتاة أن الغاية من الحياة هي العبودية بمعناها الخاص ومعناها العام، فإذا توفر المناخ المناسب لبناء بيت مسلم.. قامت الفتاة بعبادة ربها من خلال الزواج وتربية الأولاد، وقد تنشئ لنا الجيل الذي نريد.

.. فإن لم يكن؛ فإن طرق العبادة العامة كثيرة وعلى رأسها الدعوة إلى الله عز وجل. فلتلتفت إلى المنحرفات عن طريق الله لتجعل منهن بنات لها وتهديهن إلى صراط الله السوي (من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا).

ولكن يجب عليكِ أن تتعلمي أولا العلم الشرعي حتي تكون الدعوة إلي الله علي بصيرة .

ولتجعلي من المجتمع الإسلامي بيتا كبيرا أنتِ فيه شمس هداية، ونبراس حق وعدل ومعرفة وعلم. ولنتواص بالحق والصبر:{إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة:120].

مختصر من رسالة بعنوان غير متزوجات ولكن سعيدات


محمد رشيد العويد
__________________