[فارس الأندلس]

عبدالله يضحي بالعربية السعودية ليدعم مستقبل بوش

في ابريل 25, 2005 زار الأمير عبدالله جورج بوش ليناقش عدد من القضايا تمتد من عملية سلام الشرق الأوسط الى محاربة الإرهاب. ولكن الهدف الرئيسي لزيارة عبدالله هو أن يعرض على بوش اقتراحا جديدا من أجل زيادة انتاج النفط السعودي والذي سيؤدي الى رفع الضغط عن سعر النفط الخام.

الإنتقادات من شركات النفط تتزايد مع انعدام التقدم في تأمين حقول نفط العراق. على الرغم من تخصيص 1.6 مليار دولار من مساعدات الكونجرس لتطوير بنية العراق التحتية الا أن العراق ينتج أقل من 25% من مستويات انتاجه في العام 2003 قبل الغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين. التمرد العراقي الواسع حدت من تدفق النفط بشكل كبير. تخريب انبوب النفط الذي يمر بالأراضي التركية حد من تصدير النفط من الحقول حول كركوك في شمال العراق والعنف أعاق تطوير حقول النفط في الجنوب. النتيجة أن العراق صدر الشهر الماضي 1.43 مليون برميل من النفط بانخفاض بلغ 30,000 برميل عن شهر مارس. هذا بعيد كل البعد عن الأربعة ملايين برميل الاتى توقعها بعض المحليين بعد انتهاء الحرب.

بالإضافة الى ذلك فإن المديرين التنفيذيين لصناعة النفط الأمريكية مستائين من المحافظين الجدد وهم يتهمونهم [انهم السبب في زيادة التمرد في العراق ولذلك لإصرارهم على خصخصة قطاع النفط العراقي بدلا من جعلها تأميمها. خطة تأميم صناعة النفط العراقية التي وضعتها شركات صناعة النفط الأمريكية بدلت في آخر لحظة بخطة المحافظين الجدد لخصخصة قطاع النفط العراقي والقضاء على أوبيك. الفوضى التي عمت بعد سقوط صدام منعت شركات النفط الأمريكية من استغلال حقول النفط العراقية وبالتالي زيادة انتاج النفط العراقي. الفشل في العمل في حقول النفط العراقية نسف مخططات الشركات الأمريكية. حسب وزارة الطاقة الأمريكية فإن تكلفة تجهيز حقول جديدة لإنتاج النفط في العراق تعتبر من الأقل تكلفة في العالم. ولكن فقط 15 حقلا من 74 قد طورت. احتياطي النفط العراقي المعروف هو حوالي 112 مليار برميل زلكن البعض يتوقع أن يزيد عن 300 مليار برميل. وحيث ان نسبة استعادت النفط حواي 50% من احتياطي يبلغ حواي 250 مليار برميل فإن نفط العراق يمكن أن يساوي أكثر من 3 تريليون دولار.

على الجبهة الأمريكية الداخلية فإن المستهلكين كان عليهم أن يتعاملوا مع أسعار نفط عالية جدا وهم يتهمون بوش بأنه السبب الرئبسي في أزمة الطاقة الأمريكية. وقد وجدت الأسوشياتد برس – وال "AOL" في اقتراع أجرته بأن 62% من الأمريكين لا يوافقون على طريقة بوش في التعامل مع أزمة الطاقة. وقد هاجم الأمريكين سياسة بوش هذه واتهموه بأنه لم يعمل شيء ليحمي المستهلكين من ارتفاع أسعار النفط. السيناتور الديمقراطي جون كيري قال: " بعد خمس سنوات، والأمريكين ما زالوا يعانون من ارتفاع أسعار النفط وينتظرون وفاء الرئيس بوش بتعهده بكبح أوبك."

لمواجهة هذه الموجه من الإنتقادات ردت الحكومة الأمريكية بإبعاد بعض المحافظين الجدد المهمين كوولفويتز وبولتن من مراكز صناعة السياسة الى تنفيذها. كما أن الإدارة الأمريكية طلبت من السعودية بوضع خطط لزيادة انتاجها من النفط بشكل كبير. الخطة التي ذكرها وزير النفط السعودي علي النعيمي قبل زيارة عبدالله لتكساس تقترح انفاق 50 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة لرفع طاقة السعودية لإنتاج النفط من 11 مليون برميل حاليا الى 12.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2009. وتقول السعودية بأنه اذا دعت الضرورة فإنها ستقوم بزيادة طاقتها الى 15 مليون برميل في اليوم. مستشار الأمن الأمريكي ستفان هادلي وصف الخطة السعودية بأنها تطور هام وقال: " الذي طرح هو خطة لزيادة الإنتاج من خلال استثمارات ضخمة – حوالي 50 مليار دولار مع الوقت. فهم قد اتخذوا مبادرة رئيسية."

وعلى الرغم أن هذه الإستثمارات الضخمة ستضيف الى الإقتصاد الأمريكي، فإن السعودية ستعطي شركات قطاع الطاقة الأمريكية منجم ذهب بدعوتهم للإستثمار في قطاعات الطاقة السعودية الآخرى. قال الأمير عبدالله مخاطبا تجمع من رجال الأعمال الأمريكيين نظمه مجلس الأعمال الأمريكي-السعودي (SABC) في فندق فيرمونت معلنا أنه سيستضيف مؤتمرا لمنتدى الطاقة الدولي (IFE) في الربع الأخير من الام 2005 قال: " ندعوكم للإستمرار في التعاون معنا في قطاعي التعدين والغاز والذي يقدم عددا من فرص الإستثمار. هناك الكثير من الفرص والنجاح مضمون، ان شاء الله. يمكنكم الإختيار بين الإستثمار المباشر أو إقامة مشاريع مشتركة." كذلك فإن الأمير عبدالله يخطط ليجعل من السهل على رجال الأعمال الأمريكيين بإخراج الثروات من المملكة باقتراح تخفيف قوانين حماية الإقتصاد الأمريكي. متحدثا عن الإصلاحات الإقتصادبة يقول عبدالله: " لقد وضعنا قوانين ضرائب واضحة ومرنة وأعدنا ترتيب اسوق المالي ليماثل المعايير الدولية وعجلنا من عملية الخصخصة."

من الواضح ان الأمريكيين هم المستفيدون الحقيقيون من خطة عبد الله

اولا، سينفق السعوديون 50 مليار دولار لزيادة انتاج البترول الخام لإغراق سوق البترول الدولية مما يؤدي الى انخفاض سعره. سيؤدي ذلك الى تقليل الأرباح السعودية بحد كبير ويدمر اقتصاد الدولة. من جهة اخرى، سيستفيد الإقتصاد الأمريكي من اسعار البترول الخام الرخيصة والذي يعاني حاليا من غلو اسعاره.

ثانيا، سيدفع السعوديون مليارات الدولارات الى الشركات الأمريكية مقابل اعمال زيادة السعة الإنتاجية للبترول. وهذا لن يؤدي الى نقل التكنولوجيا والمعرفة العلمية الى السعوديون ولن يساعدهم في تقليل نسبة البطالة. فحاليا، تصل نسبة البطالة في السعودية الى 20% (والتي قد تصل في الحقيقة الى 30%). هذا الرقم مرشح للزيادة بشكل كبير اذا ما عرفنا ان التعداد السكاني للسعودي سيزداد من 20 مليون الى 40 ملين نسمة في عام 2020. مما يعني ان فرصة حصول السعوديون على فرص عمل في المستقبل القريب تبدو ضئيلة جدا.

ثالثا، الإندفاع باتجاه الخصخصة بالإضافة الى قوانين الضرائب المتسيبة سيؤدي في النهاية الى تملك الأمريكيون لموارد سعودية حساسة مثل شركة الإتصالات السعودية. اضف الى ذلك، انه تحت ذريعة تقديم خدمات عامة افضل، ستجني الشركات الأمريكية ارباحا باهظة من خلال زيادة الأسعار والتي لن يعود الا القليل جدا منها الى الأسواق السعودية. فمعظمها سيعود الى الولايات النتحدة بينما سيؤول المتبقي منها في حسابات الأمراء البنكية.

رابعا، فبالرغم من ان الأتفاقات التجارية الثنائية بين البلدين ازدادت من 160 ملين دولار في عام 1970 الى 26 مليار دولار في عام 2004، فالشعب السعودي في هذه الفترة ازداد فقرا. ففي عام 1999، كان الإنتاج القومي للشخص (per captia GDP) اقل مما كان عليه في عام 1965، قبل الإرتفاع الهائل لأسعار النفط. بالتالي، دعوة الأمريكيون للإستثمار في مخزونات الطاقة الأخرى، يوقع عبدالله بدفع مستقبل الشعب السعودي ليستعبدوا من قبل الأمريكان.

ومما لا يثير الدهشة ان الأمريكيون قبلوا بخطة عبدالله وضمنوها كجزءا من خطتهم الإستراتيجية للطاقة، والتي تتضمن تحويل القواعد العسكرية الى مصافي للبترول، اكتشاف طرق جديدة لتجهيز مخزون البترول للإستخدام والعمل لإكتشاف وقود انظف.

لذلك عندما كشف بوش عن ساسته المقترحة فيما يخص الطاقة، استطاع دفع اسعار النفط الخام للهبوط. هذا يؤكد سبب زيارة عبدالله لتكساس والذي اكده المستشار القومي للأمن، ستيفان هيدلي، بقوله "المشكلة في سوق النفط الآن هي الأعتقاد بعدم كفاية الموارد. اي ضكان يعطى للسوق عن وفرة الموارد، سيؤدي الى انخفاض الأسعار"

تصريح هيدلي يشير ايضا الى طبيعة هذا الضمان المتقلبة. فكثيرا منها يعتمد على قدرة ادارة بوش على التغلب على قمعلرضة جماعات البيئة، وأولئك الذين يعارضون التنقيب عن البترول في مناطق مثل الألاسكا، بالإضافة الى القدرة على تحويل القواعد العسكرية الى مصافي بترول.

من هذا المنظور، فسياسة بوش بالنسبة للطاقة هي سياسة دفاعية. فبفشلهم في العراق، وجدت هذه الإدارة نفسها مضطرة الى استطشاف طرق لزيادة انتاج االنفط المحلي الأمريكي. باقتراب الشتاء، و بوصول منظمة الأوبك الى سقف انتاجها، تسعى هذه الإدارة للتقليل من حدة الأزمة القادمة.

بالرغم من ذلك، فالأزمة الأمريكية الحالية تمثل فرصة مثالية للسعوديون لتحرير انفسهم من السيطرة الأمريكية. فلو كانت عائلة آل سعود مخلصة في ذلك لاستطاعت توظيف استراتيجيات مختلفة لقطع اعتمادهم على الأمريكيين.

فالسعوديون كان باستطاعتهم قطع امدادات النفط الخام، وفصل البترول عن الدولار وبيعه بعملة اخرى مثل اليورو او اليون (العملة الصينية). سيؤدي دلك حتما الى اجباى العالم لبيع الدولار بسرعة مقابل العملة المطلوبة للنفط السعودي. خطوة كهذه ستدفع قوى مناهضة لأمريكا مثل اوروبا او الصين ، والتي لديها مفاصلات حادة مع امريكا، لأن تتخذ اجراءات تمنع امريكا من الحاق الضرر بالسعودية.

بإمكان السعوديون ايضا مقايضة جزء من هذا النفط مقابل التكنولوجيا والصناعات الثقيلة مما سيقلل من الإعتماد على العمالة الأجنبية الغربية ويحدث فرص عمل جديدة. بذلك يمكن للسعوديون من توجيه اقتصادهم باتجاه الإعتماد الذاتي والإزدهار الإقتصادي.

الا انه من غير المحتمل ان يتخذ عبدالله وآل سععود خطوات جذرية كهذه لأن وجودهم في الأساس يعتمد على الدعمالأنجلو- امريكي.

هذه الخطوات والأفكار يمكن ان تتبع في جو خال من الأتباع الأنجلو-امريكيين والذين هم مسيطرون على النظام السعودي. فالخليفة فقط هو من بإممانه وحده ايجاد بيئة ينعم فيها السعوديون بالإستقلال السياسي والسيادة الإقتصادية الحرة من السيطرة الغربية.

كتبه بالإنجليزية عابد مصطفى